البورصة مرآة الاقتصاد.. وحزمة الحوافز الجديدة هل تعيد الحياة إلى ”دق الأجراس”؟

إذا كنت تبحث عن نبض الاقتصاد المصري، فما عليك إلا أن تلقي نظرة على البورصة.
فهي ليست مجرد مكان لتبادل الأسهم والسندات، بل هي مرآة تعكس صحة الاقتصاد وقوة استثماراته.
واليوم، تتحرك الحكومة المصرية بخطوات جادة لإعادة إحياء هذه المرآة، عبر حزمة حوافز جديدة تهدف إلى جذب المزيد من الشركات للقيد في البورصة، وتعزيز ثقة المستثمرين،وفقا لما كشفه مسؤول حكومي رفيع.
ولكن هل ستكون هذه الحزمة كافية لإعادة الحياة إلى "دق الأجراس"؟
حزمة حوافز جديدة.. هل تكون المفتاح السحري؟
تعمل الحكومة على إعداد حزمة من الحوافز الجديدة للقيد في البورصة المصرية، في محاولة لتحفيز الطروحات الحكومية والخاصة. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أوسع لتعزيز دور البورصة كأداة رئيسية لتمويل الشركات وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
ومن أبرز ملامح هذه الحزمة، تخفيض الضرائب على الطروحات الجديدة. فقد كشف مسؤول حكومي أن لجنة مكونة من وزارة المالية والبورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة المالية تبحث إمكانية إعفاء أرباح الطروحات الجديدة من الضرائب.
هذا الإجراء يأتي بعد أن وافقت الحكومة في وقت سابق على تخفيض الضريبة بنسبة 50% في عام 2023، لكن التأجيلات المتكررة لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية حال دون استفادة المستثمرين من هذا الحافز.
الإعفاءات الضريبية.. هل تجذب المستثمرين؟
يعتقد المسؤول الحكومي أن الإعفاءات الضريبية على الأرباح المحققة من الطروحات العامة الجديدة ستجذب المزيد من الطروحات الخاصة، وتضمن أحجام اكتتاب قوية لكل من الطروحات الحكومية والخاصة.
وبالفعل، فإن تخفيض الضرائب أو إلغاؤها يمكن أن يكون عامل جذب قويًا للمستثمرين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العالم حاليًا.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الإعفاءات الضريبية وحدها كافية لتحقيق النجاح المطلوب؟ الإجابة ليست بسيطة، فجذب المستثمرين يتطلب أكثر من مجرد حوافز ضريبية.
هناك حاجة إلى تحسين البيئة الاستثمارية بشكل عام، وضمان شفافية وسهولة الإجراءات، وتعزيز الثقة في السوق.
ضريبة الدمغة.. بديل أبسط أم عبء جديد؟
في الوقت نفسه، تتجه الحكومة إلى تطبيق ضريبة دمغة بنسبة 0.15% على جميع معاملات البورصة المصرية، كبديل أبسط لضريبة الأرباح الرأسمالية.
ويبدو أن مشروع القانون في مراحله النهائية، ومن المتوقع أن يعرض على مجلس الوزراء قريبًا قبل إحالته إلى مجلس النواب.
ضريبة الدمغة ستطبق على المستثمرين المقيمين وغير المقيمين على حد سواء، وهو ما قد يثير بعض الجدل حول تأثيرها على جاذبية السوق.
فمن ناحية، تعتبر ضريبة الدمغة أكثر بساطة ووضوحًا من ضريبة الأرباح الرأسمالية، مما قد يسهل على المستثمرين حساب تكاليفهم.
ولكن من ناحية أخرى، قد تشكل عبئًا إضافيًا على المستثمرين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
ضريبة الأرباح الرأسمالية.. هل تطوى إلى الأبد؟
في تطور آخر، يبدو أن ضريبة الأرباح الرأسمالية، التي طال انتظارها وتأجلت مرارًا وتكرارًا، قد تطوى إلى الأبد.
فقد صرح مصدر حكومي الشهر الماضي أن الحكومة تناقش بدائل لهذه الضريبة، مع التركيز على ضريبة الدمغة كخيار رئيسي.
هذا القرار قد يكون بمثابة إشارة إيجابية للمستثمرين، الذين كانوا يخشون من تأثير ضريبة الأرباح الرأسمالية على أرباحهم.
ولكن في الوقت نفسه، يجب أن تكون الحكومة حريصة على تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات وضمان الإيرادات الضريبية اللازمة لتمويل الخدمات العامة.
البورصة بين الحوافز والتحديات
لا شك أن حزمة الحوافز الجديدة التي تعدها الحكومة خطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة في ظل الجهود المبذولة لتعزيز دور البورصة كأداة رئيسية لتمويل الاقتصاد.
ولكن النجاح الحقيقي لن يتأتى إلا من خلال تحسين البيئة الاستثمارية بشكل شامل، وضمان الشفافية وسهولة الإجراءات، وتعزيز ثقة المستثمرين.
البورصة مرآة الاقتصاد، وما يراه المستثمرون في هذه المرآة اليوم سيحدد اتجاهات السوق غدًا. فهل تكون هذه الحوافز بداية لعصر جديد من الازدهار للبورصة المصرية؟
الوقت وحده كفيل بالإجابة.