جريدة الديار
الإثنين 25 نوفمبر 2024 02:16 صـ 24 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

بعدما اغتالته يد الإهمال والعشوائيات.. مشروع تطوير سور مجرى العيون يُعيد للقاهرة التاريخية بهائها وضيائها

مخطط تطوير منطقة سور مجرى العيون
مخطط تطوير منطقة سور مجرى العيون

يعتبر مشروع تطوير سور مجرى العيون من أكثر المشاريع التي لاقت رواجا وانتشارا في الآونة الأخيرة على العديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي احتفت بانتهاء عصر الإهمال الذي طال هذه المنطقة الهامة الشاهدة على فترة من أهم الفترات في عمر القاهرة، وكذلك نظرا لأهمية سور مجرى العيون والذي كان يطلق عليه "قناطر المياه" ويعتبر من أهم معالم القاهرة الإسلامية ويقع في منطقة من أهم مناطق مصر القديمة، وقام بإنشاء هذه القناطر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، ثم جددها السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وأقام لها السلطان الغوري خلال حكمة مأخذا للمياه به ست سواق بالقرب من مسجد السيدة عائشة.

وأطلقت الدولة مشروعا يهدف لترميم الأجزاء المتهدمة من سور مجرى العيون، وإحياء السواقي، وإضاءته بالليزر، وإقامة الحدائق والاستراحات والكباري المعلقة، إلى جانب مرسى على النيل يربطه بالمناطق السياحية الأخرى، وذلك عن طريق المجلس الأعلى للأثار بالتعاون مع وزارة السياحة، وجهاز التنسيق الحضاري، بهدف إعادة السور لسابق عهده كأقدم سور تاريخي ووضعه على خريطة السياحة العالمية.

ذهبت جريدة "الديار" لمنطقة سور مجرى العيون لتشاهد ما تم من إنجازات وتطوير وتغيير في هذه المنطقة الأثرية الهامة وتحدثت مع بعض الأهالي المجاورين لسور مجرى العيون، وتجولت بمحيط السور لترى ما تقوم به الدولة من تطوير عمراني على أرض الواقع، فالمباني العشوائية والمدابغ التي كانت تعج بها المنطقة، وإسطبلات الخيول، والعربات الكارو التي كانت متراصة على جانبي الطريق، اختفت تماما وتغيرت معالم المنطقة، لتكون شاهدة على واحدة من أهم فترات النهوض والتخطيط العمراني في مصر.

باب القرافة بالسيدة عائشة

في البداية قال سيد حافظ المعماري -عامل جلود: إن سور مجرى العيون من أروع الأماكن التراثية في القاهرة ويمتد من منطقة فم الخليج وحتى باب القرافة بالسيدة عائشة، متابعا عندما كنت صغيرا كنت أتجول ورفاقي بجوار السوار وفوقه، حيث أنه يعد أحد رموز مدينة الفسطاط، وللأسف شهد خلال فترات طويلة حالة من التدهور رغم كونه أثرا عظيما.

ويرى المعماري، أن مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون بمثابة تحول جذري في تاريخ السور، ويعيد له ما كان عليه وأفضل، خاصة بعد انتقال المدابغ وإسطبلات الخيول والمنطقة التي كانت خلفه، والتي كانت أحد أهم الأسباب في تدهور السور، وتحويل هذا الأثر إلى مقلب للقمامة وتعليق الجلود ومرابط للخيول والدواب، متمنيا أن يخصص المسؤولين يوما سنويا يتم فيه إضاءة السور، كرمز احتفالي بإعادة إحياءه مرة أخرى.

تغيير شكل المكان 

وبدورها، تحدثت الحاجة عزيزة محمود -ربة منزل، عن تخوفها عندما بدأ الحديث عن تطوير المنطقة هي وكامل أهل المنطقة، خاصة وأن أولادها وأولاد أغلب سكان الحي يعملون في المدابغ، قائلة: صناعة الجلود هي أكل عيش أولادنا وبتأكل ناس كتير ونقلها من المكان سيكون دمار لهم، متابعة: عندما رأينا المنطقة التي خصصتها الدولة لورش الجلود زالت تلك المخاوف، وتأكدنا من أن الدولة لا تنسى أبناءها وأنها عازمة على النهوض بكافة القطاعات.

وأضافت: أن تطوير المنطقة السكنية والارتقاء بالأوضاع المعيشية لأهالي منطقة سور مجرى العيون أمرا طال انتظاره، هذا السور الذي كان يأتي له الناس طيلة الوقت لتصويره عندما كان يعاني من الإهمال وتهدم أجزاء وكانت القمامة تحاصره، سيكون قبلة تجذب العديد من السياح الذين سيتأتون من شتى بقاع الأرض لتصوير جزء من حضارة مصر الإسلامية، وهذا المشروع غير شكل المنطقة بأكملها بل وسيحول المنطقة إلى أحد المزارات السياحية الهامة في القاهرة.  

مشروعات التطوير العمراني

"منذ صغري أعيش بهذه المنطقة وأرى التدهور يزداد بها يوما بعد الأخر"، بهذه الكلمات بدأ سيد زينهم -تاجر خيول، حديثه مع الديار، متابعا: العين دي كلها كانت مهملة لسنوات طويلة وأعادت مشروعات التطوير العمراني لها الحياة مرة أخرى، والكثير من الأهالي تنتظر أن تتسلم شققها الآدمية بعد الانتهاء من تشطيب العمارات السكنية.

وأشاد زينهم باهتمام الدولة بتطوير المناطق العشوائية، خاصة تلك المناطق التي لها أهمية تاريخية، متابعا هذا السور شاهدا على العصر الإسلامي للقاهرة وإعادة إحياءه يعيد لقاهرة المعز روح فترة تاريخية هامة حيث قام بإنشاء هذه القناطر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية، وهو من أهم الشخصيات العربية في التاريخ الإسلامي والحربي والعسكري.

مشروع إحياء سور مجرى العيون

يهدف مشروع إحياء سور مجرى العيون الذي مضى على إنشاءه أكثر من خمسمائة عام لإعادة السور لسابق عهده كأقدم سور تاريخي، ووضعه على خريطة السياحة العالمية، حيث قالت الحكومة إنه يتم العمل وفق نظام متناغم لتطوير السور الذي تم منذ سنوات ترميمه تحت إشراف المجلس الأعلى للأثار، وامتدت إليه يد الإهمال مره أخرى، حتى اتخذ المشروع بعدا جديدا بضرورة الارتقاء بالمنطقة المحيطة بالسور حتى تكون خط الدفاع الحقيقي لحمايته من الملوثات والاعتداء عليه.

السور التاريخي تحول مع الوقت إلى مقلب للقمامة، وحظائر للحيوانات، وأصبح غير موجود على الخريطة السياحية، بعدما تراكمت على جانبيه تلال من القمامة والمخلفات، حتى قررت الحكومة نقل المدابغ إلى مدينة الروبيكي وتوفير سكنا بديلا لهم بمدينة بدر، وتم إزالة مليون ونصف طن مخلفات من داخل المنطقة وتم نقلهم إلى مقالب القمامة العمومية.

وتشمل المشروعات الجاري تنفيذها بمحيط سور مجرى العيون بجانب الترميم: إنشاء المحور الترفيهي على مساحة 52 ألف متر بارتفاع 4 أدوار بإجمالي مسطح 163 ألف متر تقريبا للأدوار الأربعة، وتشمل جراج ودور أرضي وأول "مسارح وسينمات ومحال ومطاعم وبلازما"، والطابق الثاني يضم غرف فندقية، بالإضافة إلى تنفيذ مسرح مكشوف على مساحة 4 آلاف متر تقريبا، كما يتم تنفيذ ما يقرب من 80 عمارة سكنية، ويتم تشطيبها بالتوازي مع أعمال الأنشاء والتي تشمل 1286 وحدة سكنية، ومن المقرر أن تنتهى المرحلة الأولى من التطوير بمحيط سور مجرى العيون نهاية العام الجاري وسيتم استكمال باقي المراحل تدريجيا.

ويحول المشروع المنطقة إلى منطقة سياحية وثقافية بإقامة محلات للحرف اليدوية والمنتجات الجلدية إلى جانب المطاعم والمقاهي وتمليكها لأهالي المنطقة، وستضم أيضا قاعات للعروض الثقافية والحفلات، وستتولى إدارة خاصة للأمن حفظ الأمن مع تخصيص إدارة للنظافة يشارك فيها الأهالي.