جريدة الديار
الخميس 21 نوفمبر 2024 07:32 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ياسين غلاب يكتب: الحوار الوطني : رسالة لمن يهمه الأمر

ياسين غلاب
ياسين غلاب

مصطلح من كلمتين كافيتان لاستغراق المعنى ووصوله إلى متلقيه. البعض يحاول أن يضفى على بساطته مزيدا من الغموض والتعقيد، آخرون يعتبرونه نهاية الطريق وليس بدايته.. يشترطون أموراً بزعم أنها تمهد الثقة وتجعله جديا وكأنه يشككون بطريقة أو بأخرى به. الأمر بسيط جدًا إذا فهمنا معنى الحوار ومعنى الوطن.

حوار ووطني، أي ليس حوار سياسيا فقط وليس اقتصاديا ولا اجتماعيا فقط ..هو كل ذلك وأشمل. حوار عن الوطن وقضاياه ومشكلاته وتحدياته وطريقة العيش لأبنائه بين جنباته.

الحوار مثل أي حوار هو نقاش بين طرفين أو أكثر، بين وجهتي نظر أو أكثر للوصول إلى نتائج ملموسة لحل مشكلات أو تجاوز تحديات أو ربما تحسين شروط علاقة ما.

الحوار بين أبناء أو أشقاء متساوون الحقوق والواجبات يعيشون في بيت واحد كبير نسميه الوطن. بقدر سمو هذا الوطن وإجلاله وتقديسه وحبه يتسامى أسلوب الحوار وتتصاعد غاياته وأهدافه.

على ماذا يجري الحوار وكيف يجري ولماذا يجري..أسئلة بديهية وهي في ظني إجرائية لا أكثر ولا أقل، لأنه ببساطة حوار عن الوطن وإدارة العيش المشترك فيه، قد يختلف البعض على طريقة الإدارة لكن أبدا لا يختلفون عن الوطن. هذا شرط العيش في هذا الوطن.

الفترة الماضية كانت فيها تحديات ضخمة، لا تخطئها عين ولا يستخفها عقل، وإلا كنا عميانا ومجانين. الفترة الماضية كانت عن الحفاظ على الوطن...اليوم نحن نتحاور عن شروط تحسين العيش في هذا الوطن.

كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي هو حوار وطني غير مشروط ..نسمع فيه بعضنا بعضا ولا تسيطر عليه الدولة ولا توجهه كما ليس شرطا أن يقتنع المتحاورون بوجهة نظر واحدة فقط، لكن الشرط هو التجرد وأن يكون الهدف هو الحفاظ على الوطن.

العالم الحديث يعمل جماعيا ويعتمد سيناريوهات وبدائل للحلول. يدمج ما بين ثوابت الماضي ومعطيات الحاضر وتوقعات المستقبل. هذا الحوار يشترط الكفاءة والقدرة والتخصص ويسعى بكل قوة للنظر في سياسات المرحلة الماضية كلها، يصادق على الأصوب منها ويعدل الصواب فيها ويلغى الخطأ منها إن كان ثمة خطأ.

المتحاورون من أبناء الوطن الواحد ووجهة النظر الخاطئة في رأي البعض، صواب في رأي الآخرين. الخطأ والصواب هنا نسبيان إلا إذا كشفت المعلومات وتبين الحقائق للجميع. ساعتها يمكن للمتحاورين أن يستقروا على الحلول والبدائل أو يطوروا ويبتكروا أخرى.

ثمرة الحوار يجب أن يكون الحفاظ على الوطن, لكن ماذا يعني الوطن؟ الوطن هو الكيان الوجودي الحقيقي الثابت على هذا الكوكب، دونه لا توجد ثوابت أخرى؛ حتى الدين يحتاج لوطن ليزدهر فيه.

الوطن هو حكاية عمر وعشق وعرق ودم وصبر بتعبير أستاذنا الكبير محمد هزاع،

إذن الوطن ليس فندقا نملك فيه رفاهية تركه إذا ساءت الخدمة فيه، أو دعانا البعض إلى أن نقطن وطنا من الماضي حيث يملك فيه البعض أغلبية هذا الوطن، أو دعانا البعض إلى أن نستقر بخيالنا في وطن سماوي فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ فنقتل بعضنا بعضا ونسبي بعضنا بعضا.

لنراجع قسم الرئيس أول كلمة فيه: أقسم أن أحافظ على النظام الجمهوري. لا ملكية ولا سلطة دينية.

الوطن هو بيت نبنيه معا طوبة تلو الأخرى فيقيم فينا كما نقيم فيه، الوطن هو الصورة الحية لسلوكنا وغاياتنا وأهدافنا وإنسانيتنا وديننا..إذا فشلنا في فهم أنفسنا وهويتنا، وتجردنا من رغباتنا ومصالحنا الشخصية، فسيكون جنة لا جهنما..الوطن هو عملنا فلننظر في صدق نوايانا وصالح أعمالنا.

أتمنى أن يثمر الحوار عن غربلة قواعد الجمهورية الجديدة في التطبيق فلدينا دستور لا ينقصه المبادئ والمثل والأهداف والغايات ولدينا غابة من القوانين والقرارات واللوائح التي نريدها رشيقة بسيطة تعالج المشكلات بسرعة فالوقت لا يسعف.

أتمنى أن يثمر الحوار عن آليات في اختيار المسئولين ومحاسبتهم في إطار مبسط من القانون يحمي المرءوسين ولا يغل يد المديرين؛ مشكلتنا الأساسية أننا لدينا مؤسسات ضخمة في كل مجال، بعض من هم على سدة القرار فيها يحولونها إلى مؤسسات فارغة المضمون وعبء على الدولة. إذا نجح الحوار في خلق طبقة ذات كفاءة ووطنية وإخلاص في التعامل مع الشعب؛ ستزيد سرعة قطار العمل بالقفزات كما يقول الرئيس وسنصل اقتصاد التريليون دولار في سنوات لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة.