جريدة الديار
الأحد 24 نوفمبر 2024 10:20 صـ 23 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ثروات أفريقيا.. ووجه أوروبا القبيح

لطالما كانت ثروات أفريقيا قديما وحتى الآن مستباحه من دول الغرب الكبرى، وما تمتلكه القارة من يورانيوم وبترول وذهب وماس بالإضافة لأراضيها الزراعية الخصبة وغيرها من الموارد الآخرى والتي من المفترض أن تكون سبيل لنهوض وتحضر تلك الدول، جاءت على دول أفريقيا بالخراب لطمع المستعمرين في نهب تلك الثروات والتي كانت أساس لعظمه بعض دول الغرب، وللوصول لتلك الثروات استعبد الغرب شعوب أفريقيا وأرتكب أبشع الجرائم التي تناقض تماماً حقوق الإنسان والحريات

فرنسا ، ألمانيا ، بريطانيا ، إيطاليا وأبرزها بلجيكا ، تعرف معنا على أبشع جرائم الغرب في بلاد إفريقيا 

أولا- فرنسا 

في عام ١٥٢٤ بدأت فرنسا في غزو دول أفريقيا وسيطرت على أكثر من ٢٠ دولة من شمال وغرب أفريقيا بمعدل ٣٥٪ من دول القارة، وأستعمرتها لمدة ثلاث قرون أنتهكت فيها حقوق الإنسان وكل الاعراف الدولية، فقد أستُخدمت دول كالسنغال وساحل العاج وبنين كمحور لتجارة الرقيق، ناهيك عن قتل أكثر من مليون شخص من مناضلي هذه الدول ضد الإستعمار الفرنسي الذي نجح في قمع الثورات بالعنف والقتل في تلك الفترة 

أما عن أبشع الجرائم الفرنسية كانت في الجزائر ، فخلال قمعها للمقاومة الجزائرية ابادت فرنسا أكثر من مليون مواطن جزائري فيما أُجبر البعض الآخر على الهجرة وترك منازلهم، ناهيك عن الإبادة الثقافية فمنذ عام ١٨٣٠ صبغت فرنسا العديد من مراكز الثقافة والدين في الجزائر لمحاولة تشتيت المواطن الجزائري عن ثقافته ودينه ، إستمرت أعمال القتل والإبادة بشكل ممنهج كمذبحة سطيف عام ١٩٤٥ والتي تعتبر من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث عندما قامت فرنسا بإعدام ٤٥ الف جزائري خلال يوم واحد، وإستمرت الإنتهاكات الفرنسية في الأراضي الجزائرية حتى أعلنت البلاد إستقلالها عام ١٩٦٢ 

أما عن دور فرنسا في جرائم الاباده الجماعية التي وقعت في رواندا فكان رئيسياً، عندما ساعدت في إبادة أكثر من ٨٠٠ ألف مواطن من قبيلة "التوستي" عندنا ساندت نظام "الهوتو" المتطرف وأمدته بالأسلحة بدلاً من إخماد الصراع والحرب الاهلية في رواندا، وقد تلخص ذلك بتصرح الرئيس الفرنسي آنذاك "فرانسوا ميتران" عام ١٩٨٨ أن الاباده الجماعية في هذه الدول ليست بالأمر المهم!

ثانياً-إيطاليا

في ٢٩ من سبتمبر لعام ١٩١١ وجهت إيطاليا إنذار بالحرب إلى الدولة العثمانية وفي اليوم الموالي حاصر الأسطول الايطالي سواحل ليبيا لمده ثلاث أيام تخللها عمليات قصف لطرابلس حتى سقطت في يدهم، لقد سعت إيطاليا من أستعمارها لليبيا أن تجعل منها موطناً مكملاً لإيطاليا ولتوطين المزارعين الإيطاليين على حساب المواطنين المحليين وأراضيهم الزراعية الخصبة، ولتحقيق ذلك أتبعت الحكومة الإيطالية أساليب قمعية كمصادره الأملاك وإقامة المعتقلات الجماعية وتشجيع الإيطاليين على الإستقرار في ليبيا ليجعلوا منها موطناً لهم، واتبعت إيطاليا في الفتره بين ١٩٢٢ و ١٩٣١ مايُعرف بالتهدئة الليبية وهي واحدة من أعنف أشكال مكافحة التمرد في التاريخ الغربي  وعليها تم إمداد سياج من الأسلاك الشائكة بطول(٣٠٠ كيلومتر) على الحدود الليبيه المصرية لمنع الإمدادات المصرية إلى ليبيا  وتهجير حوالي ١٠٠ الف مواطن ليتوهوا في الصحراء التونسية و الجزائرية بدون طعام ولا مأوى ومن ثم قطع رأس كبير المجاهدين "عُمر المختار" ومن ثم جميع خلفائه، وقد أثبت ذلك الأسلوب نجاحه في كبح جماح التمرد الليبي، لكن ذلك لم يكن هيناً على ليبيا، فقد أنخفضت أعداد السكان في ليبيا بعشرات الآلاف وزاد الفقر والجهل وتدمرت المحاصيل الزراعية وحتى الماشية لم تسلم من بطش اليد الإيطالية 
أرتكبت أيضاً القوات الإيطالية مذبحة غاشمة في المنشية وأبادوا أهلها بالكامل ولم ينج من تلك المذبحة اي أحد، وأيضاً شرعت الحكومة الإيطالية قوانين لتجنيد الشباب الليبي لأستغلالهم في الحروب التي تخوضها إيطاليا في إسبانيا والحبشة، وفي عام ١٩٣٢ بلغ عدد الجنود الليبية المُجندة ٩ آلاف مُقاتل 
بتجريد المواطنين الليبيين من سلاحهم  وإقامة المذابح الجماعية وفرض الأسلاك الشائكة على الأراضي الزراعية وتهجير سكانها، فقد بلغت إنتهاكات الحكومة الإيطالية في ليبيا مبلغاً كبيرا أظهر وجه إيطاليا الاستعماري القبيح وأساليبه الدنيئة

ثالثاً-ألمانيا

بدأت الإمبراطورية الألمانية غزوها لأفريقيا عام ١٨٨٤ لتصبح رابع أكبر مُستعمر في إفريقيا، وظلت متواجده للعام 1909 ليصبح التواجد الألماني في القارة الأفريقية ٢٥ عام، وتأسست الإمبراطورية الألمانية في دول ناميبيا وكينيا والكاميرون وتوجو وأجزاء من تنزانيا، ورغم قَصر مدة إستعمارها إلا أن الجرائم والإنتهاكات الألمانية كانت كبرى ولم يمحوها التاريخ من الأذهان 
أبرزها مجازر الإبادة الجماعية في دولة ناميبيا لجماعات ( ناما وهيريرو ) والتي أسفرت عن قتل ٧٠ ألف من أفراد الجماعتين في الفترة بين ١٩٠٤ و١٩٠٨، وكانت عمليات الإبادة في ناميبيا أحد أكثر الأعمال وحشيه، وهي أول اباده جماعية في القرن العشرين فقد كانت الجنود الألمانية تقتل أي فرد من قبيلة "الهيريرو" بدون أي سبب وسواء كان مُسلح أو أعزل  وقد قال  الجنرال الألماني "فون ترونا" يأنه لن يقبل بمزيد من الأطفال والنساء مُلمحاً لقتل أي مدني من القبيلة المعنية التي لم ينج منها سوى ١٦ ألف مواطن ولكنهم أحتُجزوا في معسكرات إعتقال وهي الأولى من نوعها في التاريخ الحديث، ليموت بعضهم ويهرب بعضهم الآخر بعدما فقد كل سُبل الحياة،
وفي تنزانيا أيضاً قامت الإمبراطورية الألمانية بجرائم شنيعة فقد قُتل حوالي ال ١٠٠ ألف شخص خلال مايُعرف بثورة "ماجي" عام ١٩٠٥ ، وقامت القوات الألمانية بإجبار الأطفال والشيوخ والنساء إلى الترحيل لصحراء "أوماهيكا" ليتركوهم للموت في أرض قاحله، بعضهم التحق بالمستعمرات البريطانية في الشمال هرباُ من الجوع ويُقدر عددهم بألف نازح تقريباً 

المانيا قامت بمختلف أشكال العُنف المُمنهج من أجل الإستيلاء على جزء أكبر من الأراضي الافريقية، 
أيضاً أستخدمت الإمبراطورية الألمانية بعض من الجثث الإفريقية من ضحاياها في ناميبيا وبعض المستعمرات الأخرى لدراستها من الناحية العرقية ولإثبات تفوق الرجل الأبيض وخصوصاً الألماني على باقي الأجناس الأخري

رابعاً-بريطانيا 

أستحوذت "الإمبراطورية البريطانية العظمى" على أكثر من دولة أفريقية منها مصر والسودان وجنوب أفريقيا وغانا وجامبيا وسيراليون والصومال ، وقام حُكمها على صبغ ثقافات الشعوب والتمييز الطبقي ونهب ثروات وخيرات مُستعمراتها الإفريقية وتأمين مستعمراتها في الهند 
ففي جنوب أفريقيا أستخدمت الإمبراطورية البريطانية ما يُسمى بنظام " الابارتهايد" وهو نظام قائم على الفصل العُنصري في الفترة بين ١٩٤٨ و ١٩٩٤، ومن أهم قواعده هي فرض حُكم الرجل الأبيض ( الصفوة) لسلب ثروات وحقوق الرجل الأسود والذي يمثل الأغلبية في بلد أفريقي، وأستمرت الحرب بين بريطانيا وهولندا  على مقاطعة الكاب لأكثر من ١٠٠ عام، لتضطر بريطانيا إلى فرض بعض القوانين المجحفة في حق الشعب الجنوب أفريقي، منها حرمان السود من حق التصويت وتم ترسيخ مبادئ نظام الابارتهايد وأيضا تم فرض قانون لتنظيم أمتلاك الأراضي ليُطرَد المواطن المحلي ويُهجر لاكواخ في أطراف المدن 
أيضاً كان لبريطانيا يد عُظمى في تجارة الرقيق ولكنها لم تكن صاحبه الريادة فيها فذلك الامتياز يعود الى دولة " البرتغال" ، ووَفر تُجار الرقيق العبيد للمستعمرات الاسبانية و البرتغالية ليتوسعوا بعد ذلك في تصدير الرقيق ليرسلوُها إلى مستعمراتهم في أمريكا الشمالية، ليبلغ عدد العبيد المرسلين إلى أوروبا وأمريكا الشمالية ما يقارب ال٧ آلاف في العام  لتُصبح بريطانيا أكثر الدول انغماساً في تجارة الرقيق ليكون إجمالي عدد الرقيق المرسلين الى أمريكا الشمالية وحدها ما يقارب ال ٣.٥ مليون شخص

خامساً-بلجيكا 

أستولى الإستعمار البلجيكي على أكثر من بلد أفريقي مثل بوروندي والكونغو ورواندا، ومثلما كان الطابع الأوروبي في الإنتهاكات معروف في إفريقيا، إلا أن جرائم وإنتهاكات بلجيكا لم يكن لها مثيل وعليها تحتل المركز الأول في بذائه التعامل مع المواطن الإفريقي الذي أمتدت في إستعباده لأكثر من قرن 
هل كان يُعقل أن يُعامل مواطن خلقه الله وكرمه كحيوان فقط لاختلاف لون بشرته ؟ نعم هذا ما فعلته بلجيكا في مواطني الكونغو، فقد أقامت حكومه بلجيكا بأمر من الملك " ليوبولد الثاني" حدائق حيوان بشرية في العاصمة "بروكسل" مُكومه من أقفاص محشور بداخلها أطفال ونساء ورجال لياتي اليهم البيض ويشاهدوهم داخل الأقفاص والأكواخ ويلقون عليهم الموز وكأنهم قردة وذلك في عام ١٨٩٧، ليوبيد الثاني الذي أرتكب أيضاً إبادات جماعية كبرى وأيضا نشر الجوع والفقر، وعليها فقد فقدت الكونغو في عام ١٩٢٤ نصف عدد سُكانها المقدر ب ٢٠ مليون نسمة وقتها، أي أن ١٠ مليون مواطن كونغولي فقد حياته بسبب عمليات الإعدام والجوع والمرض، ولم تتوقف الإنتهاكات عند ذلك الحد بل كان العبد العامل في المزارع لا يُعامل إلا بضربات السواط وأيضاً كانت ظاهرة قطع أيادي الأطفال لتقصير آبائهم في العمل مُنتشرة، لكن ظاهرة حدائق الحيوان البشرية كانت الأبشع في تاريخ الإستعمار البلجيكي الذي كان مُجَرد من كل معاني الإنسانية 

في الأخير أوروبا لم تقم بحمايه أو النهوض بأفريقيا وشعوبها كما ذعمت، ولكن تركتها في قاع الجهل والفقر وقتلت مواطنيها والمقدر بحوالي ١٣ مليون مواطن بأبشع الطُرق حتى أن إسبانيا كانت لها نصيب حينما  أستعملت الغازات السامة في شمال المغرب بدون أي رحمة،  وما كان لإستعمارهم إلا لنهب الثروات، حتى وصل بهم الفجور بعقد مؤتمر برلين عامي ١٨٨٤ و ١٨٨٥، الذي كان معقود لتقسيم الأراضي الأفريقية وكأنها دول بدون شعوب أو ثقافات، فالإستعمار الأوروبي وإن ذكرنا جزء بسيط منه فقط فقد أبان عن وجه آخر لأوروبا التي تنادي بالسلام وحقوق الإنسان، وجه آخر لا تعرفه إلا شعوب أفريقيا