جريدة الديار
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024 02:47 مـ 4 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الاندبندنت تكشف الأسباب التي دعت روسيا لغزو أوكرانيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

لا تزال الأسباب التي أدت إلى اشتعال حرب روسيا على أوكرانيا ، مثار تسأولات والتي لم تقتنع بالإجابات الروسية الخجولة، أو بالنظريات الغربية المعقدة.

تقول صحيفة الإندبندنت البريطانية، إن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ما زالت مستعرة حتى الآن، مسجلة خسائر مدمرة، ما تسبب في إجبار ملايين الأوكرانيين على النزوح الجماعي.

وأشارت إلى أن فلاديمير بوتين بدأ الحرب بالادعاء أن جارة روسيا بحاجة لأن تكون منزوعة السلاح، وهي ذريعة لا أساس لها لشن استيلاء على أرض ضد دولة مستقلة.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن كييف قاومت محاولة بوتين لاستعادة الأراضي التي فقدتها موسكو مع انهيار الاتحاد السوفييتي، واستمرت في تحدي الصعاب بالدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية، بالمساعدات العسكرية الغربية.

وفي الخريف، شنت قوات زيلينسكي حملة كبيرة لاستعادة مدينة خاركيف المحاصرة، ونجحت في طرد القوات الروسية من خيرسون، لكن مع تنامي المقاومة الأوكرانية، صعدت موسكو تهديداتها، ما تسبب في القلق على الصعيد العالمي، من احتمال إطلاق العنان لحرب نووية.

وقال الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، إن المسؤولين الروس بدأوا إعداد مجتمعهم للاستخدام المحتمل للأسلحة النووية، لكنه أضاف أنه لا يعتقد أن الكرملين مستعد لاستخدامها.

ويعتقد الرئيس الأوكراني، أن هناك حاجة لاتخاذ إجراء لتجنُّب هذا السيناريو، مشيرًا إلى أن تهديدات روسيا تشكل «خطرًا على الكوكب»، وأن موسكو «اتخذت خطوة» بسيطرتها على محطة زابوريجيا النووية.

كيف بدأت الأزمة؟

بدأت التوترات الهادرة في المنطقة لأول مرة في ديسمبر 2021، عندما حشدت موسكو قواتها على حدودها الغربية مع أوكرانيا، ما أثار قلقًا دوليًا واسع النطاق.

وما أن دخل الأسبوع الأخير من فبراير 2022، حتى تحرك بوتين للاعتراف رسميًا بالمناطق الانفصالية الموالية لروسيا، جمهورية دونيتسك الشعبية (DPR) وجمهورية لوهانسك الشعبية (LPR) كدولتين مستقلتين، ما مكنه من نقل الموارد العسكرية إلى تلك المناطق، تحسبًا للهجوم المقبل، تحت غطاء توفير الحماية للحلفاء.

كان هذا التطور يعني أشهرًا من المفاوضات الدبلوماسية المحمومة التي قام بها أمثال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزيرة الخارجية البريطانية آنذاك ليز تروس، على أمل تجنُّب الكارثة التي لم تسفر -في النهاية- عن شيء.

وتقول «الإندبندنت»، إن العودة إلى أبعد من ذلك حيث عام 2014 تمنح الوضع الحالي مزيدًا من السياق، فموسكو ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية في ذلك العام، بعد طرد الرئيس الصديق لموسكو فيكتور يانوكوفيتش من السلطة، بسبب الاحتجاجات الجماهيرية منتصف الشتاء، التي شوهدت في كييف.

بعد أسابيع، ألقت روسيا بثقلها وراء حركتي تمرد انفصاليتين، في المنطقة الصناعية الشرقية لأوكرانيا، دونباس، التي شهدت -نهاية المطاف- إعلان دونيتسك ولوهانسك استقلالهما، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بهما.

واتهمت أوكرانيا والغرب روسيا، بإرسال قوات وأسلحة لدعم المتمردين، لكن موسكو نفت هذه المزاعم، مشيرة إلى أن الرجال الخضر الصغار الذين انضموا إلى قضية الانفصاليين، لم يكونوا جنودًا روسيين أو فعلوا ذلك طواعية، وبذلك افتقروا إلى شارات التعريف.

ثم جرى التوصل إلى اتفاق سلام عام 2015 اتفاقية مينسك2 بوساطة رئيس فرنسا آنذاك فرانسوا هولاند، والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل لإحضار خليفة يانوكوفيتش نهاية المطاف بيترو بوروشينكو وبوتين إلى طاولة المفاوضات، على أمل إنهاء إراقة الدماء.

وألزمت الاتفاقية، المكونة من 13 نقطة أوكرانيا، بمنح الحكم الذاتي للمناطق الانفصالية والعفو عن المتمردين، بينما ستستعيد أوكرانيا السيطرة على حدودها مع روسيا، في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون.

الاتفاق كان معقدًا للغاية ولا يزال محل خلاف، لأن موسكو لا تزال تصر على أنها لم تكن طرفًا في النزاع، وبذلك فهي غير ملزمة بشروطها.

عام 2021، أدى تصاعد انتهاكات وقف إطلاق النار في الشرق وتركيز القوات الروسية بالقرب من أوكرانيا، إلى إثارة المخاوف من اندلاع حرب جديدة، لكن التوترات خفتت عندما سحبت موسكو الجزء الأكبر من قواتها.

كيف هو الوضع؟

أصبح القتال مترسخًا حول بلدتي باخموت وسوليدار منذ أواخر عام 2022، حيث قاتل مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية القوات الأوكرانية، في الوحل والأنقاض ودرجات الحرارة دون الصفر، في ما أصبحت تعرف بحرب استنزاف وحشية.

وعن الوضع في باخموت، قال نائب قائد كتيبة سفوبودا الأوكرانية، فولوديمير نازارينكو: تتعرض المدينة وضواحيها ومحيطها، وبشكل أساسي اتجاه باخموت وكوستيانتينيفكا، لقصف مجنون وفوضوي.لكن بعد أشهر من الحرب المكلفة والعنيفة هذه، يُعتقد أن الروس بدأوا أخيرًا رؤية ضباب دعاية الكرملين، وفهم سوء تقدير بوتين للحرب على حقيقتها، بعد أن عانت موسكو خسائر مدمرة وعواقب اقتصادية، كنتيجة مباشرة لتصرفات قيادتها، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقالت الإندبندنت، إن الأنباء التي تفيد بأن عدد الجنود الروس الذين يموتون يوميًا بلغ 824 جنديًا في فبراير 2023، وهو أعلى بأربعة أضعاف من معدل الضحايا المسجل في يونيو ويوليو 2022، لن يؤدي إلا إلى زيادة الضغط على بوتين في الداخل، مشيرة إلى أن الإحجام المتزايد عن قتل مزيد من المجندين وانخفاض مستويات المعيشة، خاصة في دعم حرب غير محددة المعالم، أمر مرجح ويمكن أن يؤدي -في النهاية- إلى احتجاجات في الشوارع.

وقال السير جيريمي فليمنج، مدير وكالة المخابرات والأمن السيبراني، إن الروس يشعرون بعواقب خيار الحرب لزعيم الكرملين.

ماذا سيحدث؟

في أكتوبر الماضي، ردت روسيا على الضربات الأوكرانية على جسر رئيس، يربط شبه جزيرة القرم بأراضيها وهو أمر يدعو للفخر الشديد لبوتين عند افتتاحه لأول مرة بشن قصف صاروخي واسع النطاق على أوكرانيا.

ووصف بوتين تدمير الجسر على طول مضيق كيرتش بأنه عمل إرهابي يهدف إلى تدمير البنية التحتية المدنية ذات الأهمية الحاسمة.

وردًا على هذه الاعتداءات، اتهم زيلينسكي روسيا بمحاولة محو بلاده من على وجه الأرض، في غضون ذلك، يواصل الغرب تقييم مخاطر الحرب النووية.

فالرئيس الأمريكي جو بايدن حذر صراحة، من أن الصراع قد يؤدي إلى حرب نووية، إلا أنه مع ذلك أصر البيت الأبيض على أنه ليس لديه سبب للاعتقاد بتهديد وشيك من استخدام بوتين لهذه الأسلحة، حتى الآن.لكن بوتين أوضح بخطاب ألقاه في سبتمبر الماضي، أن روسيا ستدرس استخدام الأسلحة النووية ضد "الناتو" إذا تعرضت أراضيها للتهديد نتيجة للغزو.

وحذر بوتين، قائلًا: إلى أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بالإدلاء بهذه التصريحات عن روسيا، أود أن أذكركم بأن بلادنا لديها أيضًا وسائل تدمير مختلفة، وبالنسبة لبعض المكونات أكثر حداثة من تلك الموجودة في دول الناتو.وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن التهديد كان أبرز إشارة على إمكانية استخدام الأسلحة النووية من قِبل زعيم لديه إمكانية الوصول إلى تلك الأسلحة منذ عقود، وهدد بإعادة واشنطن وموسكو إلى ذروة التوترات، التي لم تشهدها منذ الحرب الباردة.

وأشارت إلى أن مسألة الطائرات المقاتلة بحاجة إلى حل بشكل عاجل، مع دخول الحرب مرحلة جديدة في الربيع، محذرة من أن الرئيس الروسي، قد يلجأ إلى تدابير أكثر صرامة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للحرب، بالنظر إلى أنه سيكون تحت ضغط هائل لتقديم انتصارات يمكن إثباتها إلى الجمهور الروسي، الذي ينفد صبره مع صراع لا طائل من ورائه.

وبحسب الصحيفة البريطانية ، فإنه لا يمكن استبعاد احتمال اندلاع الحرب، عبر حدود أوكرانيا واجتياح بقية أوروبا، رغم أن "الناتو" لا يزال مترددًا بشدة في حمل السلاح ضد روسيا، وسيبذل كل ما في وسعه لتجنُّب هذا السيناريو.