جريدة الديار
الأربعاء 8 مايو 2024 05:26 مـ 29 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ألفونس دي لامارتين السياسي والشاعر البارز محطات في رحلته

ألفونس دي لامارتين
ألفونس دي لامارتين

تحل اليوم ذكرى ميلاد شاعر والسياسي والشاعر  الفرنسي " ألفونس دي لامارتين " أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية  ولد في 21 أكتوبر 1790 ، و قد خاض برحلة حياته غمار السياسة، فتولى رئاسة الحكومة المؤقتة في فرنسا ، بعد ثورة 1848 ،و من أشهر أعماله "تأملات شعرية" (1820)، و "جوسلين" (1836)، و "سقوط ملاك" (1838) و من أشهر قصائده قصيدة البحيرة التي ترجمها للعربية " نقولا فياض "

كان " ألفونس دي لامارتين " كثير السفر وأقام مدة في " إزمير " في تركيا و كان ينتمي إلى طبقة النبلاء الفرنسيين، وهي أعلى طبقة في ذلك الزمان ، ولذلك نشأ وترعرع في قصر «ميلي» تحت إشراف أمه الحنون التي لم تكن تطلب منه أكثر من أن يكون إنسانًا حقيقيًا وطيبًا، لما يقول هو حرفيًا ، وبعد أن أكمل " لامارتين " دراساته في أحد المعاهد اليسوعية ، أي التابعة للمسيحيين،

وكان  يسافر في البلدان لكي يروّح عن نفسه كما يفعل معظم أولاد الأغنياء ، وهكذا سافر إلى إيطاليا عام (1811) وبقي فيها حتى عام 1814: أي حتى سقوط النظام الإمبراطوري بقيادة نابليون بونابرت وعودة الملك لويس الثامن عشر إلى الحكم ثم راح يهتم بالأدب والشعر وينشر أولى مجموعاته الشعرية عام 1820 تحت عنوان: «تأملات شعرية» وكان عمره آنذاك واحدًا وثلاثين عامًا،و هذا الديوان الأول جعل منه بين عشية وضحاها شاعرًا مشهورًا يشار إليه بالبنان ،

وبعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ اصدر "لامارتين " مجموعة شعرية ثانية تحت عنوان: تأملات شعرية جديدة ، ثم نشر بعدئذ عدة كتب من بينها: موت سقراط، واخر أنشودة جحيم للطفل هارولد.

وبعد أن سافر " لامارتين " إلى الشرق وتعرف على القدس في فلسطين حيث يوجد مهد المسيح ومقدسات المسيحية عاد إلى أوروبا وأصبح موظفاً في السفارة الفرنسية بمدينة فلورنسا الإيطالية. ثم تزوج من فتاة إنجليزية بعد عدة قصص حب فاشلة من بينها تلك القصة التي ألهمته قصيدة «البحيرةَ» الشهيرة، وهي من أشهر القصائد الرومانطيقية في الشعر الفرنسي. وقد ترجمت إلى العربية شعرً اعن طريق أحد الأدباء المصريين الكبار ، وبعدئذ انخرط "لامارتين " في الحياة السياسية وأصبح نائباً في البرلمان ، وقد سحر زملاءه بخطاباته الشاعرية الفياضة المليئة بالعواطف النبيلة تجاه الشعب الفقير. وكان لامارتين خطيباً في الدرجة الأولى.

ثم نشر "لامارتين " بعد ذلك عدة كتب مهمة من بينها: رحلة إلى الشرق (1835)، جوسلين (1836)، سقوط ملاك (1838)، خشوع شعري (1839)، كما نشر كتابًا عن تاريخ الثورة الفرنسية التي كانت لا تزال حديثة العهد ، وكان غريبًا في الأمر أن " لامارتين "ذا الأصل النبيل والارستقراطي أصبح من كبار مؤيدي الثورة الفرنسية التي أطاحت بطبقة النبلاء الارستقراطيين وامتيازاتهم الضخمة! وقد عارض بشدة الحكم الرجعي للملك لويس فيليب وكان أحد قادة الثورة الشعبية الشهيرة عام 1848 ، ثم أصبح عضوًا في الحكومة المؤقتة لفرنسا بل وزيراً لخارجيتها، ولكن لفترة قصيرة ، وكان من أكبر الداعين إلى إلغاء قانون الرقّ أو العبودية الذي يصيب السود.

ولكن صعود " نابليون الثالث "على سدة الحكم عام 1852 عن طريق انقلاب عسكري وضع حدًا لحياته السياسية فبعد أن أصبح اليمين الكاثوليكي في السلطة لم يعد له محل ،وهكذا انطوى " لامارتين " على نفسه وراح يكرِّس جل وقته للأدب والكتابة، ولكنه لم يواجه السلطة الديكتاتورية مباشرة كما فعل فيكتور هيغو لأن ذلك كان سيؤدي به إلى القتل أو إلى السجن أو إلى النفي، ولذلك فضّل الصمت والمعارضة السرية غير الناشطة،

وقد عاش السنوات الأخيرة من حياته بشكل تعيس وحزين، فقد كان مضطرًا للعمل ليلًا نهارًا لكي يستطيع أن يعيش ويأكل الخبز ، وذلك لأنه لم يستغل مواقعه السلطوية لكي يغتني كما فعل الكثيرون، وقد اشتكى في إحدى الرسائل إلى " فيكتور هيجو " بأنه يخشى أن يصادروا بيته ومكتبه والأثاث لأنه لا يستطيع أن يدفع الفواتير

ثم اضطر بعد ذلك " لامارتين " تحت ضغط الحاجة الماسة إلى قبول هبة من الدولة عام 1867، وقد عاب عليه المثقفون «اليساريون» ذلك واتهموه بالتواطؤ مع الديكتاتور المستبد نابليون الثالث، ولكن " لامارتين " لم يكن أمامه خيار آخر فقد كان "لامارتين " أحد أشهر شخصيات فرنسا في ذلك الوقت ، لكن " لامارتين "، فإنه مات مغموما ومهموما بعد ذلك بسنتين فقط في 28 فبراير عام 1869 م ، ورفضت عائلته تنظيم جنازة وطنية له خوفًا من أن تستغلها السلطة لمصلحتها.