اليوم .. 88 عامًا على ميلاده علي الشريف .. الفنان الموهوب الذي تنبّأ بوفاته
الديار- صلاح حسن رشيد
فنان بدرجة سياسي، وإنسان بمعنى الكلمة، موهوب في أدوار الفتوة والشر حتى أصبح علامةً فارقة في عالم السينما والمسرح والتليفزيون.
مثقف كبير، ومناضل ضد الظلم والقهر، وصاحب الأيدي البيضاء على مَنْ عرف، ومَنْ لم يعرف.
جمع بين الشهامة، والأخلاق العالية، والتلقائية في الأداء، وحب آل البيت، وعشقه للوطن؛ لدرجة أنه تعرَّض للاعتقال أكثر من ست مرات أيام عبد الناصر والسادات.
انه الفنان علي الشريف(1934-1987م) المولود في مثل هذا اليوم الثالث من يناير، والذي كان يجيد التمثيل بعفويةٍ واقتدار؛ فلم يدرس في معاهد التمثيل، وإنما التحق بكلية الهندسة، ليتركها بعد ذلك إلى كلية التجارة؛ بسبب ميوله السياسية، ودعوته للقومية العربية، وتبنيه الأفكار اليسارية.
في المعتقل، تعرَّف إلى الكاتب والسيناريست اليساري حسن فؤاد، حينما اشتركا في عمل مسرحية داخل الزنزانة؛ فأشاد بموهبته الفنية التلقائية العالية.
وتمر سنواتٌ بعد ذلك، ثم يكتب حسن فؤاد سيناريو فيلم الأرض عام 1968م، عن رائعة عبد الرحمن الشرقاوي، ومن إخراج يوسف شاهين، الذي كان يبحث عن شخصية غير نمطية تؤدي دور"دياب" في الفيلم؛ فلمّا عرض عليه حسن فؤاد قيام صديقه علي الشريف بأداء هذا الدور الصعب؛ صاح شاهين عندما رآه : "هذا هو دياب، هذا ما كنتُ أبحث عنه".
وعن هذا الدور الصعب، نال عدة جوائز وتكريمات، ومن وقتها، جاءته الشهرة، والأدوار المركبة الصعبة، حتى بات رمزًا للفتوة في أكثر من عملٍ.
كان إنسانًا مع زملائه، وفي بيته، ومع أبنائه، وداخل الوسط الفني،
كما كان مثقفًا، يقرأ باستمرار، ولديه رؤية فكرية، وموقف فيما يعرض له من قضايا وهموم.
من أفلامه الشهيرة، الكرنك مع علي بدر خان وفريد شوقي، وسعاد حسني، وعودة الابن الضال، والعصفور، ووداعًا بونابرت مع يوشف شاهين، والأفوكاتو، وكراكون في الشارع، والإنسان يعيش مرة واحدة، وحب في الزنزانة، ورجب فوق صفيخ ساخن مع عادل إمام، وغيرها من الأفلام.
ومن أبرز مسلسلاته، الأيام لطه حسين مع أحمد زكي، ودموع في عيون وقحة، وأحلام الفتى الطائر مع عادل إمام.
ارتبط بصداقة متينة مع سعيد صالح، وعادل إمام، وأبو بكر عزت، ومحمود المليجي، وسعاد حسني.
كانت آخر مشاركة فنية له، في مسرحية"علشان خاطر عيونِك" مع شريهان، وفؤاد المهندس، وفارق الدنيا قبل موعد عرضها بيومٍ واحد.
العجيب، أنه اشترى مسرحية "الحسين شهيدًا" للأديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، وظلَّ يقرأها بتأثُّرٍ بالغٍ ليلة وفاته.
والأعجب؛ أنه تنبَّأ بوفاته ليلتها، حينما شعر ببعض التعب؛ فأخبر زوجته، أنه سيموت غدًا، وأوصاها بكل شيء، وعرَّفها ما له، وما عليه، وبالفعل، مات في اليوم التالي!
والأغرب؛ أنه صاح بفرحٍ غامرٍ، وهو يلفظ أنفاسه، كما أخبرت زوجته، قائلًا بشوقٍ وارتياحٍ: "مدد مدد يا أهل البيت، مدد يا حسين، سامحنى يا الله، جايِلكُم يا أهل البيت"!