في ذكرى ميلاه.. مالا تعرفه عن المبدع زكي رستم
ولد الفنان الراحل زكي رستم في ٥ مارس لعام ١٩٠٣ بقصر جده في حي الحلمية، كان ينتمي لعائلة أرستقراطية حيث كان جده اللواء محمود رستم باشا ووالده محرم بك رستم الذي كان عضواً بارزاً بالحزب الوطني وصديقاً شخصياً للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد.
حصل زكي رستم علي شهادة البكالوريا عام ١٩٢٠ ولكنه رفض استكمال تعليمه فكان والده يريد أن يلحقه بكلية الحقوق لكنه اختار هواية التمثيل، وفي عام ١٩٢٤ فاز بلقب بطل مصر الثاني في حمل الأثقال للوزن الثقيل حيث كانت رياضة المفضلة.
التقى زكي رستم بالفنان الراحل عبد الوارث عسر الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية وكانت هذه نقطة التحول في حياته، وبعد وفاة الأب تمرد على تقاليد الأسرة العريقة معلناً انضمامه إلى فرقة جورج أبيض، فطردته أمه من السرايا لأنه مثل سيئ لإخواته، بعدما خيرته بين الفن والتحاقه بكلية الحقوق، فاختار المسرح فأصيبت بالشلل حتى وفاتها.
انضم رستم إلى فرقة عزيز عيد ثم تركه بعد شهور لينضم إلى فرقة اتحاد الممثلين وكانت أول فرقة تقرر لها الحكومة إعانة ثابتة لكن لم يستمر فيها طويلاً فتركها. بعد ذلك انضم إلى الفرقة القومية وكان يرأسها في ذلك الوقت الفنان خليل مطران وظل فيها عشرة أعوام كامل، اختاره المخرج محمد كريم ليشترك في بطولة فيلم زينب الصامت تأليف الدكتور حسين هيكل وإنتاج يوسف وهبي وكان أمام الفنانة بهيجة حافظ.
كتب عنه جورج سادول المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي إنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة كما اختارته مجلة بارى ماتش الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل عشرة ممثلين عالميين.
أطلق علي زكي رستم رائد مدرسة الاندماج، فكان نموذجاً رائعاً للنجم السينمائي المنفرد في مواهبه، الذي يقوى على أن يتقمص أية شخصية مهما تعددت حالاتها النفسية ومواقفها المتقلبة والمتلونة، فكانت الفنانة الراحلة فاتن حمامة تخاف من اندماجه عندما يستولى عليه فتقول: يندمج لدرجة أنه لما يزفني كنت ألاقى نفسي طايرة في الهواء.
عندما عرضت عليه شركة كولومبيا بطولة فيلم عالمي رفض زكي رستم ولما سألوه عن سبب الرفض قال: بغضب غير معقول اشتغل في فيلم يعادى العرب.
بلغ رصيد زكي رستم الفني ما يقرب من ٢٤٠ فيلما ولكن المشهور منها والموجود ٥٥ فيلم ومن أبرزهم نهر الحب، رصيف نمرة خمسه، الفتوة، بنت الأكابر، ياسمين وغيرها من الأفلام الناجحة.
كان رستم يعتبر الفن هو البلاتوه ولحظة خروجه منه تنقطع الصلة بينهما تماماً ولهذا لم يكن له أصدقاء، وصديقه الوحيد هو الفنان الراحل سليمان نجيب وكان معروفا بابن الباشا وكان يحترم ويحب الفنان الراحل عبد الوارث عسر، وعاش طوال حياته أعزب لا يفكر في الزواج لا يشغله سوى الفن.
في سنواته الفنية الأخيرة عانى رستم من ضعف السمع وكان يكره أن يستعين بسماعة من تلك الاختراعات الإلكترونية، وكان يسكن بمفرده في شقة بعمارة يعقوبيان بشارع 26 يوليو ولم يكن يؤنس وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عاماً وكلبه الوولف الذي كان يصاحبه في جولاته الصباحية.
حصل الفنان زكي رستم في عام 1962 على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس جمال عبد الناصر، وفي عام 1968 توقف الفنان زكى رستم تماماً عن التمثيل وابتعد عن السينما واعتزل الناس بعد أن فقد حاسة السمع تدريجياً وكان يقضى معظم وقته في القراءة.
وتوفي الفنان زكي رستم بعد رحلة عطاء فني في ليلة ١٥ فبراير عام ١٩٧٢ إثر إصابته بأزمة قلبية حادة نقل على أثرها إلى المستشفى وصعدت روحه إلى السماء دون أن يشعر به أحد ولم يمشي في جنازته أحد.