في ذكرى رحيل الفريق سعد الدين الشاذلي: بطل العسكرية المصرية وصانع نصر أكتوبر
![أرشيف](https://media.eldyar.net/img/25/02/10/607306.jpg)
تحل اليوم الذكرى السنوية لرحيل الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، وأحد أبرز العقول العسكرية التي سجلها التاريخ المصري الحديث. رحل الشاذلي عن عالمنا في 10 فبراير 2011، تاركًا وراءه إرثًا من البطولات والتخطيط العسكري الفذ الذي ساهم في تحقيق أعظم انتصار عسكري عربي في القرن العشرين. المولد والنشأة.. بداية قائد عظيم وُلد الفريق سعد الدين الشاذلي في 1 أبريل 1922 بقرية "شبراتنا" بمحافظة الغربية. التحق بالكلية الحربية عام 1939، وتخرج منها عام 1940، لينضم إلى صفوف الجيش المصري في فترة كانت مليئة بالتحديات والاحتلالات الأجنبية. كانت نشأته العسكرية مليئة بالمحطات المهمة التي صقلت شخصيته القيادية، بدءًا من مشاركته في حرب فلسطين 1948، ثم دوره في تأسيس أول قوات مظلية مصرية، والتي أصبحت لاحقًا واحدة من أقوى الوحدات في الجيش. حرب الاستنزاف.. وإعداد الجيش للحرب الكبرى عُين الشاذلي قائدًا للواء الأول قوات مظلية، ثم تولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة في 16 مايو 1971، ليصبح العقل المدبر للتخطيط العسكري الذي مهّد لنصر أكتوبر العظيم. وخلال حرب الاستنزاف (1967-1970)، لعب دورًا رئيسيًا في إعادة بناء الجيش المصري بعد نكسة 1967، حيث أدرك أهمية التدريب المكثف وإعداد القوات بشكل غير تقليدي لمواجهة العدو الإسرائيلي. حرب أكتوبر 1973.. يوم المجد والانتصار مع اندلاع حرب أكتوبر 1973، كان الفريق الشاذلي مهندس الخطة العسكرية التي عُرفت بـ"خطة المآذن العالية"، والتي نجحت في تحطيم خط بارليف، أقوى خط دفاعي في التاريخ العسكري الحديث. كانت خطته قائمة على استخدام قوات المشاة لعبور قناة السويس، وتحقيق المفاجأة الاستراتيجية، وهو ما حدث بالفعل يوم 6 أكتوبر 1973، عندما اجتاز الجيش المصري قناة السويس، وتمكن من تحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر". يقول الخبير العسكري اللواء د. سمير فرج، في حديثه عن الشاذلي: "لقد كان الفريق الشاذلي عقلية عسكرية فذة، وكان يؤمن بأن التخطيط الدقيق هو مفتاح الانتصار. دوره في تطوير التكتيكات الحربية ساهم في نجاح عمليات العبور وتحقيق المفاجأة للعدو." أما المؤرخ العسكري جمال حماد، فقد وصفه قائلاً: "الشاذلي كان يتمتع بذكاء عسكري نادر، وكانت خططه تعكس فهمًا عميقًا لفن الحرب. لقد كان من أكثر القادة إيمانًا بجنوده، وكان دائمًا يدافع عنهم أمام القيادات العليا." تكريم متأخر.. ووفاة في يوم تاريخي رغم التهميش الذي تعرض له بعد الحرب، إلا أن التاريخ أنصف الفريق الشاذلي، وأُعيد إليه الاعتبار رسميًا بعد وفاته، حيث منحه الرئيس الراحل حسني مبارك قلادة النيل العظمى في 2012، كما أُعيد اسمه إلى قائمة أبطال الحرب في المناهج الدراسية والوثائق العسكرية. توفي الفريق سعد الدين الشاذلي في 10 فبراير 2011، في نفس اليوم الذي تنحى فيه الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم، وكأن القدر أراد أن يرحل في لحظة تاريخية تشهد تغيرًا جذريًا في تاريخ مصر. إرثه العسكري.. ومدرسته في التخطيط الحربي لا يزال اسم الفريق سعد الدين الشاذلي حاضرًا في الذاكرة الوطنية، حيث يعتبره كثيرون أحد أعظم القادة العسكريين في تاريخ مصر. لقد أثبت أن التخطيط السليم والشجاعة العسكرية هما مفتاح أي انتصار، وظل حتى آخر أيامه مؤمنًا بأن حب الوطن والعمل بإخلاص هما سر النجاح. يقول اللواء أركان حرب أحمد عبد الحليم، الخبير الاستراتيجي: "الشاذلي كان مدرسة في التخطيط العسكري، ودرست خطته في أكبر الأكاديميات الحربية العالمية. لا يمكن لأي دارس لتاريخ الحروب تجاهل دوره في حرب أكتوبر." في ذكرى رحيله، يظل الفريق سعد الدين الشاذلي رمزًا للكرامة الوطنية والعسكرية، ويبقى اسمه محفورًا في ذاكرة المصريين، كواحد من أبرز القادة الذين صنعوا النصر، ورفعوا راية العزة فوق أرض سيناء.