جريدة الديار
الأربعاء 8 مايو 2024 09:05 صـ 29 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الإفتاء تجيب عن حكم صيام قضاء رمضان بدون تأكيد النية

ورد إلى دار الإفتاء سؤالا يقول: هل يجب تبييت النية في قضاء صيام رمضان؟ فقد أفطرتُ يومًا في رمضان لعذرٍ، وفي أحد الأيام استيقظتُ عند الساعة العاشرة صباحًا ولم أكن قد تناولتُ شيئًا من طعامٍ أو غيره أو فعلتُ أمرًا ينافي الصيام؛ فهل يجوز أن أنوي الصيام في هذا الوقت بنية قضاء اليوم الذي عليَّ وأُكمل بقية اليوم صائمًا؟

ومن جانبها أكدت دار الإفتاء أن النية مطلوبة شرعًا في عموم الأعمال؛ سواء كانت من قبيل العبادات أو العادات؛ فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» متفق عليه. فدَلَّ الحديثُ على أنَّ ثواب الأعمال وجزاءها مُتوقفٌ على النية.

حكم نية الصيام

النية شرطٌ لصحة الصيام؛ كما في سائر العبادات، ويلزم تعيينها في الصوم الواجب قبل الشروع في الصيام؛ أي: قبل طلوع الفجر، ويكون وقتها في أيِّ جزءٍ مِن الليل؛ مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ لحديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ فَلَا صِيَامَ لَهُ» أخرجه النسائي في "السنن".

حكم تعيين النية ووقتها في قضاء ما فات من صيام رمضان

قضاء المسلم ما فاته مِن الصيام في رمضان واجبٌ شرعًا، وهذا القضاء لا يصح إلا بنيةٍ معيَّنةٍ من الليل قبل الشروع في الصيام؛ لأن صوم القضاء غيرُ متعيِّنٍ بوقتٍ محددٍ، فوجب تعيين النية فيه للتمييز بينه وبين صيام النافلة، كما أنَّ تعيين النية يكون بقصد الصائم قضاء ما فاته من الصيام في شهر رمضان من أول طلوع فجر اليوم الذي يريد صيامه إلى غروب شمس ذلك اليوم، وقصد صوم الجزء الماضي من اليوم مُحال، فوجب أن تكون قبل طلوعِ فجرِ اليومِ الذي يريد الصيام فيه، وقد تواردت على ذلك نصوص المذاهب الفقهية الأربعة:

قال برهان الدين المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 117، ط. دار إحياء التراث العربي): [ما ثبت في الذمة كقضاء شهر رمضان وصوم الكفارة: فلا يجوز إلا بنيةٍ مِن الليل؛ لأنه غير متعيِّن، ولا بد مِن التعيين مِن الابتداء] اهـ.

وقال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 520، ط. دار الفكر، مع "حاشية الدسوقي"): [(وصحته) أي شرط صحة الصوم (مطلقًا) فرضًا أو نفلًا (بنيَّة) أي: نية الصوم ولو لم يلاحظ التقرب لله (مُبَيَّتَة)؛ بأن تقع في جزءٍ من اللَّيل من الغروب إلى الفجر] اهـ.

قال العلامة الدسوقي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: من الغروب إلخ) بيانٌ للَّيل؛ فلا تكفي قبل الغروب عند الكافة، ولا بعد الفجر؛ لأن النية هي القصد، وقَصْدُ صومِ الجزء الماضي مِن اليوم مُحَالٌ] اهـ.

وقال كمال الدين أبو البقاء الدميري الشافعي في "النجم الوهاج" (3/ 287، ط. دار المنهاج): [(ويجب التعيين في الفرض)؛ وهو أن ينوي أنه صائمٌ مِن رمضان مثلًا، أو عن قضاءٍ، أو كفارة؛ لأنه قربة مضافة إلى وقتها؛ فوجب التعيين في نيتها كالصلوات الخمس] اهـ.

وقال علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 293-294، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (ولا يصح صوم واجب إلا أن ينويه من الليل معيَّنًا) هذا المذهب، نصَّ عليه.

يعني أنَّه لا بدَّ من تعيين النيَّة، وهو أن يعتقد أنَّه يصوم من رمضان، أو من قضائه، أو نذره، أو كفارته.. تنبيه: قوله: (إلا أن ينويه من الليل) يعني: تُعتَبَر النية مِن الليل لكلِّ صومٍ واجبٍ بلا نزاع] اهـ.

والنية محلُّها القلب، ويستحب التلفظ بها باللسان؛ تأكيدًا لها، ودفعًا لوساوس الشيطان؛ كما في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 343، ط. دار الكتب العلمية).

حكم تبييت النية لصيام قضاء رمضان

بناءً على ذلك: فإنَّ تعيين النية في صوم القضاء واجبٌ من الليل وقبل الشروع في الصيام بدخول وقت الفجر، ولا يصح تعيينها بعد ذلك، ويتحقق تعيين هذه النية بأن يعتقد أنه يصوم غدًا مِن قضاء ما عليه مِن رمضان، ولا يجزئ نية الصوم المطلق؛ لأن الصوم عبادةٌ مضافةٌ إلى وقتٍ.

وفي واقعة السؤال: لا يجوز للسائل أن ينوي صيام قضاء ما عليه من رمضان في صباح اليوم الذي يريد الصيام فيه.