جريدة الديار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 01:33 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

نادية حلمي تكتب: يحدث لأول مرة فى العالم العربى...أول مواجهة حقيقية بين الصين وأمريكا فى المنطقة

د.نادية حلمي
د.نادية حلمي

حرصت الصين على تذكير واشنطن والعالم خلال الفترة الأخيرة بأهم الكلمات التى دعمت بها بكين علاقتها بالمملكة العربية السعودية فى عدة لقاءات رسمية، وإعادة نشر وبث عدة كلمات تعكس عمق ومتانة وتأييد علاقة الصين بالجانب السعودى، حيث تأتى لقطات التليفزيون الصينى والصور معبرة عن أول لقاء جمع بين الرئيس الصينى "شى جين بينغ" ولقائه لأول مرة بجلالة (الملك سلمان) وتأكيده له نصاً "حرص بكين لإقامة علاقات أوثق مع الرياض". فمن هنا، تجد الصين نفسها مسئولة وشريكة فى الوقت ذاته لدعم جهود علاقتها وشراكتها مع حكومة المملكة على الدوام، ووقوفها مع حكومة الرياض ضد أى محاولات خارجية تستهدف التأثير فى الشأن الداخلى السعودى وعرقلة إنجازات وتطور المملكة الشقيقة.

وهنا نجد على الدوام تركيز الإعلام الصينى الرسمى على كلمة سمو ولى العهد السعودى الأمير (محمد بن سلمان) خلال لقائه بالرئيس الصينى (شى جين بينغ) فى زيارته للصين، بأن "الصين لها الحق فى مكافحة الإرهاب وإستئصال التطرف من أجل أمنها القومى". كما تأتى تركيز الكتابات الصينية دوماً عند تناول "علاقة الصين بالشرق الأوسط وتحديداً بالمملكة السعودية"، على كلمة الرئيس الصينى (شى جين بينغ) لسمو ولى العهد السعودى الأمير (محمد بن سلمان) خلال لقائه به فى بكين – وهى الكلمة الذى أزعجت القائمين فى الإدارة الأمريكية فى واشنطن ومراكزها البحثية وكانت موضع تحليل كبير بالنسبة للجانب الأمريكى - بأن "الثقة التى يتبادلها الجانبان إنما تأتى من إستيعاب ثقلهما السياسى وتأثيرهما الإقليمى والدولى، وشعور الصين ورغبتها بلعب دور بناء فى المنطقة، وأن المملكة من جهتها ومن واقع دورها المتطلع لإبعاد المنطقة عن الفوضى ورغبتها في تصدير الإستقرار لها، تأمل أن تعمل مع الصين لتحقيق هذا الهدف الذى لن يكون سهلاً للطرفين".
كما أن هناك جهوداً من قبل وزارة الإعلام فى السعودية والإعلام الصينى الرسمى لإبراز علاقات البلدين وتوطيدها، فضلاً عن دور وسائل الإعلام فى الجانبين لنشر المعلومات الصحيحة بين بكين والرياض، ومن هنا فقد أصبحت وسائل الإعلام بين البلدين منبراً لإظهار هذا التعاون والتنسيق والتشاور فيما يخدم قضايا الأمتين السعودية والصينية وإبراز الثقافة والترابط بين البلدين. وحرصاً من حكومة بكين على دعم وتأييد جهود المملكة السعودية فى مواجهة (التدخل الأمريكى فى الشان الداخلى السعودى وقضية الناشطة "لجين هذلول") فقد جاءت تغطيات الإعلام الصينى الرسمى، والصحف الصادرة من بكين مسلطة الضوء على (الدعم الصينى للسعودية ولجلالة الملك سلمان ورفض أى تدخلات أمريكية فى الشان الداخلى السعودى).

وعلى المستوى الشخصى – وبإعتبارى شخصية أكاديمية معروفة على المستوى الأكاديمى الصينى والأمريكى بتخصصها فى الشان السياسى الصينى – وبإعتبارى أيضاً كنت أنا الشخصية والأكاديمية المصرية والعربية الوحيدة من المنطقة التى وقع عليها إختيار أهم الوكالات العالمية القريبة من واشنطن رسمياً من بين أهم وأبرز (30 باحث وأكاديمى فى العالم متخصص فى الشأن الصينى)، لتنفيذ نموذج (محاكاة الحرب بين واشنطن وبكين على 3 جولات ومراحل كلعبة ذكاء عالمية شاركنا فيها بتخصصاتنا الأكاديمية ما بين خبراء الحرب وخبراء فى الشأن الصينى)، وقمت بنشر هذا التقرير بالفعل فى شهر مايو 2020 وقرأه العالم بأسره، وأحدث صدمة دبلوماسية ودولية فى حينها.

وتأتى أهمية الإشارة إلى هذا التقرير الآن من جانبى، لتذكيرى الجانب الأمريكى برسالتى الرسمية السابقة له وللرئيس الصينى (شى جين بينغ) شخصياً والتى أشرت إليها أيضاً عند تناولى تقرير الحرب المشار إليه، والتى كانت عبارة عن مقالة سابقة قديمة كنت قد كتبتها بتاريخ 8 يونيو 2019، بعنوان: (حلمى الشخصى الذى ترجمه الرئيس الصينى "شى جين بينغ" إلى واشنطن).

كانت فكرة تلك المقال تدور حول حلم (قديم قد راودنى منذ الطفولة)، بأن أكون "جسراً" بين الشرق والغرب، وبين "واشنطن" و "بكين"، فكتبت تلك المقالة خصيصاً للتعقيب على دعوة الرئيس الصينى "شى جين بينغ" إلى نظيره الأمريكى الرئيس السابق "ترامب" خلال حضوره الجلسة العامة لمنتدى "سان بطرسبورغ الإقتصادى الدولى" بدعوة من الرئيس الروسى "بوتين"، حينما دعا الرئيس "شى" خلالها نظيره "ترامب" قائلاً له بشكل دقيق بأنه:

"على الرغم من وجود بعض الجدل التجارى بيننا وبين الولايات المتحدة، إلا أن الصين والولايات المتحدة مترابطتان الآن بشكل وثيق. بيننا تجارة كبرى... من الصعب تخيل الفصل التام بين الولايات المتحدة والصين. نحن لسنا مهتمين بهذا، الشركاء الأمريكيون غير مهتمين بهذا". وأضاف "شى" بأن: "الرئيس ترامب صديق لى، وأنا متأكد من أنه غير معنى بذلك (قطع العلاقات بين البلدين)

فكتبت بعدها رسالة فعلية للرئيس الصينى "شى جين بينغ" أمام العالم، أخبره صراحةً فيها، الكلام الآتى:

"ومن هنا، تأتى بداية المقالة الحقيقية لدى الباحثة المصرية، وهو نفسه تدشين لـــ "حلم قديم" قد راودنى منذ طفولتى المبكرة وكتبت بشأنه "رسمياً إلى كلاً من "واشنطن" و "بكين" بإعتبارى وجه مألوف ومعروف لدى الطرفين، بشأن: كان عندى "حلم" منذ أن كنت طفلة ألا وهو أن أكون "جسر يربط بين الشرق والغرب"

Bridge between the East and the West

ومن هنا، فإسمحوا لى أن "أبدأ" رحلتى معكم الآن - ولكن بشكل مختلف - لأننى حلمت منذ طفولتى بعلاقات طبيعية وودية بين بكين وواشنطن، تمكننى من مواصلة الحوار والتشاور بينهما بشكل إيجابى، ولكن مع توالى الصدمات على ذهنى وتشويش حلمى الوردى القديم، ووجود صدى عميق بداخلى وتساؤل مربك عمن بدأ تلك الحرب؟، ولماذا سعت واشنطن للحرب ضد بكين؟ بل ولماذا أختاروننى عالمياً فى نموذج محاكاة الحرب بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية؟.... لقد أدركت بعدها الآن، بأن بكين لم تسعى أبداً للحرب، بل بدأتها واشنطن، حتى مع الأصدقاء كالسعودية، وتدخل أمريكا فى شأن داخلى سعودى أزعج الصين على المستوى الرسمى، لذا، طلب منى أصدقائى فى بكين، إرسال تلك الرسالة للأشقاء فى المملكة العربية السعودية الشقيقة تعبر فيها صراحةً عن (دعم بكين لجهود الرياض والعائلة المالكة ضد اى تدخل أمريكى فى شئونهم الداخلية).... وتلك هى نص الرسالة صراحةً التى طلب منى توصيلها فى بكين للسعودية الشقيقة.

- ويمكننى هنا (الإشارة وإجمال جميع النقاط) التى سيتناولها (تقريرى التحليلى الشامل) تسهيلاً على الجميع للإلمام بعناصره، على النحو التالى:

- أولاً: رسالة تقدمها الأكاديمية المصرية من الجانب الصينى وقيادات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين إلى (العائلة الحاكمة السعودية) لتأييدهم ودعمهم للسعودية فى مواجهة التدخل الأمريكى فى شأنهم الداخلى السعودى، وتوصلها لقادة وحكومة وشعب المملكة الشقيقة، وبالأخص (جلالة الملك سلمان) وسمو ولى العهد السعودى (محمد بن سلمان)

- ثانياً: وجهة النظر الصينية إزاء التدخل الأمريكى فى الشأن الداخلى السعودى بشأن قضية الناشطة (لجين الهذلول)، وكيف يمكن للصين أن تشغل الفراغ الذى تشغله واشنطن فى المنطقة؟
- ثالثاً: عرض أبرز دراسات وتحليلات مراكز الفكر الصينية وخبراء الشرق الأوسط الصينيين حول أهم إنجازات المملكة فى عهد جلالة (الملك سلمان) وسمو ولى العهد السعودى الأمير (محمد بن سلمان) ورغبة الصين فى التعاون معهم
- أولاً: رسالة تقدمها الأكاديمية المصرية من الجانب الصينى وقيادات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين إلى (العائلة الحاكمة السعودية) لتأييدهم ودعمهم للسعودية فى مواجهة التدخل الأمريكى فى شأنهم الداخلى السعودى، وتوصلها لقادة وحكومة وشعب المملكة الشقيقة، وبالأخص (جلالة الملك سلمان) وسمو ولى العهد السعودى (محمد بن سلمان)

ربما ما سيدهشكم جميعاً – وربما ما أعلنه كأكاديمية مصرية قريبة من دوائر صنع القرار الصينى، مؤسساتها وأكاديمييها المتخصصين فى الشرق الأوسط – هو تلك – الرسالة التى طلب منى الصينيين توصيلها لقادة وحكومة وشعب المملكة الشقيقة، وولى العهد السعودى "محمد بن سلمان"، بأن الصين تقدر وتثمن جهودكم الإصلاحية الداخلية، وتؤيد موقفكم ضد أى تدخل أمريكى فى الشأن الداخلى السعودى – وهو الأمر الذى قررت نقله كما هو لشعوب المنطقة العربية، خاصةً وأنه يعد أول – مواجهة حقيقية بين الصين وواشنطن فى المنطقة – فالصين تشبه الأمر بمثل هذا (التدخل الأمريكى فى شئونها الداخلية)، وهو الأمر الذى يجب أن يدفعنا لتبنى نفس وجهة النظر الصينية فى وجه التدخلات الأمريكية فى شئونها الداخلية. وهذا ما دفع أكاديميين صينيين لعقد مقارنة بين جملة عضو مجلس الشيوخ الأمريكى (كريس مورفى) حين طالب بإعادة النظر فى علاقات الولايات المتحدة مع السعودية، وبين نفس تلك الجمل المتشابهة والمتطابقة التى يطلقها الساسة الأمريكان ضد الصين.

ويعكس (الخطاب الصينى الرسمى) أهمية علاقات كبار القادة الصينيين بجلالة (الملك سلمان) وسمو ولى العهد الأمير (محمد بن سلمان)، وكان أهم ما لفت نظر الباحثة المصرية – كمتخصصة فى الشان السياسى الصينى – هو حرص مجموعة من (الزملاء الأكاديميين والباحثين فى الصين) على إعداد عمل أكاديمى متكامل لرصد فترة العلاقات بين بكين والمملكة، وأهم مؤشراتها فى الفترة من 1990 – 2018. وستقوم الباحثة المصرية بإهداء الأشقاء فى السعودية لملخص مترجم تحليلى لها لفهم هذا الكتاب الصينى المهم تجاه السعودية من وجهة نظر صينية.

ومن الواضح أن (الجيل الجديد من القادة الصينيين) يقدر العلاقات بين بكين والرياض تقديراً عالياً، ومنذ أن أصبح رئيس جمهورية الصين الشعبية "شى جين بينغ" قائد الصين الأعلى بحلول مارس 2013. فقد كانت توجيهات الرئيس (شى) واضحة لقيادات الحزب الشيوعى الصينى، بأهمية التوجه إلى المملكة لموازنة علاقات بكين بواشنطن، مع حرص جيل القادة الجدد من "الحزب الشيوعى الصينى" على الإشارة دوماً لإحترامهم لعمق العلاقات مع (العائلة الحاكمة السعودية)، وإحترام قراراتها.

فعند لقاء الرئيس الصينى "شى جين بينغ" لأول مرة بجلالة (الملك سلمان) أكد له نصاً "حرص بكين لإقامة علاقات أوثق مع الرياض"، ودعا القائد الصينى الرياض للإنضمام إلى (حزام طريق الحرير الإقتصادى وطريق الحرير البحرى) التابعين لبكين، مع تأكيد الرئيس "شى" فى كلمة رسمية له على أن السعودية هى "صديقة الصين المقربة وأختها وشريكتها فى منطقة الشرق الأوسط والخليج". وحرص الرفيق "شى" أيضاً على الإعراب عن "دعم الصين للسعودية لإختيارها مسار إنمائى يناسب ظروفها الخاصة".

وبما أننى أرصد علاقات الصين القوية بالمملكة العربية السعودية – فأنا كأكاديمية متخصصة فى الشأن السياسى الصينى سأركز على علاقات الحزب الشيوعى الصينى بالأساس مع حكام ومسئولى المملكة – ولذلك، قيمة مهمة عند الجانب الصينى، فكما أشار (جانغ جيانوى)، نائب مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى، فى محاضرة قيمة له حول "علاقات الصين والحزب الشيوعى الصينى بالعالم العربى"، أمام عدد من أبرز المفكرين والصحفيين، خلال الإجتماع الدولى لـــ (الدورة الثانية لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعى الصينى وأحزاب الدول العربية)، فقد نبه السيد/ جانغ جيانوى حرفياً إلى "أن الحزب الشيوعى الصينى يقود كل الصين، كما أن التعريف بالحزب يقود إلى التعريف بالصين، إذ أن الحزب يقود الدولة والحكومة، وهو الذى يضع السياسات، والحكومة تنفذها".

- ثانياً: وجهة النظر الصينية إزاء التدخل الأمريكى فى الشأن الداخلى السعودى بشأن قضية الناشطة (لجين الهذلول)، وكيف يمكن للصين أن تشغل الفراغ الذى تشغله واشنطن فى المنطقة؟

جاءت (وجهة النظر الصينية إزاء التدخل الأمريكى فى الشأن الداخلى السعودى)، خلال فترة الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس "جو بايدن"، بأن ذلك ربما يمثل بداية للتراجع فى العلاقات السعودية - الأمريكية، متسائلين: هل يمكن للصين أن تشغل الفراغ الذى تشغله الأخيرة أى أمريكا، بحيث يمكن للصين أن تملؤه؟ بل وأخطر سؤال طرحه الجانب الصينى هو: هل يمكن أن يسبب التدخل الأمريكى فى الشان الداخلى السعودى ويخلق حرب إستراتيجية بين الدول العظمى للفوز بدعم أمن المملكة؟

- للإجابة على هذا السؤال ينبغى طرح طبيعة التقارب السعودى – الصينى، وتحليل أبعاده البعيدة على المستويين السياسى الإستراتيجى والأمنى، وتحليل مدى إنعكاساته على العلاقات السعودية - الأمريكية.

وهنا تقدم الباحثة المصرية لصانع القرار السعودى والخليجى وجهة نظر المؤسسات البحثية الصينية ومراكز الفكر الصينية – والتى قدمت لصالح صانع القرار الصينى بشأن الدور الصينى لملء الفراغ بدلاً من واشنطن فى السعودية – حيث جاء العرض التحليلى الصينى فى مجمله فى نتيجة هامة مفادها بأن:

1- الولايات المتحدة الأمريكية قد أظهرت إستجابة ضعيفة لإحتياجات السعودية الأمنية والعسكرية خاصةً فى ظل هذا الكم الكبير من التحديات الأمنية والسياسية التى تواجهها حكومة المملكة، وهو الأمر الذى سيفتح الباب أمام كلاً من (الصين وروسيا) معاً لنشر ثقلهما فى المنطقة وتنسيق مواقفهما ضد واشنطن.

2- ومن هنا، أدركت قيادات بكين فور (متابعتها قضية الناشطة لجين هذلول ومساندة واشنطن لها فى مواجهة السعودية)، بأن ذلك هو (أول مفتاح وخيط حقيقى لوصول بكين وروسيا معاً لقلب منطقة الشرق الأوسط)، لذا، فإن تلك القضية الخاصة بـــ (لجين هذلول) كانت هى (نقطة إنطلاق الصين وروسيا) لجعل الولايات المتحدة الأمريكية لاعباً غير مؤثر أو خارج لعبة الشرق الأوسط، بالنظر لتضارب وسوء علاقاتها الآن بعد تدخلها فى الشأن الداخلى السعودى ورفض حكومة وشعب المملكة لذلك.

3- وبالرجوع للتقارير الصينية، لاحظت الباحثة المصرية أنه فى الآونة الأخيرة زاد تركيز (وزارة التجارة الصينية وبنك الشعب المركزى الصينى) على مدى إستعداد المؤسسات السعودية لدراسة تمويل نفسها جزئياً باليوان (العملة الصينية بدلاً من الدولار الأمريكى)، حيث تؤكد المؤسسات الصينية المعنية أنها مستعدة لتقديم مثل ذلك التمويل إلى الجانب السعودى، وهو ما يعد – من وجهة نظر حكومة بكين - تعويضاً عن دور واشنطن الذى قد يتلاشى مستقبلاً فى الشرق الأوسط لصالح الصين.

4- كما أرتأت المؤسسات الصينية فى الوقت ذاته بأن (رؤية المملكة وسمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان 2030) تتشابك مع (رؤية مبادرة الحزام والطريق الصينية)، فالصين بإستطاعتها وفق مبادرتها للحزام والطريق توجيه تطلعات المملكة نحو مرحلة جديدة من التنمية - لإرساء مجتمع نابض بالحياة - يمكن فيه تحقيق النجاح فى إقتصاد مزدهر مع إصلاحات كبيرة فى عدد من الجوانب.

5- كما درست الصين تماماً موضوع كيفية تعويض السعودية من أجل (الترويج للسياحة السعودية بين الصينيين سنوياً كنوع من التأثير السياسى الصينى فى مستقبل السياحة الصينية فى السعودية ومنطقة الشرق الأوسط، مع وجود إدارة خاصة للسياحة فى وزارة الخارجية الصينية، لأهمية العنصر السياحى فى التأثير على السياسة الخارجية الصينية فى مختلف دول العالم بما فيها واشنطن نفسها التى إنخفضت بها معدل السياحة الصينية إلى أدنى معدلاتها فى السنوات الأخيرة)، فضلاً عن حرص وزارة الخارجية على إطلاع (الجانب الدبلوماسى الصينى) على السرعة فى (التغيرات الإجتماعية والثقافية المتطورة المعاصرة) الحادثة بالمملكة بقيادة ولى العهد سمو الأمير الشاب (محمد بن سلمان) فى مختلف المجالات وفى جميع أنحاء البلاد، خاصةً أن المملكة فتحت أبوابها أمام (الزائرين الصينيين) الذين سيكونون قادرين على التقدم بطلب للحصول على (تأشيرات إلكترونية أو مباشرة عند الوصول)، حيث سيوفر ذلك للمملكة فرصة غير مسبوقة لإطلاع (السائح الصينى) على الثقافة السعودية، وهو ما تطمح وتهدف إليه حكومة بكين فى (علاقات التشبيك السياحى بين المملكة السعودية والصين فى المستقبل القريب).

ومن هنا، فالخيارات عديدة ومتاحة لدى صانع القرار الصينى فى تعاونه الفترة المقبلة مع حكومة المملكة، فى كافة المجالات، بما فيها القوة الناعمة وغيرها.
- ثالثاً: عرض أبرز دراسات وتحليلات مراكز الفكر الصينية وخبراء الشرق الأوسط الصينيين حول أهم إنجازات المملكة فى عهد جلالة (الملك سلمان) وسمو ولى العهد السعودى الأمير (محمد بن سلمان) ورغبة الصين فى التعاون معهم

يعتبر المحللون الصينيون أن الشرق الأوسط وفى مقدمته (الدور السعودى) هو مفترق طرق عالمى رئيسى بالنسبة للصين، وتفيد مراكز الأبحاث فى بكين أن للسعودية أهمية جغرافية إستراتيجية كبرى، لذا تضيف مراكز الأبحاث فى بكين إلى صفوف باحثيها المزيد من محللى الشرق الأوسط. ويمكن هنا عرض بعض الدراسات للباحثين الصينيين، للتعرف على رؤيتهم لدور المملكة وأهميتها بالنسبة للصين، كالآتى:

فى دراسة للباحثين الصينيين "شو شولونغ" Shulong Chu و "جاسبر وونغ" Wong Jasper بأن "العلاقات السعودية الصينية هى دليل على تحديات السياسة الخارجية الصينية الجديدة".

دراسة الباحث الصينى "غاو زوغوى"، عن (تطوير العلاقات بين الصين والسعودية والشرق الأوسط فى إطار التغيرات الجذرية)، الصادر عن (مركز دراسات التنمية) Gāozǔ guì 和平鱼发战 Hépíng yú fā zhàn

ووفقاً لأحد المحللين الأمنيين الدوليين فى أبرز مركز الأبحاث فى الصين (لى ويجيان)
Weijian Li من مدرسة الحزب المركزية فى بكين Beijing in School Party Central قال بأن "مصالح الصين على الصعيد الجغرافى السياسى والإقتصادى والطاقة والأمن فى الشرق الأوسط تتوسع بإستمرار من خلال بوابة السعودية، وأهمية موقع المملكة السعودية فى الإستراتيجية الصينية لمواجهة نفوذ واشنطن فى الشرق الأوسط".

وأفادت تقارير رسمية صينية منشورة أن وزير الدفاع الوطنى الصينى الأسبق (تشانغ وانكوان) Wanquan Chang فى مقابلة له بأن "الصين تقدر بدرجة كبيرة صداقتها مع السعودية، وأهمية المملكة لضمان الأمن الداخلى الصينى لضمان محاربة الإرهاب فى الشرق الأوسط وعدم وصوله لداخل الصين".
وفى دراسة للباحث الصينى (نيو شينتشون) Xinchun Niu بعنوان: (مصالح الصين فى السعودية ونفوذها فى المنطقة) من (معاهد شنغهاى للدراسات الدولية) International of Institutes Shanghai Studies قائلاً: "إن المملكة العربية السعودية هى إمتداد إستراتيجى لمحيط الصين". مؤكداً بأن "المنطقة الغربية فى الصين كانت فى الأصل مجاورة للسعودية فى الشرق الأوسط وإرتبطت به منذ زمن طويل عبر طريق الحرير، وتجمع بين المنطقتين أوجه شبه كثيرة وعلاقات وثيقة على الصعيد العرقى والدينى والثقافى. وبما أن الشرق الأوسط له إمتداداً إستراتيجياً للمنطقة المتاخمة لحدود الصين الغربية، فبالتالى تؤثر الإتجاهات المسيطرة على الوضع فى الشرق الأوسط، والإتجاهات القومية الشاملة والأيديولوجية الدينية المتطرفة بما لها من تأثيراً مباشراً على أمن الصين وإستقرارها".

وفى البيان الصادر من (اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، بالتنسيق مع وزارتى الخارجية والتجارة فى جمهورية الصين الشعبية)، بتفويض من (مجلس الدولة الصينى)، فى 28 مارس 2015، أفاد التقرير بأن "طبقاً لكبار مصدرى النفط إلى الصين وفقاً للقيمة، أتت السعودية فى المركز الأول بالنسبة لأهميتها لطريق "حزام طريق الحرير الأمنى وطريق "الحرير البحرى" فى القرن الحادى والعشرين".

وفى دراسة للأكاديمى الصينى (تشيان شيويوين) Xuewen Qian بعنوان "تأثير الإضطراب فى الشرق الأسط على مصالح الصين الخارجية". فقد أكد الباحث "شيويوين"، بأنه "تكمن المصلحة الصينية الرئيسية الثالثة فى الشرق الأوسط فى الحفاظ على الأمن الداخلى فى الدولة الصينية ومحيطها، وهو ما يخشاه قادة الحزب الشيوعى الصينى، لذلك فإن المملكة السعودية هى المرشحة بقوة للحفاظ على أمن الصين فى منطقة "شينغيانغ" من تنامى تأثير التيارات الأصولية المتطرفة".
ووفقاً للبيانات الرسمية الصينية التى حصلت عليها الباحثة المصرية من الجانب الصينى حول (أهمية دور المملكة السعودية فى رعاية أبناء الأقليات المسلمة فى الصين)، فقد ثمنت الحكومة الصينية الدور السعودى، وإستضافة المملكة لمئات من الطلاب المسلمين الصينيين فى مؤسساتها التعليمية الدينية، مثل: الجامعة الإسلامية فى المدينة المنورة. فضلاً عن مساعدات رسمية وغير حكومية سعودية مثل مساعدات: (رابطة العالم الإسلامى، ومؤسسة الحرمين فى عدد من المشروعات الخيرية والتنموية فى الصين)، ومقرهما فى إقليمى (يونان وقانسو) فى الصين.

ومن خلال العرض السابق، يتضح مدى عمق العلاقات بين الصين وحكومة المملكة وأسرتها الحاكمة، وهنا أختم رسالتى للجانب السعودى والخليجى بتأكيد دعم الصين لجهود المملكة حكومتها وشعبها، وربما، جاءت قراءاتى فى الفترة الأخيرة لكتاب الباحث الفرنسى "فرانسوا بوغون"، بعنوان: من الحلم الصينى؟ هل سيحقق "شى" هذا الحلم؟، كان ذلك ما يسعى الكاتب "بوغون" إلى كشفه وفقاً لتعبيره الدقيق: (ماذا يدور داخل ذهن شى جين بينغ)
(Inside the Mind of Xi Jinping)

وربما، كان أول ما قفز إلى ذهنى الآن وأنا أنهى تلك المناقشة والرسالة المرسلة من بكين للسعودية الشقيقة، فوفق رؤيتى وتصورى فإن ما يريده الرفيق "شى" هو (حلم دخول الصين لعصر جديد) وهو ما قد أكده (شى) بالفعل بأن "ذلك العصر والحقبة الصينية الجديدة يتم فيها توافق الصين مع الأصدقاء حول العالم، ونبذ قيم الأنانية والتفرد فى الرأى"، وربما كانت تلك أهم رسالة تنطبق على رؤيتنا لفهم واقع ما يدور فى ذهن الزعيم الصينى (شى جين بينغ) وفق معرفتنا له. وأتمنى هنا، ان تكون رسالتى أو بمعنى أدق رسالة الصين قد وصلت وفهمها الجميع.