جريدة الديار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 06:31 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

بعد مرور 101 عام على اولى جلسات عصبة الأمم.. تعرف عليها!

أرشيفية
أرشيفية

تعود فكرة التاسيس لعام 1795 ، عندما لخص إيمانويل كانط الفكرة في تكوين عصبة للأمم للحكم في النزاعات وتعزيز السلام بين الدول ، حيث كانت فكرة كانط تتلخص بإقامة عالم يسوده السلام، ليس بمعنى أن يكون هناك حكومة عالمية، ولكن كان يأمل في أن تتعامل كل دولة بوصفها دولة حرة تحترم مواطنيها، وترحب بالزوار الأجانب. لذا فإن اتحاد الدول الحرة من شأنه أن يعزز المجتمع السلمي في جميع أنحاء العالم، وبالتالي يمكن أن يكون هناك التزام بسلام دائم في المجتمع الدولي.

ظهر التعاون الدولي الهادف إلى تحقيق الأمن المشترك لأول مرّة خلال القرن التاسع عشر عقب نهاية الحروب النابليونية، حيث حاولت القوى الأوروبية العظمى إقامة نوع من التوازن فيما بينها في محاولة لتجنب الحرب وما ينجم عنها من أضرار ، كذلك شهدت هذه الفترة ولادة القانون الدولي مع توقيع اتفاقية جنيف التي نصّت على بضعة قواعد تتعلق بالإغاثة الإنسانية أثناء الحروب، واتفاقيات لاهاي من عاميّ 1899 و1907 التي وضعت بضعة قواعد وقوانين تحكم سير الحروب، وتحدثت عن التسوية السلمية للمنازعات الدولية.

نشأت منظمة السلام الدولية السابقة لعصبة الأمم، ألا وهي الاتحاد البرلماني الدولي، على يد الناشطين السلميين: ويليام راندال كريمر وفريدريك باسي، سنة 1889. اعتبرت هذه المنظمة ذات طابع دولي بحلول عام 1914، عندما كان ثلث أعضائها يمثلون الدول البرلمانية الأربع والعشرين القائمة في ذلك الزمن، وكانت أهداف هذه المنظمة تتلخص في تشجيع الحكومات على حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية، بما فيها التحكيم، وكانت تعقد مؤتمرات سنوية لمساعدة الحكومات على تحسين مهاراتها في إجراء المفاوضات. كانت هذه المنظمة تتكون من مجلس يرأسه رئيس منتخب، وقد استمدت العصبة شكل هيكليتها الداخلية من هيكلية هذه المنظمة. مع بزوغ فجر القرن العشرين، ظهرت كتلتان عسكريتان في أوروبا، ولدتا عن طريق أحلاف أقامتها القوى العظمى مع بعضها البعض، وقد بيّنت هذه الأحلاف مدى خطورتها عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، إذ قامت بجرّ جميع القوى الأوروبية العظمى إلى أتون الحرب.

كانت هذه الحرب هي الأولى من نوعها في أوروبا بين الدول الصناعية، والمرة الأولى التي جرى فيها تكريس المصانع ومنتجاتها لصالح الجيوش، وقد تسببت في مصرع أكثر من ثمانية ملايين ونصف مليون جندي، وحوالي 21 مليون جريح، ومقتل ما يقرب من 10 ملايين مدني. بعد أن وضعت الحرب أوزارها في شهر نوفمبر من سنة 1918، تبيّن مدى جسامة الأضرار التي لحقت بأوروبا سواءً على المستوى الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي ، فبرز تيّار مناوئ للحروب بعامّة حول العالم؛ ووُصف أتباعه الحرب العالمية الأولى بأنها "حرب إنهاء الحروب"، وقالوا بعدّة أسباب يجب معالجتها كي لا تُجرّ الدول إلى قتال بعضها البعض مجددًا، ومن هذه الأسباب: سباق التسلّح، المحالفات، الدبلوماسية السريّة، وحريّة الدول ذات السيادة بالدخول في أي حرب طالما أنها ترى في ذلك تحقيقًا لمصالحها. رأى أتباع هذا التيّار أن معالجة هذه الأسباب تكمن في إنشاء منظمة دولية تهدف إلى منع قيام حروب مستقبلية عبر نزع السلاح، والدبلوماسية المفتوحة، والتعاون الدولي، تقييد حق الدول في إعلان الحرب، وتوقيع عقوبات صارمة على الدولة التي تقدم على إعلان الحرب، الأمر الذي يجعل من الأخيرة منفرة بالنسبة للأمم المختلفة. خلال الفترة التي كانت فيها الحرب ما تزال تدور رحاها في أوروبا، كانت عدّة حكومات ومنظمات قد طوّرت مجموعة من الخطط الهادفة إلى الحيلولة دون نشوب حرب كهذه مجددًا. ،

كان الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون ومستشاره العقيد إدوارد ماندل هاوس، أكثر الحكوميين تحمسًا لفكرة إنشاء عصبة تحول دون تكرار سفك الدماء الذي حصل، وكان إنشائها محور مبادئ ويلسون الأربعة عشر للسلام، التي تحدث عنها في خطابه أمام الكونغرس، وقد نص المبدأ الأخير منها على أن: «يجب تشكيل جمعية عامة من الأمم بموجب المواثيق المحددة لغرض منح ضمانات متبادلة من الاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدول الكبرى والصغرى على حد سواء». أقدم الرئيس ويلسون، قبل أن تتم صياغة أية بنود في اتفاقية السلام، أقدم على إرسال فريق بقيادة العقيد هاوس ليجمع ما تيسّر من معلومات ضرورية لتقييم الوضع الجغرافي السياسي في أوروبا. وفي أوائل يناير من عام 1918، استدعى ويلسون العقيد هاوس إلى واشنطن وبحث معه في النتائج التي توصّل إليها الفريق الأمريكي، وذلك بسريّة تامّة، ثم أعلن الرئيس في خطبة له أمام الكونغرس في 8 يناير سنة 1918، عن عزمه إنشاء منظمة سلام دولية بالتعاون مع القوى العظمى في أوروبا، الأمر الذي أثار دهشة الأعضاء المجتمعين. تأثرت مخططات ويلسون الأخيرة المتعلقة بعصبة الأمم، بأفكار رئيس وزراء جنوب أفريقيا، جون كريستيان سمطس، فقد كان الأخير قد نشر مقالة في عام 1918 تحمل عنوان "عصبة الأمم. ووفقًا لبعض المؤرخين، فقد أعجب ويلسون بأفكار سمطس إعجابًا شديدًا، و"تبنّاها هي وأسلوبه" ، عاد الرئيس ويلسون إلى الولايات المتحدة في 8 يوليو سنة 1919، وأطلق حملة وطنية كبيرة هدفت إلى استقطاب الرأي العام الأمريكي وتأييد الشعب انضمام دولته إلى العصبة. وفي 10 يوليو، خطب ويلسون أمام مجلس الشيوخ وقال في كلمته: «لقد أُُلقي على عاتق هذه الأمة العظيمة دورًا جديدًا ومسؤولية جديدة علينا أن نحترمها، ونتمنى لو نستطيع تأديتها بأعلى المستويات».

لقي هذا الخطاب تأييدًا ضئيلاً من التكتلات السياسية الأمريكية، وبخاصة من الحزب الجمهوري. خرج المجتمعون من مؤتمر باريس للسلام وقد اتفقوا على الحفاظ على السلام الدائم بعد الحرب العالمية الأولى، ووافقوا على تأليف عصبة الأمم التي دعا إليها الرئيس ويلسون في 25 يناير سنة 1919. ، صيغ ميثاق العصبة من قبل جمعيّة مختصة، وتأسست العصبة بشكل رسمي بعد أن نصّ عليها في الفقرة الأولى من معاهدة فيرساي. وفي 28 يونيو سنة 1919. قامت 44 دولة بالتوقيع على ميثاق العصبة، منها 31 دولة شاركت بالحرب إلى جانب كتلة الوفاق الثلاثي، وعلى الرغم من جهود ويلسون الحثيثة لإنشاء العصبة، والتي مُنح بسببها جائزة نوبل للسلام في شهر أكتوبر من عام 1919، فإن الولايات المتحدة، بقيادة الكونغرس والجمهوري، رفضت التصديق على ميثاق العصبة أو الانضمام لها. فقد رأت الولايات المتحدة في النظام التأسيسي للعصبة محاولة من الدول الأوروبية الاستعمارية الكبرى للاستئثار بغنائم الحرب العالمية الأولى. عقدت عصبة الأمم أول اجتماعاتها في 16 يناير 1920، أي بعد إبرام معاهدة فيرساي بستة أيام وانتهاء للحرب العالمية الأولى بشكل رسمي. نُقل مقر العصبة إلى جنيف في نوفمبر من نفس العام، حيث عُقدت أولى الجلسات في الخامس عشر منه ، وحضرها ممثلون عن 41 دولة.