سيد الضبع يكتب: صلاح رشيد يثري معرض الكتاب بـ«قاموس الثقافة المصرية في العصر الحديث»
في تجربة فريدة من نوعها تمكن الكاتب الصحفي والأديب المبدع صلاح حسن رشيد من إثراء المكتبة المصرية بأحدث ابداعاته البحثية في عالم المعرفة والثقافة العربية، مستعرضاً تاريخ النهضة الثقافية التي شهدتها مصر على مدار القرنين الماضيين، والتي أسهمت بدورها في تأسيس مرحلة متطورة من التنوير الثقافي بمختلف الأقطار العربية والعالمية، وذلك بمؤلف موسع تحت عنوان "قاموس الثقافة المصرية في العصر الحديث" الذي صدر مؤخراً عن مكتبة الآداب بالقاهرة، في (704) صفحات، و يعرض حالياً بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الثالثة والخمسين بجناح مكتبة الآداب.
القاموس يرصد معالم ومظاهر الثقافة المصرية في(225 عامًا)، و يؤثِّق دور مؤسسات هذه الصناعة وصُنّاعها من مختلف الهيئات، والمراكز الثقافية لوزارات: الثقافة، والإعلام، والتعليم، والهيئات الثقافية الخاصة، ومتاحف، ومكتبات، وصحافة، ودور نشر، ومطابع، ومترجمين، ومستشرقين، وغربيين مروا بمصر، ومؤلَّفات، ومُحقِّقين، ومسرحيات وأفلام، وفنانين، ومخرجين، ومنتجين، ومصورين.
كما يوثق القاموس الانتاج القصصي في مصر، إضافة إلى الروايات والمسرح، والكُتّاب وعدد من الشعراء الذين أثروا الحياة الثقافية في مصر بإبداعاتهم المتفردة،وتضمن القاموس أهم الكُتُب، والمعاجم، وكُتّاب السيناريو والحوار، وبعض المطربين والمطربات، وعدداً من اللوحات الفنية الشهيرة، فضلاً عن توثيق بعض الأحداث الثقافية الكبرى، والبرامج التليفزيونية والإذاعية.
وفي سابقة تعد الأولى من نوعها حرص الكاتب الصحفي صلاح حسن رشيد على مواكبة التطور التكنولوجي والتقني وعمل على توثيق الألوان الجديدة من الإعلام الشعبي المتمثل في تطبيقات الـ "تيك توك" و"السوشيال ميديا"، و المواقع الإلكترونية، إضافة إلى رصده للعديد من المعارك الأدبية، ودور المقاهي الثقافية التي تحتضنها المحروسة، وأشهر الأغاني، والألحان، والأوبرات، والأوبريتات، والفولكلور، والأعلام، وغير ذلك.
ويمثل القاموس توليفة ثقافية ربما لم تجتمع من قبل في عملٍ من هذا القبيل على الصعيد المصري والعربي والعالمي، وهو نموذج فريدٌ في بابه وطريقته ومنهجيته، يتم تقديمه للقُرّاء والمثقفين والخبراء كأداة بحثية يمكن الاعتماد عليها في مختلف المجالات والتخصصات الثقافية.
تناول القاموس ثقافة مصر العريضة في العصر الحديث، الممتدة منذ مجيء الحملة الفرنسية عام 1798 إلى هزيمة الفرنسيين عام 1801، وما حدث نتيجة هذا الاحتكاك الحضاري والثقافي والعسكري من تقدم ويقظة والتفات إلى أهمية نقل العلم والثقافة التي سبقنا بها الغرب.
كما تطرق القاموس إلى حكم محمد علي باشا وأسرته العلوية، وما شهدته مصر آنذاك من عصر البعثات العلمية والثقافية إلى الغرب، وما ظهر فيها من إنشاء المدارس والصحف والمجلات والمتاحف، حتى حدثت نهضة وعلو على الصعيد الفكري والتعليمي والثقافي.
وتطرق القاموس إلى عصر ثورة يوليو 1952، وما أحدثته الثورة من إصلاحٍ كان له مردوده ثقافي متنوع، وأيضاً من تراجعٍ وسلبياتٍ لا تخفى على حياتنا الثقافية.
وما تلا ذلك من عصور: الرئيس محمد أنور السادات، والرئيس محمد حسني مبارك، وصولاً إلى ثورة 25 يناير 2011، وما أعقبها من ظهور جماعة الإخوان على الساحة السياسية، إلى مرحلة اختفائهم من المشهد السياسي والوطني بلا رجعة، ثم عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي (2014) حتى 2021.
وأسهب القاموس في الإشارة إلى بعض الرموز الفكرية التي تمكنت من زيارة مصر سواء من
العرب أو المستشرقين، ممن لهم باعٌ في مجال الثقافة والتنوير على أرضها، كما تطرق إلى المراكز الثقافية الأجنبية الموجودة في مصر، وما تبثه من إشعاعٍ ثقافي ملموس، ولم يتغافل القاموس أشهر الاغتيالات الثقافية، والتهديدات التي طالتْ بعض الأدباء.
وتفرد هذا القاموس دون غيره برصد بعض الظواهر الفنية الجديدة التي فرضت نفسها على الساحة الثقافية المصرية؛ كأغاني المهرحانات والراب، التي يراها البعض ظاهرةً سلبية، لكنه رصدها بشكل موضوعي بعيداً عن التحامل عليها أو الدفاع عنها.