جريدة الديار
الأحد 22 ديسمبر 2024 02:39 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”السيسي” يكشف موقف إثيوبيا من حل سد النهضة .. القصة كاملة

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

تدعم مصر وقيادتها السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، جهود التنمية داخل القارة الأفريقية من أجل الارتقاء بشعوبها، وإحداث نهضة حقيقية تمحو سنوات من الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التعليمية، وهذا النهج متبع من القاهرة منذ عقود طويلة.

وتتمسك مصر بحقوق الشعوب الأفريقية في التنمية ولكن دون إبخاس الآخرين حقوقهم، أو الجور عليها وإنكارها وضرب عرض الحائط بالقوانين والمعاهدات الدولية، ورفض الحلول الدبلوماسية، كما يحدث من قبل الأشقاء الإثيوبيين، الذين يصرون على الإضرار بمصالح مواطني دولتي مصب نهر النيل "مصر والسودان"، فيما يتعلق بحصولهم على حصصهم التاريخية من مياه النيل، واتخاذ موقف أحادي الجانب فيما يتعلق بمراحل ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.

وقامت مصر على مدار الـ10 سنوات الماضية، بطرق كل الأبواب لإيجاد حل دبلوماسي لقضية سد النهضة، وفقا للاتفاقيات الدولية ونصوص القانون الدولي "خاصة في ظل التعنت الإثيوبي"، متمسكة بحق شعبها التاريخي في الحصول على حصته من مياه نهر النيل، دون رفض أو إنكار لحق الشعب الإثيوبي في التنمية.

وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تأكيده على أهمية الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة مع الأشقاء الإثيوبيين، اليوم الاثنين 13 مارس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة وزراء الدنمارك عقب مباحثاتهما بقصر الاتحادية بالقاهرة، قائلاً "وجدت توافقًا وتفهمًا من رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن بشأن أهمية الوصول إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل السد مع الإثيوبيين".

وشدد الرئيس السيسي، على أن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا جدًا في الاستفادة من كل نقطة مياه موجودة في البلاد، سواء من خلال المعالجة وإعادة التدوير، أو من خلال تحلية مياه البحر على البحر المتوسط والبحر الأحمر.

وأضاف الرئيس السيسي "نحن بذلنا 10 سنوات من الجهد والحرص من جانبنا لإيجاد حل مناسب من خلال التفاوض، ونتفهم التنمية في إثيوبيا ونقول ذلك في كل مناسبة، ومستعدون للتعاون معهم في ألا يؤثر على المواطن المصري بأي شكل من الأشكال".

وتابع الرئيس "وجدت تفهما من قبل دولة رئيسة الوزراء على أن الدولة الأكثر جفافا في العالم هي مصر، وليس لديها فرصة لتحمل أي نقص من المياه في أي وقت من الأوقات".

ولفت الرئيس السيسي، إلى أنه لم يكن على نهر النيل أبدا عبر آلاف السنين، سد يؤثر على المياه سواء كانت هذه المياه كثيرة أم قليلة، مبينا أن حصة مصر من المياه كانت ثابتة ولا تتغير حتى لو كان هناك صعوبات، مشددا على أن المطلوب حاليا هو الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

ومن جانبه قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، الدكتور عباس شراقي، إن مصر لا يمكنها التحرك بشكل أحادي في أزمة سد النهضة، مؤكداً أن "مصر سلكت كل السبل القانونية والشرعية في التعامل مع الأزمة".

ولفت أستاذ الموارد المائية، إلى أن وجود السد العالي مصدر أمان للمسئول المصري في هذا الصدد، مؤكدا أن "إثيوبيا استغلت الظروف المصرية بعد ثورة 25 يناير أسوأ استغلال".

ونوه بأن زيارة رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف في 2011، كانت للتفاوض على وجود السد من عدمه أو تغيير موقعه، ثم تطور الأمر إلى حجم التخزين ومدى أمان السد، مشدداً على أن تقرير لجنة الخبراء الدولية وثيقة مهمة لمصر إذ تضم 4 خبراء من خارج دول حوض النيل، موضحا أن التقرير يؤكد أن "كل الدراسات مبدئية وتقوم على معادلات قديمة لا ترقى لمشروع بهذا الحجم".

واختتم أنه كان يجب عدم البناء إلا بعد التشاور ثم التفاوض وصولًا إلى الاتفاق النهائي لتحديد ارتفاع السد وسعته التشغيلية.

في أبريل 2011، أعلنت الحكومة الإثيوبية، تدشين مشروع إنشاء سد النهضة، لتوليد الطاقة الكهرومائية، وفي سبتمبر من نفس العام اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية، على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء سد النهضة، وبدأت هذه اللجنة أعمالها في مايو 2012، بفحص الدراسات الهندسية الإثيوبية، ومدى التأثير المحتمل للسد على مصر والسودان.

وفي مايو 2013، أصدرت لجنة الخبراء الدوليين تقريرها، بضرورة، إجراء دراسات تقييم آثار السد على دولتي المصب، وقد توقفت المفاوضات بعدما رفضت مصر تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب، ولكن في يونيو 2014، مصر وإثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى، وفي سبتمبر 2014، عقد الاجتماع الأول للجنة ثلاثية تضم مصر وإثيوبيا والسودان، للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية، والاتفاق على دورية عقد الاجتماعات.

وفي أكتوبر 2014، اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان على اختيار مكتبين استشاريين، أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد، وفي مارس 2015، وقع الرئيس السيسي ونظيره السوداني، عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين في العاصمة السودانية الخرطوم وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة"، وتضمنت هذه الوثيقة 10 مبادئ أساسية، تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.

وفي سبتمبر 2015، انسحب المكتبان الاستشاريان لـ "عدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات بحيادية"، وفي ديسمبر وقع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة الخرطوم، التي تضمنت التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقع من قيادات الدول الثلاث، وتضمن ذلك تكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع.

وبعد كل هذه الجهود والمحاولات، ظهر التعنت الإثيوبي جليا في أكتوبر عام 2017، حين أعلن وزير الري عدم التوصل لاتفاق، بعد رفض إثيوبيا والسودان للتقرير المبدئي، وأن الحكومة المصرية ستتخذ ما يلزم لحفظ حقوق مصر المائية، وفي هذا الإطار اقترحت مصر في ديسمبر 2017، اقترحت مصر على إثيوبيا مشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، التي تبحث في تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب، مصر والسودان، وهو ما رفضته إثيوبيا يناير 2018.

وفي سبتمبر 2018، من نفس العام، عقد وزراء الري من البلدان الثلاثة اجتماعا للجنة الفنية، بخصوص سد النهضة في أديس أبابا، ويعلنون عدم التوصل لنتائج جديدة وإجراء المفاوضات إلى وقت لاحق.

وفي فبراير 2019، على هامش القمة الإفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، عقد قادة الدول الثلاثة، اجتماعا أكدت فيه مصر على التوافق على عدم الإضرار بمصالح شعوبهم، كأساس تنطلق منه المفاوضات، وكذلك التوافق حول جميع المسائل الفنية العالقة، ولكن فشلت الاجتماعات المتعاقبة بين ممثلي الدول الثلاث في حل الأزمة، حتى أعلنت وزارة الري في سبتمبر 2019، تعثر مفاوضات وزراء الري بين الدول الثلاث بالقاهرة، والفشل في الوصول إلى اتفاق لـ"عدم تطرق الاجتماع للجوانب الفنية".

وفي أكتوبر 2019، أكد الرئيس السيسي، أن مصر بكل مؤسساتها ملتزمة، بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل، ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي، وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق.

ودخلت واشنطن في 6 نوفمبر 2019، على خط الأزمة واستضافت الأطراف الثلاثة، بوجود وزير الخزانة الأمريكية، ورئيس البنك الدولي للمرة الأولى، وصدر بيان مشترك جاء فيه أنه "تقرر عقد أربعة اجتماعات عاجلة للدول الثلاث، على مستوى وزراء الموارد المائية وبمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، تنتهي بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين، بحلول منتصف يناير 2020.

وانعقدت الجولة الأولى من الاجتماعات المشار إليها في 15 و16 نوفمبر 2019، بحضور ممثلين عن وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي في أديس أبابا، واتفاق على "استمرار المفاوضات والمناقشات الفنية حول آليات تشغيل وملء السد، خلال الاجتماع الثاني للجان الفنية".

كما انعقدت في الثاني والثالث من ديسمبر 2019، الجولة الثانية من تلك الاجتماعات بالقاهرة، وفي 21 و 22 ديسمبر، انعقدت الجولة الثالثة من المناقشات الفنية حول كافة المسائل الخلافية في الخرطوم، وفي 8 و 9 يناير 2020، انعقد الاجتماع الرابع لوزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبمشاركة البنك الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية، وأعلنت مصر وإثيوبيا وقتها انتهاء جولة المفاوضات دون اتفاق.

واستضافت واشنطن في 13 و14 و15 يناير 2020، وفود الدول الثلاث، لتقييم نتائج الاجتماعات الأربعة السابقة، وخرجت المفاوضات بتوافق مبدئي على إعداد خارطة طريق، تتضمن 6 بنود أهمها بالنسبة لمصر تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد، وفي 28 يناير 2020، استضافت واشنطن وفود الدول الثلاث مجددا، بحضور ممثلين عن وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، في محاولة لحل الأزمة.

وطلبت مصر رسميا في 20 يونيو 2020، تدخل مجلس الأمن في أزمة سد النهضة، في 26 يونيو من نفس العام أعلن الاتحاد الأفريقي رعايته لمفاوضات سد النهضة، وفي 28 يونيو أعلن مجلس الأمن الدولي في جلسة لبحث أزمة سد النهضة دعمه لجهود الاتحاد الأفريقي لتسوية النزاع، ولكن إثيوبيا لم تستجيب للمطالب الدولية بالمفاوضات وأعلنت في 15 يوليو بشكل منفر بدء بدء عملية ملء السد.

وأعلن وزير الخارجية سامح شكري - في 8 ديسمبر2020، تعثر المفاوضات، وفي 9 يونيو 2021، اجتمع وزراء الخارجية والري في مصر والسودان حول سد النهضة، وهو الاجتماع الذي قال فيه مسؤولو البلدين إن المفاوضات وصلت "إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي"، في حين أعلن جامعة الدول العربية في 15 يونيو 2021، دعم موقف مصر والسودان ودعت مجلس الأمن لبحث أزمة سد النهضة.

وأكد الرئيس السيسي - خلال كلمته التي ألقاها أثناء افتتاح قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود الليبية في 3 يوليو 2021، إن "الدولة المصرية تتفهم متطلبات التنمية الإثيوبية ولكن يجب ألا تكون تلك التنمية على حساب الآخرين".

وعقد مجلس الأمن الدولي في 8 يوليو 2021، جلسة لبحث أزمة سد النهضة بناء على طلب مصر.

وتقدمت مصر في يوليو الماضي، بشكوى لـ مجلس الأمن الدولي ضد التعنت الإثيوبي بعد قيام أديس أبابا بإرسال رسالة تفيد بقيامها ببدء الملء الثالث دون موافقة الطرف المصري والسوداني، حيث ترى القاهرة والخرطوم في ذلك السد خطرا على حصتهما من مياه النيل، بينما تشدد أديس أبابا على أهمية المشروع المائي لتوفير الكهرباء لملايين الإثيوبيين.