سوريا بين أنقاض النظام وتوغلات الاحتلال الإسرائيلي
منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يوم الأحد الماضي، تتحول البلاد إلى ساحة مفتوحة أمام الأطماع الإسرائيلية، خمس أيام فقط كانت كافية لتكشف عن حجم العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل بحجة القضاء على التهديدات المحتملة، لكنها في الواقع تُظهر نوايا أعمق لتحطيم ما تبقى من القوة السورية.
التوغل الإسرائيلي: هل يتوقف عند دمشق؟
أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي الانتهاء من الجزء الرئيسي من العمليات في سوريا، بعد تدمير ما بين 70% إلى 80% من القدرات العسكرية السورية وعلى الأرض، تجاوزت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة بعمق 25 كيلومتراً جنوب غرب دمشق، وصولاً إلى منطقة قطنا التي تقع شرق المنطقة المنزوعة السلاح.
المشهد لم يكن مجرد ضربات جوية هنا وهناك، بل كان عملية عسكرية موسعة بمشاركة 350 طائرة حربية، استهدفت القواعد العسكرية، أنظمة الدفاع الجوي، مستودعات الأسلحة، وحتى مواقع يُعتقد أنها تحتوي على أسلحة كيميائية.
أهداف الاحتلال: تجريد سوريا من المستقبل
أكثر ما يلفت الانتباه هو الهدف الحقيقي لهذه العمليات وفقًا لتقارير إسرائيلية، تسعى إسرائيل إلى تجريد أي سلطة قادمة في سوريا من أدوات القوة العسكرية بمعنى آخر، لا تريد إسرائيل فقط التخلص من التهديدات المباشرة، بل تريد التأكد من أن سوريا المستقبلية تظل ضعيفة وتصبح دولة منزوعة السلاح، غير قادرة على تشكيل أي خطر استراتيجي في المنطقة.
الجيش السوري: بين الماضي والمستقبل
لا يمكن الحديث عن سوريا دون التطرق إلى الجيش السوري، الذي كان لعقود أحد الأعمدة الأساسية لمواجهة إسرائيل، القوات الجوية السورية، على الرغم من تراجعها في السنوات الأخيرة بسبب الحرب، لا تزال تمتلك ترسانة من الطائرات المقاتلة المتنوعة مثل ميج 29 وسوخوي.
لكن الأهم هنا هو أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة مثل بانتسير-إس 1 وإس-300، التي تثير قلق إسرائيل بسبب قدرتها على التصدي للهجمات الجوية، فضلاً عن ترسانة الأسلحة الكيميائية التي تشكل مصدر تهديد حقيقي.
الجولان في الحسابات الإسرائيلية: أكثر من مجرد تلال
"سيظل الجولان إسرائيلياً إلى الأبد" بهذه العبارة أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحاً صادماً، يؤكد فيه استمرار الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية، التي تحتل مكانة استراتيجية تجعلها مطمعاً دائماً لإسرائيل.
لكن ما هو جديد في هذه اللعبة القديمة؟ الجواب جاء عبر الغارات المكثفة التي شنها الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية، بعد سقوط نظام الأسد، في خطوة تبدو وكأنها استثمار لحالة الفوضى التي تعيشها سوريا.
تحتل هضبة الجولان مكانة استراتيجية لإسرائيل، حيث تشرف على هضاب الجليل وبحيرة طبريا. هذه الأرض ليست مجرد مرتفع جغرافي، بل هي بوابة لمراقبة العمق السوري من جهة، والسيطرة على موارد مائية هامة من جهة أخرى.
لكن الأهمية لا تتوقف عند الجانب العسكري فقط، الجولان يُعدُّ خزانًا مائيًا استراتيجيًا لإسرائيل، حيث تعتمد بشكل كبير على المياه التي تتدفق منه، سواء من نهر الأردن أو من ينابيع الحرمون. ومع ندرة الموارد المائية في المنطقة، بات الجولان جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية إسرائيل لتأمين احتياجاتها المائية.