ترند المدرسين يُشعل مواقع التواصل الاجتماعي.. وخبراء يطالبون بوضع حدود واضحة لهذه الأنشطة
اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة موجة من مقاطع الفيديو التي أطلق عليها الجمهور "ترند المدرسين"، تضمنت هذه المقاطع مشاهد لمدرسين يرقصون أو يشاركون في تحديات على أنغام موسيقى شعبية داخل الفصول الدراسية أو خلال الأنشطة المدرسية.
وبينما لاقت هذه الظاهرة رواجًا واسعًا بين الطلاب وبعض أولياء الأمور، أثارت استياء شرائح كبيرة من المجتمع، خاصة المعنيين بالشأن التربوي والديني، الذين اعتبروها انتهاكًا لهيبة المهنة التربوية وإساءة لصورة المعلم.
ظاهرة جديدة أم انحراف تربوي؟
"ترند المدرسين" جاء في سياق تزايد اعتماد المدرسين على وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل مع الطلاب والترويج لأنشطتهم التعليمية.
ومع ذلك، تحولت بعض هذه الأنشطة إلى عروض ترفيهية تتسم بالمبالغة، ما أدى إلى إثارة تساؤلات حول حدود العلاقة بين المعلم والطالب.
يرى البعض أن هذه الأنشطة تعكس محاولات المدرسين كسر الروتين التعليمي وإضفاء جو من المرح في البيئة المدرسية.
وأكد المؤيدون أن المدرس الذي يتفاعل مع طلابه بأساليب مبتكرة يساهم في جذبهم للتعليم وتحفيزهم على المشاركة.
من ناحية أخرى، انتقد معارضو هذه الظاهرة بشدة، مشيرين إلى أنها تُفقد المدرس هيبته، وتُحول العملية التعليمية إلى عرض ترفيهي يبتعد عن أهدافها الأساسية.
واعتبروا أن بعض المقاطع تجاوزت حدود الأخلاق والقيم المجتمعية.
ردود فعل تربوية ودينية بعد انتشار "ترند المدرسين"، حيث علق العديد من خبراء التربية وعلماء الدين الذين أكدوا على ضرورة وضع حدود واضحة لهذه الأنشطة.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة هالة أحمد، أستاذة التربية بجامعة عين شمس: المدرس هو القدوة الأولى للطلاب، وما يقدمه من تصرفات داخل الفصل ينعكس مباشرة على شخصياتهم، لا يمكننا إنكار أهمية استخدام أساليب حديثة لجذب انتباه الطلاب، لكن يجب أن تكون هذه الأساليب ضمن إطار تربوي يحترم قدسية التعليم.
ومن جانبه، قال الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: "الإسلام يعلي من شأن المعلم، ويعتبر التعليم رسالة سامية، أي تصرفات تخل بوقار المعلم أو تسيء إلى صورته أمام الطلاب تعتبر مخالفة للقيم الدينية. المرح المباح مطلوب، لكن دون إسفاف أو تجاوز.
وزارة التربية والتعليم تتدخل في ظل تصاعد الجدل، وأصدرت بيانًا أكدت فيه أنها تتابع هذه الظاهرة عن كثب. وأوضحت الوزارة أنها لا تعارض استخدام أساليب حديثة في التعليم، لكنها لن تتهاون مع أي تصرفات تسيء إلى صورة المعلم أو تؤثر سلبًا على العملية التعليمية. كما شددت على أهمية الالتزام بالقواعد المهنية داخل الفصول الدراسية.
فيما أبدى العديد من الطلاب إعجابهم بهذه المقاطع، معتبرين أن المدرسين الذين يشاركون في هذه الأنشطة أكثر قربًا منهم، مما يُسهم في تحسين علاقتهم بالدراسة.
وجاءت آراء أولياء الأمور متباينة؛ حيث أيد البعض هذه الأنشطة كوسيلة لجعل التعليم ممتعًا، بينما انتقد آخرون ما وصفوه بـ"الإفراط في الترفيه" على حساب الجدية المطلوبة.
ودعا خبراء التربية والإعلام المدرسين إلى التوازن بين الإبداع والالتزام. وأكدوا أن المعلم هو حجر الأساس في بناء الأجيال، وأن الحفاظ على هيبته لا يتعارض مع استخدام وسائل حديثة لجذب الطلاب، بل يتطلب وعيًا وحكمة في اختيار الأساليب المناسبة.
"ترند المدرسين" يُعد مؤشرًا على التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع في ظل التطور التكنولوجي.
وبينما يعكس جانبًا من الإبداع والمرونة، فإنه يُحذر من خطورة تجاوز الحدود التي تحفظ مكانة المعلم، باعتباره ركيزة أساسية في تشكيل عقول الأجيال القادمة.