ماهر مقلد يكتب: الدكتور حاتم .. قصة وزارة الإعلام
الدكتور محمد عبد القادر حاتم رئيس وزراء مصر خلال حرب أكتوبر عام 1973 ووزير الإعلام الشهير فى تاريخ مصر قال فى حوار أجريته معه عن دوره فى انتصار إكتوبر المجيد : عندما كلفني الرئيس السادات قبل حرب أكتوبر 1973 بأن أكون مسئولا عن الحكومة وأن أنوب عنه في رئاسة مجلس الوزراء بجانب مسئوليتي عن وزارة الإعلام كان أول شيء فكرت فيه هو تحليل الموقف الدولي بصفة عامة والرأي العام بصفة خاصة، وانعكس ذلك على قرارى الأول فى مجلس الوزراء وهو عدم الإدلاء بأى تصريح مباشر أو تلميح عن الإعداد أو الاستعداد للحرب وانطبق ذلك علي العسكريين والسياسيين أيضا وكنا فى هذا نستفيد من الدروس السابقة نتيجة التصريحات غير المسئولة والتهديدات الجوفاء التى طالما ترددت و استغلتها إسرائيل لمصلحتها حتى حدثت هزيمة يونيو.
وبالتالى كانت إحدى أولوياتي هى استعادة ثقة الشعب في الحكومة وفي وسائل الإعلام الوطنية ثم بدأت إدارة الدولة بسرية تامة ولعل من أبرز ملامح تلك الفترة النغمة الجديدة التى لم يألفها الشعب من المسئولين من قبل حينما أعلن أن مصر تسعي لتحرير أرضها المغتصبة لأن هذا حقها وكلمة التحرير مقبولة لدى جميع الأجهزة الإعلامية الغربية بعكس كلمة الحرب.
وقال : كانت اجتماعات مجلس الوزراء تستمر 4 ساعات كاملة وفي سرية تامة ثم يعلن أنها لدراسة التعليم أو التموين وهى في الحقيقة كانت لإعداد الدولة للحرب، وأنى أذكر محاكمة مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وهى التى تمت بعد حرب 1973 وذكر فيها أن الإعلام المصري خدعنا أكبر خدعة، وأن هناك تنظيما جيدا بجوار الرئيس السادات أدى لبلاده أكبر خدمة للنصر.
وعنما سألته عن الثقة التى حظيي بها من الرؤساء جمال عبد الناصر وانور السادات وحسنى مبارك قال :
علاقتى تعود لسنوات الدراسة مع الرئيس جمال عبد الناصر حيث كنت زميلا له في مدرسة العطارين الابتدائية بالإسكندرية وكنا نذاكر معا، ثم بعد قيام الثورة عملت مديرا بمكتبه لشئون الإعلام والصحافة، ثم كلفنى بعد ذلك بإنشاء الهيئة العامة للاستعلامات وأن أكون المتحدث الرسمى باسم الحكومة،وخلال الدراسة كنا نشارك في المظاهرات وكان دائما يلقي القبض علي الرئيس عبدالناصر لأنه طويل القامة وهذا يجعله معروفا للبوليس الانجليزي.
وعندما أصبح رئيسا لمصر كان يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ويتابع بنفسه أدق التفاصيل ولا يكتفى بقراءة ملخص للصحف والنشرات الإخبارية بل كان يفضل قراءة الصحف والإستماع للإذاعات، ويوميا كانت تذهب إليه حقيبة منتفخة بها كل الصحف والمجلات وكنت أعانى من كثرة عدد الصحف والمجلات اللبنانية في ذلك الوقت حيث كان عددها يزيد علي 50 صحيفة ومجلة تملأ وحدها حقيبة صحف الرئيس.
و يقول كنت حتى سبتمبر 1966 نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للثقافة والإعلام والسياحة ثم تم تعيينى مستشارا فى مجلس الوزراء وطبعا المستشار حتمًا تُطلب منه الاستشارة ليقولها، وأذكر عندما فكرت في إنشاء وزارة الإعلام حدثت قصة طريفة، حيث تقدمت بطلب لإنشاء وزارة الإعلام بدلا من وزارة الإرشاد القومي وهناك من كان يؤيدنى وقال فى الاجتماع إنها وزارة ضرورية ومهمة جدا لأن الإعلام هو الراية التى ترفرف على كل مصر فتدخلت ضاحكا وقلت إن الهمزة أسفل وليست أعلى ضحك الجميع وهى أول وزارة فى العالم العربى والحقيقة لم أكن موجودا خلال النكسة ودون الدخول فى تفاصيل كثيرة كانت هناك مبالغات كبيرة من جانب الإعلام المصرى خلال حرب 1967 وبعد الهزيمة طلبنى عبدالناصر في يوم 15 يونيو، وكلفنى من جديد بإعادة تخطيط العملية الإعلامية لتجاوز حالة الإحباط التى كانت مسيطرة على الشعب و بمنتهى الصدق أقول إن سلاحى العريق خلال هذه السنوات كان الدراسة والاجتهاد، حيث ركزت في بداياتى كل جهدى في الحصول على أكبر قدر من الشهادات والدرجات العلمية المتنوعة
وقال : إن الرئيس السادات دعانى فى 13 مايو 1971 بأن أحضر لأتولى وزارة الإعلام لأنه فى ذلك الوقت كان هناك مشاكل بينه وبين عدد من الوزراء والذين أطلق عليهم اسم «مراكز القوى» وقال لي إن تعليمات وزير الإعلام محمد عبدالسلام الزيات والذى تم تعيينه منذ 48 ساعة فقط لا تنفذ وهذا يعنى أن سيطرة الإذاعة والتليفزيون خرجت عن رئاسة الجمهورية، وطلب منى الذهاب حالا إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون وقلت له سأذهب فى الصباح ولكنه أصر علي أن أذهب وكان الوقت ليلا مهددا بأنى إذا لم أذهب إلى التليفزيون فورا فسيضرب المتظاهرين هناك ويحدث مذبحة فاضطررت إلى الذهاب، وكان قد أعلن في التليفزيون قبل ذهابي عن ذلك وهناك وجدت حوالى 5 آلاف شخص من العاملين خارج المبنى فى انتظاري وحملونى من السيارة حتى مكتبى، واتصلت تليفونيا بالسادات وأخبرته بما حدث وجاء بعد ذلك إلى التليفزيون.