جريدة الديار
الأحد 22 ديسمبر 2024 06:03 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

اليوم ذكرى ميلاد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب

محمد عبد الوهاب
محمد عبد الوهاب

تحل اليوم ذكري ميلاد الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، ولد عبد الوهاب في ١٣ مارس لعام ١٨٩٨ بحي باب الشعرية بمحافظة القاهرة بعد انتقال أسرته من قريتهم بمحافظة الشرقية، كان والده الشيخ محمد أبو عيسى المؤذن والقارئ بمسجد سيدي الشعراني بباب الشعرية.

أُلتحق محمد عبد الوهاب بكتّاب جامع سيدي الشعراني بناءً على رغبة والده الذي أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالطرب والغناء.

شغف عبد الوهاب بالاستماع إلى شيوخ الغناء في ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، وكان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التي يغنى فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظه، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك.

قابل محمد عبد الوهاب الأستاذ فوزي الجزايرلي صاحب فرقة مسرحية بالحسين والذي وافق على عمله كمطرب يغني بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، وغنى محمد عبد الوهاب أغاني الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم محمد البغدادي حتى لا تعثر عليه أسرته إلا أن أسرته نجحت في العثور عليه وازدادت إصراراً على عودته لدراسته فما كان منه إلا أن هرب مع فرقة سيرك إلى دمنهور حتى يستطيع الغناء.

وافقت أسرته بعد ذلك على غناءه مع أحد الفرق وهي فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدي المحامي على مسرح برنتانيا مقابل 3 جنيهات في الشهر، وكان يغنى نفس الأغاني للشيخ سلامة حجازي، وحدث أن حضر أحمد شوقي أحد عروض الفرقة وبمجرد سماعه لعبد الوهاب قام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزي آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أًخذ تعهد على الفرقة بعدم عمل عبد الوهاب معهم.

التحق عبد الوهاب بعد ذلك بنادي الموسيقى الشرقي والمعروف بمعهد الموسيقى العربية حالياً، حيث تعلم العزف على العود على يد محمد القصبجي، وتعلم فن الموشحات، وعمل في نفس الوقت كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة علي الكسار كمُنشد في الكورال وبعدها فرقة الريحاني.

عاد عبد الوهاب ليكمل دراسة الموسيقي ويشارك في الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابل سيد درويش الذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل مقابل 15 جنيه في الشهر في فرقته الغنائية، وعمل في روايتي البروكة وشهرزاد، وبالرغم من فشل فرقة سيد درويش إلا أن عبد الوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له يستمع لغنائه ويردد ألحانه حتى وفاة سيد درويش.

في عام ١٩٢٤ أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبد الوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير، منهم أحمد شوقي الذي طلب لقاء عبد الوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبد الوهاب ما فعله به أحمد شوقي بمنعه من الغناء وهو صغير وذكّر أحمد شوقي بذلك الذي أكد له أنه فعل ذلك خوفاً على صحته وهو طفلا، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقي.

وتعتبر السبع سنوات التي قضاها عبد الوهاب مع أحمد شوقي من أهم مراحل حياته، حيث اعتبر أحمد شوقي مثله الأعلى، فكان أحمد شوقي يتدخل في تفاصيل حياة عبد الوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشراب، وأحضر له مدرس لتعليمه اللغة الفرنسية لغة الطبقات الراقية.

بدأ نجم محمد عبد الوهاب يبزغ على إثر تقديم أحمد شوقي له في الحفلات، فقدمه إلى رجال الصحافة مثل طه حسين وعباس محمود العقاد والمازني، وكذلك رجال السياسة مثل أحمد ماهر باشا وسعد زغلول ومحمود فهمي النقراشي إلا أن ذلك لم يمنع الآخرين من مهاجمته وخاصة من المطربين الذين تخوفوا من شهرته مثل منيرة المهدية.

ولحن الموسيقار محمد عبد الوهاب للشاعر الكبير احمد شوقي العديد من القصائد منها دمشق، النيل نجاشي، مضناك جفاه مرقده.

اتهم عبد الوهاب بأنه يقوم بتغريب الموسيقى العربية، وعلى الرغم من أن عبد الوهاب قدم العديد من الإيقاعات الغربية إلى الموسيقى، لكنه قدّم ذلك في إطار الأشكال المعروفة في الأغنية العربية، طقطوقة، ومونولوج غنائي، والقصيدة.

طلب الرئيس الراحل محمد أنور السادات من محمد عبد الوهاب وضع نشيد وطني لمصر، وفرح عبد الوهاب بهذا التكليف خاصة وان السادات منحه وقتها رتبة عسكرية فخرية هي رتبة لواء إلا أنه طلبه لوضع اللحن كان مشروطا وبشرط قاس، فقد طلب من عبد الوهاب عدم وضع نشيد جديد وإبداع لحن جديد وإنما فقط إعادة صياغة نشيد مصر الأول بلادي بلادي لسيد درويش.

وانطلاقا من مبدأ الوفاء للوطن ثم المعلم لم يجد عبد الوهاب أي غضاضه في ذلك واندمج في إخراج نشيد أستاذه سيد درويش في أبهى صورة يذكر أن السادات وضع تحت إمرة عبد الوهاب فرقة الموسيقات العسكرية المصرية الحائزة على المركز الأول بين الفرق العسكرية العالمية لعدة سنوات على التوالي، وبها أمهر الخبرات ولها كل الإمكانيات بدءا من الآلات حتى الملابس، ويتفرغ عبد الوهاب للمهمة في تواضع شديد واعتراف جميل بفضل موسيقار مصر الأول ونابغتها سيد درويش عليه وعلى البلاد، والذي استطاع توحيد أبناء أمته في نشيد رمزي من كلماته وأعاد توزيعه بعد نصف قرن من رحيله، ويقود محمد عبد الوهاب الموسيقى العسكرية وهو في زيه العسكري لتعزف نشيد بلادي لأول مرة في تاريخها ويتحول من نشيد شعبي إلى نشيد رسمي.

لحن عبد الوهاب للعديد من مطربين ذلك العصر ومن أهم هؤلاء كوكب الشرق أم كلثوم حيث لحن لها العديد من أهم أغانيها منها أنت عمري، على باب مصر، أنت الحب، أمل حياتي، فكروني، ودارت الأيام وغيرها.

ولحن عبد الوهاب أيضا للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ العديد من أغانيها منها إيه ذنبي ايه، فوق الشوك، ظلموه، كنت فين، ذكريات وغيرها من الأغاني.

كما لحن للعديد من المطربين والمطربات مثل شادية، فايزة أحمد، وردة، فيروز، أسمهان، صباح، وديع الصافي، طلال مداح، ليلي مراد وغيرهم.

شارك عبد الوهاب في التمثيل في فترة الثلاثينات والأربعينيات في ٧ أفلام سينمائية منها الوردة البيضاء، دموع الحب، غزل البنات، رصاصة في القلب وغيرها.

تم تكريمه بإنشاء متحف يحتوي على معظم مقتنياته الخاصة وهو يقع بجوار معهد الموسيقى في القاهرة، كما تم إقامة تمثال له في ميدان باب الشعرية حيث نشأ لتخليد ذكراه.

حاز عبد الوهاب على العديد من الجوائز، والأوسمة والنياشين منها الميدالية الذهبية في العيد الذهبي للإذاعة، الوسام الأكبر العماني، الوشاح الأول من الرئيس بورقيبة، وسام الاستقلال الليبي، وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وغيرها من الجوائز.

تزوج محمد عبد الوهاب ثلاث مرات، الأولى في بداية مشواره الفني وهي سيدة تكبره بربع قرن يُقال إنها أسهمت في إنتاج أول فيلم له هو الوردة البيضاء وتم الطلاق بعدها بعشر سنوات في عام ١٩٤٤ تزوج محمد عبد الوهاب بزوجته الثانية إقبال وأنجبت له خمسة أبناء هم أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة، واستمر زواجهم سبعة عشر عاماً وتم الطلاق في عام ١٩٥٧ كان زواجه الثالث والأخير من نهلة المقدسي.

وتوفي موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في ٤ مايو ١٩٩١ إثر جلطة كبرى وجسيمة بالمخ وشيعت جنازته في ٥ مايو بشكل عسكري بناءً على قرار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.