حرب السفن..ومحللون لـ«الديار»: مواجهة مفتوحة قد تتحول لحرب شاملة
حادث جديد في مياه الخليج ضد ناقلة نفط، وتشير أصابع الاتهام إلى إيران مجددًا، فالسفينة "أسفلت برينسس" تعرضت لحادث في مياه خليج عمان قبالة سواحل ميناء الفجيرة الإماراتي، وذلك بعد أيام قليلة من تعرض السفينة "ميرسر ستريت" التي تديرها شركة مملوكة للملياردير الإسرائيلي إيال عوفر لحادث في مياه بحر العرب قبالة سواحل عُمان.
وتوالت الاتهامات ضد طهران بعد تنفيذ الاعتداء بواسطة طائرة مسيرة، فالحادث الأول أسفر عن مقتل اثنين من طاقم السفينة أحدهما بريطاني والآخر روماني، وحملت البلدان إيران مسؤولية الحادث.
وبعد تعرض السفينة "أسفلت برينسس" للاستهداف رجحت وسائل إعلام بريطانية بأنها تعرضت للاختطاف بعد صعود 8 أو 9 مسلحين على متنها والسيطرة عليها، وأظهرت المعلومات الواردة أن قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني أجبرت السفينة على التوجه قبالة أحد الموانئ الإيرانية على الضفة الأخرى من الخليج العربي.
بعد الواقعة الأولى رأى الخبراء حينها أن هذا الأمر ليس تصعيدًا عابرًا، إذ إن التخطيط والتجهيز للحادث تم بشكل استراتيجي ومدروس، وأن التكهنات تسير باتجاه توقع المزيد منها، في حال لقي هذا الهجوم نتائج مثمرة، وقد كان هذا السيناريو.
إيران تنفذ عملية مساومة وتدعم موقفها
وفي غضون ذلك رأى الخبراء أن إيران لجأت إلى هذه التصرفات - رغم عدم التصريح بأنها المسؤولة عن هذه الحواداث التي أسمّتها بالمريبة وفق قول وزير الخارجية الإيراني - لتسهل عملية المساومة وتدعيم موقفها إزاء الضغوط التي تمارسها على الدول الغربية حيال التوسط لعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي مرة أخرى.
وفي تصريحات خاصة لـ«الديار» تحدث محللون سياسيون عن سياقات حرب الناقلات التي تلوح في الأفق وتداعياتها والسيناريوهات المتوقعة.
الدكتور مكرم رباح، الباحث السياسي اللبناني، أكد أن الاعتداء على تلك الناقلات هي استراتيجية إيرانية من أجل ابتزاز المجتمع الدولي؛ ما يؤكد القدرة التخريبية لإيران، أما رد الفعل فلن يكون مباشرًا، ولكنه رأى أنه ستكون هناك ضربات تأديبية للحرس الثوري الإيراني؛ ما يؤدي إلى نوع من خلخلة أُسس المحادثات التي تجري في فيينا بشأن الاتفاق النووي.
حرب الناقلات وجه من أوجه الصراع بين إيران وأمريكا وإسرائيل
أما الأستاذ الدكتور عبد الكريم الوزان، الأكاديمي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، فأكد أن حرب الناقلات هو وجهٌ من أوجه الصراع الدائر بين إيران ودول التحالف على رأسها أمريكا وإسرائيل، وهي تعطي رسائل مختلفة منها أن إيران ضاقت ذرعًا بالعقوبات الاقتصادية وتعثر الاتفاق النووي واتهام الدول الأوروبية بعدم الجدية والمماطلة بشأن هذا الاتفاق خاصة بعد حديث المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن إيران لا تثق في دول الغرب.
وعن سياقات هذه الأحداث، أكد الأكاديمي والباحث في مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية أنها جاءت بعد تسلم إبراهيم رئيسي للحُكم، وهي رسالة توحي بأن إيران عازمة على انتصارها - حسبما ترى - خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي والصواريخ الباليستية.
ونصب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إبراهيم رئيسي رئيسًا جديدًا للجمهورية في إيران بعد فوزه بانتخابات يونيو الماضي، وبذلك يبدأ عهده بمواجهة تحديات كثيرة منها الأزمات الاقتصادية والتجاذب السياسي مع دول الغرب بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية والمباحثات النووية.
الدكتور عبد الكريم الوزان أوضح أن هذه العملية تؤكد أن التعامل بين إيران وأمريكا لا يمكن أن ينجح عبر التحركات الدبلوماسية وأن الحل هو الصراع العسكري، موضحًا أن هناك اتجاهًا معاكسًا من دول الغرب بشأن بث رسالة توحي بأنها صامدة وقوية، ولن تتردد ولن تتراجع عن المناورات العسكرية مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
العمليات قد تتحول إلى حرب شاملة
«ربما تكون هذه العمليات الشرارة لضربات كبيرة تختلف عن سابقتها وفي حال استمرارها تُحتمل أن تتحول إلى حرب شاملة، وذلك ليس في مصلحة إيران لاختلاف الموازين من حيث النوع والعدد والكم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى أن إيران ليس معها أي تعاطف دولي، في حين أن إسرائيل تلجأ إلى أسلوبها الدعائي منذ عام 1984 حتى الآن وهي استعطاف الأطراف الأخرى»، وفق ما يرى الدكتور عبد الكريم الوزان.
وأوضح الدكتور عبد الكريم الوزان أن هذه العمليات تؤكد أن السلام ليس آمنًا في ظل وجود الصراع الأيديولوجي والفكري بامتلاك بعض الدول أسلحة نووية وعدم وجود اتفاقات دولية للحد من استخدام السلاح وتهيئة الفرص للممرات البحرية؛ لتكون آمنة وحماية التجارة العالمية والمدنيين بشكل عام ليكونوا آمنين.
مواجهة مفتوحة مدعومة بالقوة والدبلوماسية
الدكتور حسن الموني، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، أكد أن حرب الناقلات ليست بالأمر الجديد؛ فهي جزء من المواجهة المفتوحة بين إيران وإسرائيل وأمريكا وحلفائها في كثير من مناطق أخرى مثل: لبنان وسوريا والعراق؛ موضحًا أن انتقال الحرب إلى البحر عبر الناقلات بسبب تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية أن هذه العمليات قد تكون جزءًا من التصعيد الذي يُوصف بالتكتيكي ضمن قواعد المواجهة المفتوحة بين الأطراف خاصة إيران وإسرائيل التي تجتمع جميع الأطراف على قواعد اللعبة في هذا الأمر، مؤكدًا أن ذلك يأتي أيضًا في سياق مواجهة دبلوماسية تصعيدية "انتظار الجميع محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي"، على اعتبار أن هذه الخطوات الدبلوماسية مدعومة بالقوة.
وعن استراتيجية إيران في هذا الأمر، أكد أن هذه الاستراتيجية اشتدت بعد مسألة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران وتصدير النفط؛ لذلك ترسل طهران رسالة توحي بأن لا أحد بعيدٌ عن مسألة حرب الناقلات، وأننا لدينا القدرة على الرد والتأثير على الملاحة الدولية.
وكشف الدكتور حسن الموني أنه هذا الأمر يبقى في سياق تصعيد تكتيكي، وبدا ذلك خلال الفترة الماضية واضحًا عن طريق أذرع إيران في المنطقة بدول: العراق وسوريا ولبنان؛ فكانت هناك مواجهات مباشرة في أكثر من مناسبة بين الطرفين أو مكان جغرافي من خلال إجراءات وخطوات فردية إسرائيلية طالت إيران في عقر دارها.
وعن ردود أفعال الأطراف الفاعلة، أكد أن هناك نوعًا من التحرك الغربي باعتبار أن الأمور قد زادت عن حدها؛ لذلك قد نشهد خطوات مقبلة تجاه إيران على الصعيد الدولي خاصة الدول الأوروبية وإسرائيل.
اقرأ:
«الأحواز» تستعين بمصر لمواجهة ممارسات إيران
هل الجزائر قادرة على تقريب وجهات النظر بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة؟
انقسام داخل النهضة.. وسياسي تونسي لـ«الديار»: الحركة باتت معزولة والشعب يقف خلف قرارات الرئيس
محلل سياسي لبناني لـ«الديار»: الأحزاب اللبنانية خاصة حزب الله تحبط المساعي المصرية