الشيخ أحمد علي تركي يكتب: نعمة الزواج
إن نعم الله علينا كثيرة ومن هذه النعم العظيمة نعمة الزواج وهو آية من آيات الله .
قَالَ تَعَالَى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ﴾
[الروم: 21]
وهو من سنن المرسلين كما قَالَ تَعَالَى :
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾
[الرعد: 38]
وَقَد تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِأَكثَرَ مِنَ امرَأَةٍ وَقَالَ :
إِنِّي أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي .
صحيح البخاري وصحيح مسلم
وقال تعالى مُرَغِّبًا في النكاح :
﴿ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ ﴾
[النساء: 3]
#وقد حثَّ عليه الشارع لما يترتَّب عليه من مصالح دينيَّة ودنيويَّة فمن ذلك :
#أولًا :
تكثير نسل أمة محمد صلى اللهُ عليه وسلم :
فالأمة كلما كثرت حصل لها من العزة والهيبة ما لا يحصل لها في حال القلة وذكَّر شعيب قومه بذلك فقال سبحانه عنه :
﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ﴾
[الأعراف: 86]
روى أبو داود في سننه مِن حَدِيثِ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رضي اللهُ عنه قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ:
إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟
قَالَ : لَا
ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ :
تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ .
سنن أبي داود
#ثانيًا
إحصان الزوجين :
فالزواج حصن للرجل والمرأة من الوقوع فيما حرم الله .
قَالَ تَعَالَى :
﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا ﴾
[الإسراء: 32]
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ رضي اللهُ عنه :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ .
صحيح البخاري وصحيح مسلم
#ثالثًا
أن الزواج ستر للزوجين ووقاية وجمال :
قَالَ تَعَالَى :
﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾
[البقرة: 187]
#رابعًا
أن المرأة سكن للرجل :
قَالَ تَعَالَى :
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾
[الأعراف: 189]
فكما أن الإنسان يتخذ المسكن ليستتر به ويتقي به الحر والبرد وغير ذلك فإن الزوجة تكون سكنًا لزوجها يطمئن إليها ويجد في قربها الأنس والراحة .
#خامسًا
المودة والرحمة بين الزوجين :
قَالَ تَعَالَى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ﴾
[الروم: 21]
#سادسًا
السعادة والإعانة على الطاعة، والخير :
روى ابن حبان في صحيحه مِن حَدِيثِ سَعدٍ رضي اللهُ عنه :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ :
الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ وَالْجَارُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ .
ابن حبان
وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ رضي اللهُ عنهما :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ .
صحيح مسلم
#سابعًا
سبب للغنى وكثرة الرزق :
قَالَ تَعَالَى :
﴿ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾
[النور: 32]
وقد كان بعض السلف ينصح من أصابته فاقة بالزواج لهذه الآية .
قَالَ أَبُو بَكرٍ رضي اللهُ عنه :
أَطِيعُوا اللهَ فِيمَا أَمَرَكُم بِهِ مِنَ النِّكَاحِ ، يُنْجِزْ لَكُم مَا وَعَدَكُم مِنَ الغِنَى .
تفسير ابن كثير
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما :
رَغَّبَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّزوِيجِ ، وَأَمَرَ بِهِ الأَحرَارَ وَالعَبِيدَ وَوَعَدَهُم عَلَيهِ الغِنَى فَقَالَ :
﴿ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾
تفسير ابن كثير
والناكح الذي يريد العفاف مُعَانٌ في نكاحه .
روى الترمذي في سننه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ :
الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ .
سنن الترمذي
#ثامنًا
إنجاب الذرية الصالحة :
قال تعالى عن زكريا :
﴿ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ﴾
[آل عمران: 38]
روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ :
إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ .
صحيح مسلم
وقال العلماء :
إن التزوج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادات لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة .
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رضي اللهُ عنه :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ .
والذي يُنْصَحُ به الشباب التبكير بالزواج ما دام قادرًا عليه ، تنفيذًا لوصية النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، ولما فيه من الفوائد والمنافع العظيمة .
#صفات الزوجة التي ينبغي اختيارها :
#أولًا
أن تكون ذات خلق ودين :
قَالَ تَعَالَى :
﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ﴾
[النساء: 34]
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ .
صحيح البخارى وصحيح مسلم
وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رضي اللهُ عنهما :
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :
الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ .
وقد وصفت المرأة الصالحة في حديث رواه النسائي في سننه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه قَالَ :
قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم :
أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ ؟
قَالَ : الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ .
سنن النسائي
#ثانيًا
أن تكون بكرًا :
لقول النبي صلى اللهُ عليه وسلم في الصحيحين مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي اللهُ عنه :
فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ ؟
لكن لو تزوج ثيبًا رغبة في الإحسان إليها أو لأي مصلحة يراها فهذا طيب .
فقد جاء في الصحيحين أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ لِجَابِرٍ رضي اللهُ عنه :
هَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ ؟
قَالَ جَابِرٌ : إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ .
صحيح البخاري وصحيح مسلم
#ثالثًا
أن تكون ودودة ولودة :
كما روى أبو داود في سننه مِن حَدِيثِ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رضي اللهُ عنه قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ :
إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟
قَالَ : لَا ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ :
تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ .
[16] [17].
سنن أبي داود
قال بعضهم :
يعرف ذلك بالنظر في حال أمها وجدتها وخالاتها وعماتها فإذا كن ولودات فهي في الغالب ستكون مثلهن .