صواريخ ”باتريوت” تهدد وحدة أوروبا والناتو
أظهر التوتر بين ألمانيا وبولندا بعد رفض الأخيرة نشر صواريخ باتريوت على أراضيها، خلافا يهدد وحدة الناتو والاتحاد الأوروبي.
توتر العلاقات ظهر بعد عرض ألماني لنشر بطاريتي صواريخ باتريوت للدفاع الجوي في بولندا، بعد انحراف صاروخ أوكراني عن مساره ومقتل مواطنين بولنديين الشهر الماضي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك قال إن ألمانيا رفضت تسليم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع الجوي، والمفاوضات جارية لنشرها في بولندا.
وتابع بلاشتشاك في تغريد على تويتر: "بعد محادثة مع وزيرة الدفاع الألمانية، شعرت بخيبة أمل بعد سماع قرارها رفض نشر الصواريخ في أوكرانيا.. نشر الصواريخ في غرب أوكرانيا سيعزز أمن البولنديين والأوكرانيين، وبالتالي بدأنا العمل لنشر هذه المنظومات في بولندا وربطها بإدارة نظامنا".
وبحسب الصحيفة، فإن التوترات بين البلدين ليس وليدة اللحظة، فقد دأبت بولندا على توجيه انتقادات لألمانيا لاعتمادها على الطاقة الروسية وخطي أنابيب نورد ستريم اللذين تم إنشاؤهما لنقل الغاز الروسي الرخيص مباشرة إلى ألمانيا وتجاوز بولندا وأوكرانيا، ما دفع وارسو إلى اتهام برلين بأن علاقاتها الوثيقة مع روسيا والرئيس فلاديمير بوتين لم تكن ساذجة فحسب، بل أنانية."
وترى جانا بوجليرين، مديرة المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، إن الجانبين ارتكبا أخطاء في النزاع الحالي، والعلاقة تتدهور منذ سنوات، لكنها بلغت ذروتها حاليا وباتت تسبب ضررًا حقيقيًا، وهناك فجوة ناشئة بين شرق وغرب أوروبا، وأوروبا القديمة والجديدة، وهذا لا يصب سوى في صالح بوتين فقط."
وأوضح دبلوماسي ألماني رفيع المستوى، اشترط عدم ذكر اسمه، بأن ألمانيا اعتقدت أن عرض المساعدة العسكرية "لن يرفض" ، وستساعد في إقناع البولنديين بأن ألمانيا حليف موثوق به، حيث يحاول البولنديون شراء صواريخ باتريوت.
ولكن بعدما قبل وزير الدفاع والرئيس البولندي العرض سريعا، رفضه ياروسلاف كاتشينسكي، رئيس حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا، بعد يومين فقط.
ولم يقتصر الأمر على إصراره على أن تذهب صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا، بل أشار إلى أن ألمانيا، التي سيدير جنودها منظومة صواريخ باتريوت، لن تجرؤ على مواجهة روسيا.
لكن ألمانيا أوضحت أن الحلف لن ينشر قوات في أوكرانيا ويخاطر باندلاع حرب بين الناتو وروسيا. وأن أي قرار بإرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا يجب أن يكون قرارًا من حلف شمال الأطلسي، وليس قرارًا ثنائيًا.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة كبيرة من البولنديين يعتقدون أن وجود صواريخ ألمانية في بولندا فكرة جيدة، وهو ما دفع الحكومة البولندية إلى تغيير موقفها مرة أخرى لنشر الصواريخ على أراضيها.
لكن ذلك لم يخفف من التوتر الذي يشوب العلاقات، ففي أكتوبر ، طالبت وارسو برلين على نحو مفاجئ بدفع تعويضات عن الحرب العالمية الثانية، بقيمة 1.3 تريليون دولار من الخسائر في زمن الحرب، وهي قضية قالت برلين إنها تمت تسويتها عام 1990.
لكن انتقاد تردد ألمانيا تجاه مساعدة أوكرانيا، واستعداد فرنسا المبكر للدفع من أجل محادثات السلام على حساب أوكرانيا، لا يقتصر على بولندا، بل يجد صدى أيضًا في وسط وشرق وشمال أوروبا، رغم عدم تبني هذه الدول لهجة تصعيدية.
ويقول "بيوتر بوراس" من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "أثارت هذه الحرب موجة كبيرة من الانتقادات لأوروبا الغربية من بولندا ودول البلطيق، وأدى ذلك إلى تعميق الشكوك والانتقادات لألمانيا وفرنسا بشكل خاص، وزاد من عدم الثقة بشأن التعاون الأمني معهم، وأنه لا يمكننا الاعتماد عليهم، وأن بمقدورهم الاعتماد على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فقط.