أسعار النفط بين التراجع العالمي ..هل يحمي انخفاض النفط جيوب المواطنين من شبح رفع الدعم؟

في قلب عاصمة النفط العالمية هيوستن أكبر مدن ولاية تكساس الأمريكية، حيث يجتمع كبار رجال النفط والطاقة سنويًا، الجميع يتحدث عن آفاق مشرقة لصناعة النفط والغاز في ظل إدارة أميركية داعمة للوقود الأحفوري، لكن وسط هذه الحماسة، كان هناك صوت آخر أكثر حذرًا، ينبئ بأن القادم قد لا يكون ورديًا كما يظن البعض ، ويتوقع كبار تجار النفط، مثل "فيتول" و"غونفور"، أن تشهد الأسعار موجة من التراجع. لماذا؟
لأن العرض بدأ يتجاوز الطلب، أوبك+ تضخ مزيدًا من البراميل في السوق، والولايات المتحدة تواصل زيادة إنتاجها، وإن كان بوتيرة أقل من السابق، كما أن إنتاج أمريكا الجنوبية في تصاعد مستمر، وبينما تظل العقوبات المفروضة على روسيا عاملًا مؤثرًا في السوق،حيث ارتفعت صادرات النفط الروسي بنحو 300 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأخيرة وهو أعلى معدل منذ يناير2023 .
توقعات جديدة لأسعار النفط
وفقًا لرئيس مجموعة "فيتول"، من المتوقع أن تتحرك أسعار النفط في نطاق يتراوح بين 60 و80 دولارًا للبرميل، وهو نطاق أقل مما كان عليه في السنوات الأخيرة. أما "غونفور" فتتوقع انخفاض خام "غرب تكساس" الوسيط إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل لفترة قصيرة.
وفي الوقت الحالي، تراجعت العقود المستقبلية لخام "برنت" بنسبة تجاوزت 12% لتصل إلى حوالي 70 دولارًا للبرميل، فيما انخفض خام "غرب تكساس" الوسيط بنحو 15% ليصل إلى 67 دولارًا للبرميل، وهو ما يعكس ضغوط العرض في السوق العالمية.
هل يتأثر المواطن المصري؟
في ظل هذه التغيرات العالمية، يبرز تساؤل جوهري:
كيف ستنعكس هذه التطورات على أسعار الوقود في مصر؟
خاصة مع اقتراب انعقاد لجنة تسعير الوقود في الأول من أبريل 2025، حيث تسعى الحكومة إلى رفع الدعم عن الوقود تدريجيًا.
إذا استمرت أسعار النفط العالمية في الانخفاض، فمن المتوقع أن يخفف ذلك من وطأة تأثير رفع الدعم على المواطن، إذ أن الأسعار المحلية مرتبطة بتكلفة الاستيراد.
ومع ذلك، يبقى العامل الأهم هو مدى متابعة الحكومة المصرية لهذه التغيرات، واتخاذ قرارات تسعيرية تعكس الواقع الفعلي للأسواق العالمية.
الحزمة الاجتماعية وتعويض المواطنين
للتخفيف من تأثير رفع الدعم، أعلنت الحكومة عن حزمة اجتماعية تتضمن زيادة الأجور، وهو ما قد يساعد في تقليل الأثر المالي على المواطنين.
لكن يبقى السؤال: هل هذه الزيادات كافية لتعويض ارتفاع تكاليف المعيشة؟
وهل ستُطبّق آليات رقابية لضمان عدم استغلال بعض القطاعات لهذا الرفع عبر زيادة أسعار السلع والخدمات؟
معادلة صعبة بين الواقع والسوق
بين تراجع أسعار النفط عالميًا واتجاه الحكومة المصرية نحو رفع الدعم، يبدو أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين الإيرادات الحكومية وحماية المواطن من تداعيات التضخم.
فهل تكون الحزمة الاجتماعية كافية؟
أم أن هناك حاجة لمزيد من التدخلات لضبط الأسواق؟
الإجابة ستظهر خلال الأشهر المقبلة مع تطبيق قرارات لجنة التسعير وتأثيرها الفعلي على الحياة اليومية للمواطن المصري.
مع العلم ان سوق النفط مثل رقعة الشطرنج، كل حركة تؤثر على الأخرى، وما يحدث في هيوستن الامريكية قد لا يبقى في هيوستن، بل يصل تأثيره إلى القاهرة، والإسكندرية، وأسوان، وكل محطة وقود في مصر!