المسيرة اكنجي تبرز في تكنوفيست لتكنولوجيا الطيران والفضاء بتركيا

شهد مطار أتاتورك وسط مدينة إسطنبول، الثلاثاء، مهرجان تكنوفيست لتكنولوجيا الطيران والفضاء في نسخته الرابعة والذي يستعرض الثورة التي أحدثتها تركيا في مجال صناعة الطائرات المسيرة. 

وتبوؤت تركيا  مرتبة عالمية متقدمة جداً في هذا المجال، إلى جانب إبراز المشاريع القائمة لصناعة طائرات حربية متقدمة في إطار رؤية استراتيجية واسعة تهدف إلى تحقيق الاستقلال الذاتي الكامل في مجال الطيران العسكري الحربي والمروحي والمُسير.

وعلى مساحة واسعة جداً عرضت عشرات الطائرات العسكرية ومنها طائرات إف- 16 الأمريكية وسوخوي الروسية وطائرات نقل الجنود ومروحيات مختلفة ومتعددة المهام ومشروع السيارة الوطنية والسيارة الطائرة جزري، بالتزامن مع عروض جوية تحبس الأنفاس نفذتها فرق استعراض تركية ودولية بأنواع مختلفة من الطائرات على مدار اليوم.

لكن أهم ما تضمنه المعرض، أحدث ما توصلت إليه تركيا في عالم صناعة الطائرات المسيرة القتالية وذخائرها، إلى جانب مشاريعها الواعدة لصناعة طائرات حربية وطنية في محاولة لإظهار مدى التقدم الذي حققته البلاد في هذا المجال والذي تهدف من خلاله إلى تحقيق تحول استراتيجي يحقق الاكتفاء الذاتي الكامل وذلك بتوفير كافة احتياجات القوات الجوية التركية من الصناعات الوطنية وإنهاء الاعتماد على الخارج.

وزادت أهمية صناعة الطيران في تركيا عقب الانخراط في العديد من العمليات العسكرية الخارجية من سوريا والعراق وليبيا وصولاً إلى قره باغ وما رافق ذلك من ضغوط غربية وعقوبات شملت حظر توريد الأسلحة وقطع وصواريخ الطائرات. 

وفي قسم خاص، تعرض طائرة بيرقدار المسيرة التي كانت بمثابة فجر ثورة تصنيع المسيرات في تركيا، حيث جعلت تركيا واحدة من بين 5 دول في العالم تصنع هذا النوع من الطائرات واكتسبت شهرة عالمية كبيرة عقب الأداء العسكري الكبير الذي قدمته في سوريا وليبيا وقره باغ وغيرها من المناطق، وطمحت دول عديدة لاقتنائها ومنها ليبيا وقطر وأوكرانيا ومؤخراً عدة دول في شرق أوروبا وسط أنباء عن رغبة دول في المغرب العربي على شراء هذه الطائرة.

لكن بيرقدار ورغم أدائها العسكري الكبير وشهرتها العالمية، تبدو متواضعة جداً عندما عرضت إلى جانب آخر نسخة من اسطول المسيرات التركية (أقنجي تيها) وهي طائرة مسيرة أعلن عن إدخالها الخدمة منذ أسابيع قليلة فقط وتعتبر بمثابة نسخة مطورة من بيرقدار وتتمتع بقدرات تكنولوجية وقتالية أكبر بكثير منها.

وتبدو أقنجي التي عرضت، الثلاثاء، لأول مرة أمام العامة بحجم يبلغ ضعف طائرة بيرقدار وبكاميرا ضخمة تقول الشركة المصنعة إنها قادرة على تحقيق رؤية وتوجيه اعلى بكثير، لكن الأهم هو أنواع وأحجام الصواريخ التي عرضت على جسم الطائرة وإلى جانبها وهو ما يظهر حجم التطور الذي وصلت إليه هذه الطائرة مقارنة بسابقاتها حيث يمكنها حمل صواريخ جو أرض بأحجام ومزايا مختلفة بدءا من الصواريخ دقيقة التوجيه بالليزر ضد الأشخاص والأهداف المتحركة والعربات العسكرية وصولاً للقنابل كبيرة الحجم التي يمكنها تدمير مبنى كبير على غرار القنابل التي تلقيها الطائرات الحربية التقليدية، إلى جانب قدرتها على إطلاق صواريخ جو- جو طورتها الصناعات الدفاعية مؤخراً.

هذه المميزات غير المسبوقة على مجسم طائرة مسيرة بدون طيار قادرة على الطيران لأكثر من 24 ساعة متواصلة على ارتفاعات كبيرة جعل من أقنجي طائرة قادرة على القيام بالكثير من مهام الطائرات الحربية التقليدية التي تعاني تركيا من صعوبات في الحصول عليها عقب طردها من برنامج إف- 35 وخشيتها من عقوبات جديدة في حال الحصول عليها من روسيا.

كما تحاول تركيا سد هذا النقص من خلال التطوير الكبير الذي جرى على طائرة أق صونغور المسيرة أيضاً والتي ظهرت في المعرض بحجم كبير وقنابل بأوزان كبيرة لا سيما وأن حمولتها من الصواريخ تصل إلى 700 كيلوجرام وهو ما يمكنها من حمل قنابل مشابهة تماماً لتلك التي تلقيها الطائرات الحربية التقليدية.

لكن وفي ظل اختلاف الخبراء العسكريين على مدى إمكانية أن تشكل المسيرات بديلاً كاملاً للطائرات ، تعمل تركيا على مشروعين على الأقل لصناعات طائرات حربية تقليدية من الجيل الخامس لمجاراة التطور العالمي في هذا المجال وسد الاحتياجات العسكرية محلياً.

وإلى جانب المسيرات، عرض نموذج مجسم الطائرة الحربية الوطنية وهو مشروع وطني تعمل عليه منذ عام 2010 اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية التركية مع شركة “توساش”، وبحسب الخطة القائمة فإن الطائرة ستكون بإمكانيات وطنية كاملة ومن الجيل الخامس ومن المقرر أن يجري تشغيل محرك الطائرة عام 2023، فيما ستنفذ المقاتلة أولى تجارب الطيران عام 2025، وسيجري تسليمها للقوات الجوية بحلول عام 2028.

وإلى جانب نموذج الطائرة المقاتلة التقليدية، يوجد نموذج آخر لمجسم طائرة حربية بدون طيار تخطط شركة بايكار المصنعة للمسيرات التركية أن تنتجها بحلول عام 2023 بحيث تكون واحدة من أول دول العالم التي تصنع طائرة مقاتلة من الجيل الخامس بدون طيار وهو انجاز في حال تحقق سوف يضع تركيا في مصاف أفضل الدول في صناعات الطائرات العسكرية ويغنيها بشكل كامل عن مساعي الحصول على طائرات إف- 35 الأمريكية أو سوخوي الروسية.