”وول ستريت جورنال”.. صناعة الأسلحة الأمريكية غير مستعدة للصراع مع الصين
كشفت دراسة نشرتها صحيفة وول ستريت الأمريكية، أن "صناعة الأسلحة الأمريكية" غير مستعدة لأي صراع مع الصين، وأشارت الدراسة إلى قصور في المخزون العسكري الأمريكي للأسلحة، بسبب حرب أوكرانيا. وإن دعم كييف يقوِّض قدرة واشنطن على ردع أي غزو صيني محتمل لتايوان.
وذكرت الدراسة أن الحرب في أوكرانيا، التي تقترب من عامها الثاني، في ظل دعم غربي مستمر لكييف، كشفت عن مشكلات في صناعة الأسلحة الأمريكية، الأمر الذي قد يؤدي، إلى إعاقة قدرة الجيش الأمريكي على خوض حرب طويلة الأمد، أمام خصم مثل الصين.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن واشنطن التزمت منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي بإرسال معدات وإمدادات عسكرية إلى كييف، تزيد قيمتها على 27 مليار دولار، لمساعدة القوات الأوكرانية في إضعاف الهجمات الروسية.
تضمنت هذه المساعدات معدات وإمدادات عسكرية من كل شيء، بدءًا من الخوذات إلى عربات الهامفي، ما كان سببًا في تخفيف الضربات الروسية على عدد من المدن الحيوية مثل كييف.
لكن الصراع الذي طال أمده، كشف أيضًا الخطر الاستراتيجي الذي يواجه الولايات المتحدة، إذ تتراجع مخزونات الأسلحة إلى مستويات منخفضة، كما أن شركات الدفاع غير مجهزة لتجديد تلك المخزونات بسرعة، وفقًا لدراسة أعدها سيث جونز، نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن.
وفي مقابلة مع "وول ستريت جورنال"، أوضح جونز أن القاعدة الصناعية الدفاعية، في رأيي، ليست مستعدة للبيئة الأمنية الموجودة مضيفًا أن الصناعة تعمل بطريقة أكثر ملاءمة لبيئة وقت السلم.
وبيّن أن الدراسة التي عكست آراء كبار العسكريين والدفاعيين والكونجرس والصناعة، وغيرهم من المسؤولين الحكوميين، أظهرت مدى سرعة نفاد ذخيرة الجيش الأمريكي، في صراع محتمل مع الصين، بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وأضاف: كيف يمكنك الردع بشكل فعّال إذا لم تكن لديك مخزونات كافية من الذخائر التي ستحتاجها لسيناريو اندلاع نزاع في مضيق تايوان؟.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه لأكثر من 20 عامًا، خاضت الولايات المتحدة حربًا في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى، لكن الصراع الأوكراني حرب تقليدية إلى حد كبير، تعتمد على الأسلحة الثقيلة.
ورأت أن انفجار أي صراع مع الصين في المحيطين الهندي والهادئ، سيكون مختلفًا عن الحرب البرية، التي تدور رحاها في أوكرانيا، إلا أنه يحتاج مع ذلك إلى الاستفادة من مخزونات الأسلحة الأمريكية.
ووفقًا لنتائج الدراسة، تُؤثر مشكلات القاعدة الصناعية، التي ترجع جزئيًا إلى إجراءات التعاقد العسكري والبيروقراطية البطيئة، في القدرة على توفير رادع موثوق به، في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أو مواجهة الصين في صراع عسكري محتمل.
وأوضحت الدراسة أن هذا النقص يجعل من الصعب على الولايات المتحدة الحفاظ على صراع طويل الأمد، كما أنه يُسلط الضوء على أن القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية تفتقر إلى القدرة الكافية على زيادة القوات لحرب كبرى.
وبينت الدراسة، أن معدل استهلاك الأسلحة السريع من قِبل الأوكرانيين، يُظهر التحديات التي يُمكن أن تواجهها القاعدة الصناعية الأمريكية، في صراع ممتد بشأن تايوان.
وقالت الدراسة إن عدد صواريخ "غافلين" المحمولة على الكتف المرسلة إلى أوكرانيا منذ أغسطس الماضي، على سبيل المثال، يُساوي إنتاج قرابة 7 سنوات، بناءً على معدلات الإنتاج في السنة المالية 2022.
كما أن عدد أنظمة ستينغر المضادة للطائرات، التي وصلت إلى كييف، يُمثل تقريبًا عدد الأنظمة المُصدرة إلى الخارج على مدى الـ20 سنة الماضية.
وفي الوقت نفسه، قلصت أكثر من مليون طلقة من ذخيرة عيار 155 ملم أرسلتها واشنطن إلى أوكرانيا، إمدادات الجيش الأمريكي، التي تقول الدراسة إنها تعد الآن منخفضة، كما باتت مخزونات نظام غافلين ومدفعية هاوتزر والرادارات المضادة للمدفعية منخفضة أيضًا.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن منصات، مثل نظام الدفاع الساحلي هاربون، الذي يُنظر إليه على أنه جزء مهم من استراتيجية الدفاع الخاصة بتايوان، تُعد متوسطة، رغم أن المخزونات الحالية قد لا تكون كافية لوقت الحرب.
بينما يُشير تاريخ التعبئة الصناعية إلى أن الأمر يستغرق سنوات حتى تتمكن القاعدة الصناعية الدفاعية من إنتاج وتسليم كميات كافية من أنظمة الأسلحة والذخائر الحيوية، وتعويض المخزونات التي استُهلكت، وفق الدراسة.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، أعرب قادة عسكريون عن إحباطهم المتزايد بشأن القاعدة الصناعية في الأشهر الأخيرة، إذ انتقد الأدميرال داريل كودل، قائد قيادة قوات الأسطول الأمريكي، صناعة الدفاع، لتأخرها في توريد الأسلحة.
وقال كودل، عندما سُئل عن تحقيق التوازن بشأن استعداد الجيش الأمريكي وسط شحنات مساعدات أمريكية بمليارات الدولارات لأوكرانيا: أنا لا أتسامح مع حقيقة أنهم لا يسلمون الذخائر التي نحتاجها.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه في حين تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من إرسال أسلحة بمليارات الدولارات إلى القوات الأوكرانية، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، يتوقع مخططو وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أنه لا يمكن إعادة تزويد تايوان بسهولة بعد بدء الصراع، إذ من المحتمل أن تحاصر القوات الصينية الجزيرة.
ونوهت إلى أن هناك تراكمًا لأكثر من 19 مليار دولار من الأسلحة الأمريكية إلى تايوان، بناءً على المبيعات المعتمدة منذ عام 2019.
وحسب الصحيفة، ركزت الدراسة على الحكومة الأمريكية التي لم تنجح في التكيف عندما يتعلق الأمر بالقاعدة الصناعية.
ورأت الدراسة أن اللوائح الحكومية التي تحكم المبيعات العسكرية عفا عليها الزمن، لافتةً إلى أن العملية الحالية يُمكن أن تستغرق من 18 إلى 24 شهرًا.
وأوضحت أنه في محاولة لمنع وقوع التكنولوجيا العسكرية في أيدي الخصوم، وضعت الولايات المتحدة نظامًا بطيئًا للغاية، للعمل مع دول خط المواجهة الحاسمة.واستشهدت الدراسة بمثال واحد، أضاف فيه قرار توفير نظام أسلحة غير مسمى إلى تايوان، عامين إلى تاريخ التسليم، باستخدام عملية المبيعات العسكرية الخارجية الأمريكية، ما يعني أن الأمر استغرق أربع سنوات للوصول إلى الجزيرة بحساب وقت الإنتاج.وقالت الدراسة: هذا فرق مهم وإشكالي بالنظر إلى التوترات المستمرة في مضيق تايوان.
ويعلق جونز على ذلك قائلًا: في حين أن نوع الأسلحة التي يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن تايوان تحتاجها للقتال يختلف -في كثير من الحالات- عما أرسِل إلى أوكرانيا، إلا أن الصراع في أوروبا كشف تصدعات داخل القاعدة الصناعية والحكومة، للتعامل مع المشكلة.
في الوقت نفسه، لم تتكيف الحكومة مع ما يعتقد جونز وآخرون أنها عقلية زمن الحرب، التي تتطلب خفة الحركة والكفاءة الحكومية، لتمكين صناعة الدفاع من إنتاج المزيد من الأسلحة.
في المقابل، نجحت الحكومة الصينية في الاستثمار بكثافة خلال السنوات الأخيرة في التحديث العسكري.
وأظهرت السيناريوهات الحربية التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الأشهر الأخيرة، أن الولايات المتحدة قد ينفد لديها بعض الأسلحة حال نشوب صراع مع الصين، بما في ذلك الذخائر بعيدة المدى والموجهة بدقة، في أقل من أسبوع.أمام هذه المخاوف، يوصي جونز بأن تعيد الولايات المتحدة تقييم احتياجاتها من الذخيرة الإجمالية، وحث الكونغرس على عقد جلسات استماع لهذه المسألة.
وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي في نوفمبر إن هذا الجهد يبذل بالفعل.
واقترحت الدراسة أيضًا إعادة تقييم المتطلبات الأمريكية لتجديد مخزوناتها، وإنشاء احتياطي استراتيجي من الذخائر، وتحديد خطة مستدامة لشراء الذخائر لتلبية المتطلبات الحالية والمستقبلية.