المعارضة التركية تتهم الحكومة بتبيض أموال المخدرات لوقف التدهور الاقتصادي
صعّدت المعارضة التركية من تحذيراتها المتعلّقة بتحوّل البلاد إلى مركز عالمي لتجارة المخدّرات ومقر محبب لزعماء شبكات الترويج العالمية، وسط اتّهامات جدّية باعتماد الائتلاف الحاكم على أموال هذه التجارة المحظورة عالمياً لسد العجز في الموازنة، وإيقاف التدهور الاقتصادي وجذب القطع الأجنبي.
وفي خضم النقاشات والاتّهامات المتبادلة بين زعيم المعارضة التركية والمسؤولين الحكوميين، ساهمت أنباء عن اعتقال أحد أكبر زعماء مافيا المخدرات في البلقان في منزله في أحد أحياء اسطنبول الفاخرة، في دعم مزاعم المعارضة وصدقية اتّهاماتها.
راتّهم زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو الحكومة التركية ووزير الداخلية سليمان صويلو بتبييض أموال المخدّرات وتشجيع تجارتها قائلا عبر فيديو على تويتر: ينتشر وباء الميثامفيتامين في تركيا. منظومة القصر الرئاسي تغذي هذا الوباء. اليوم، سأخبركم كيف ينشر القصر هذا السم في شوارعنا لتبييض الأموال. إنه نتيجة للمال القذر.
فيديو كيليتشدار أوغلو فجّر جدلاً واسعاً في البلاد، وفتح نقاشات أخذ وردّ بين المعارضة والسلطة التي استنفرت، بمسؤوليها الحكوميين والأمنيين، للرد على الاتّهامات الثقيلة، بدءاً بفيديو نشره وزير الداخلية صويلو على حسابه في "تويتر" اتّهم فيه كيليتشدار أوغلو العائد من زيارة الولايات المتحدة بتنفيذ ما طلب منه أميركياً مشدداً على أنه "ليس من اللائق لمواطن في الجمهورية التركية أن يشوّه سمعة الدولة والشرطة والدرك والجيش في تركيا باتّهامات سد عجز الحساب الجاري بأموال المخدرات، ناهيك بكونه زعيم حزب سياسي.
وشرح الصحفي التركي المتابع لملف المخدّرات في تركيا، جينكيز أردينج، قال أن تصريحات كيليتشدار أوغلو وادعاءاته التي تستهدف سليمان صويلو لها أبعاد عديدة أولاً هناك مشكلة مخدرات خطيرة في تركيا على مستويي التهريب والإدمان، لذا من المهم أن يطرح كيليتشدار أوغلو هذه القضية على جدول الأعمال كسياسي، وهذا يعتبر البعد الأول.
ورأى أردينج أن كيليتشدار أوغلو من خلال إثارته قضية المخدّرات التي يتجاهلها السياسيون دائماً، نجح في إحداث استجابة في المجتمع التركي مضيفاً: أستطيع القول إن الكثير من الفئات الشعبية التي لم تكن على دراية بحجم مشكلة المخدرات كانت مذهولة.
لكن صويلو توعّد خصمه بمحاسبته، كاشفاً عن إجراءات سيتّخذها على المستوى الشخصي والمؤسسات الحكومة والحزبية ضده من رفع دعوى جنائية، وأخرى للمطالبة بتعويض مالي، مخاطباً كيليتشدار أوغلو بالقول: إذا لم تثبت حرفاً واحداً من هذا الافتراء، فأنت حقير.
واعتبر أردينج أن حقيقة تحويل صويلو هذه المزاعم الخطيرة إلى جدل بدلاً من توضيحها كوزير مسؤول، قلل من أهمية هذه المسألة، وكان لكيليتشدار أوغلو دور سلبي في ذلك.
أحرجت مزاعم المعارضة الحكومة التركية التي تتبنى خطاباً سياسياً يستند إلى القيم والمبادئ الدينية منذ فترة طويلة، وتسبب بانفجار الجدل بين الأوساط المتديّنة المؤيدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في ظل عجز وزير الداخلية عن إعطاء ردود واضحة على تصريحات زعيم حزب المعارضة الرئيسي.
ورغم أن اتّهامات كيليتشدار أوغلو استهدفت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الداخلية صويلو، إلا أن المديرية العامة للأمن التركي والقيادة العامة لقوات الدرك دخلتا طرفاً في هذا الجدل السياسي من خلال نشرهما تغريدتين منفصلتين على "تويتر" في الليلة نفسها، متوعّدين كيليتشدار أوغلو بملاحقته قانونياً.
واعتبر أردينج أن رد الفعل القاسي للحكومة على تصريحات كيليتشدار أوغلو سببه التداخل بين المخدرات والسياسات الحكومية، مثل إعفاءات الاستجواب عن مصدر الأموال، التي تهدف إلى جذب الأموال السوداء، بالإضافة إلى انزعاج الحكومة من فضائح الكشف عن حصانة المهربين في القضاء والبيروقراطية.