نميرة نجم: قرارات محكمة العدل الدولية بشأن فلسطين مُلزمة لأنها كاشفة للقواعد القانون الدولي الواجبة النفاذ
أكدت السفيرة د. نميرة نجم، محامي فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، أن قرارات المحكمة الأخيرة بشأن فلسطين تُمثل نقطة تحول في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمن خلال كشفها عن إنتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني، تسلّح المحكمة الفلسطينيين بأداة قانونية قوية لمُواجهة الإحتلال، وأوضحت نجم، أن هذه القرارات لا تقتصر على أهميتها القانونية، بل تمتد لتشمل أبعادها السياسية، حيث يمكن إستخدامها في المُفاوضات الدولية لدحض الإدعاءات الإسرائيلية وتقوية موقف الفلسطينيين.
قالت السفيرة د. نميرة نجم محامي فلسطين أمام محكمة العدل الدولية و خبير القانون الدولي و الهجرة، إن محكمة العدل الدولية لا تصنع القانون ولكنها تكشف عنه، وبالتالي يمكن إستخدام قراراتها و أحكامها بعد ذلك في المُفاوضات السياسية لدحض الإدعاءات المُخالفة للقانون من خلال قراراتها، التي من شأنها تقوية موقف المُفاوضين خاصة من الدول النامية، وأن إلزامية الآراء الإستشارية للمحكمة لا تأتي من الآراء ذاتها، لأنها وفقًا لقواعد المحكمة هي أراء إسترشادية ولكن الإلزامية تأتي هنا من قواعد القانون ذاتها التي إلتزمت بها الدول طواعية، ففي الآراء الإستشارية تقوم المحكمة بالتأكيد على أن عدد من قواعد القانون بعينها هي التي تنطبق في الحالة المعروضة أمامها وهو ما يساعد في تفسير القانون بشكل واضح، ولا يمكن على المستوى السياسي بعد ذلك نقض ما يخرج عن المحكمة قانونيًا، جاء ذلك أثناء محاضرة السفيرة كمتحدث خبير بالقانون الدولي في الدورة العربية للقانون الدولي الإنساني التي نظمها القسم الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر بالشراكة مع جامعة الدول العربية في شرم الشيخ .
وقد قدمت السفيرة في المحاضرة عرضًا تفصيليًا عمليًا لدور المحكمة العدل الدولية الكاشف للقانون الدولي الإنساني وأهميته سواء في القضايا الخلافية بين الدول أو في الآراء الإستشارية للمحكمة، و شرحت السفيرة الرأي الإستشاري الأخير الذي أصدرته المحكمة حول مدى مشروعية الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة إلى إستناد المحكمة إلى قواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد حقوق الإنسان للكشف عن إنتهاكات الإحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت السفيرة، على أن طلب الرأي الإستشاري من المحكمة بعدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين جاء قبل أحداث غزة بفترة طويلة سنة تقريبًا، وكان الغرض منه التأكيد على المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء الإحتلال ووقف الإستيطان، والتأكيد على عدم قبول التغيرات الديموغرافية على الأرض في الأراضي المحتلة، وكذلك التصدي للتفرقة العنصرية ضد الفلسطينيين في ضوء فشل كل جهود الحلول السياسية قبل ٧ أكتوبر و حتى الآن من جانب، وكذلك فشل المنظومة الأممية من جانب آخر في إتخاذ الإجراءات اللازمة والعملية للتصدي الفعلي ، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ،.
و أشارت السفيرة، إلى بعض القضايا الأخرى التي تناولت فيها المحكمة قواعد القانون الدولي الإنساني ومنها قرار المحكمة في دعوة الإبادة الجماعية الخاصة بسربرنيتسا في البوسنة، والدعوة ما بين الولايات المتحدة ضد نيكاراجوا، والدعوى ما بين أوغندا ضد الكونجو الديمقراطية، وكذلك الرأي الإستشاري في قضية الأسلحة النووية والرأي الإستشاري الخاص بجزر تشاجوس.
ونوهت السفيرة، في عرضها إلى الفرق بين الإحتلال المشروع وغير المشروع والإلتزامات التي خرجت بها المحكمة في رأيها الإستشاري على إسرائيل من جانب، وعلى كافة دول العالم من جانب آخر، كما تطرقت إلى إلتزامات المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة في تنفيذ الرأي الإستشاري للمحكمة في دعوى فلسطين الأخيرة .
ونوهت السفيرة، إلى الدعاوى الأخرى المرفوعة أمام المحكمة في خصوص الوضع في غزة سواء دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أو نيكاراجوا ضد ألمانيا، مُشيرة إلى إنتهاكات القانون الدولي الإنساني المُتعددة في غزة، مُؤكدة على أنه على الرغم من أن الدعاوى الخاصة بإثبات جريمة الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل تستغرق وقتًا كبيرًا إلا أن المحكمة في نهاية الأمر سوف تخرج بقرار قانوني مُلزم للجميع.
وقد قدمت نجم، محاضرتها تحت عنوان "محكمة العدل الدولية ودورها في تطوير القانون الدولي"، بالمشاركة مع المُستشارة د. ياسمين موسى من مكتب وزير الخارجية المصري .
وقد إستهدفت الدورة العربية للقانون الدولي الإنساني في شرم الشيخ مسئولين حكوميين من الدول العربية، وعدد من الأكاديميين في المؤسسات والجامعات التعليمية في المنطقة، و تسعى الدورة التدريبية كذلك إلى تقديم معلومات مُعمقة ونظرة شمولية لجوانب القانون الدولي الإنساني، مُتضمنة وسائل الحرب وأساليبها المختلفة، والأشخاص والأعيان المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني بما في ذلك الأشخاص المحرومون من حريتهم والمفقودون .
وقد عُقدت الدورة العربية الإقليمية للقانون الدولي الإنساني للمرة الأولى عام 2004، بموجب قرار من مجلس وزراء العدل بجامعة الدول العربية ليؤكد إلتزام المنطقة العربية بتنفيذ القانون الدولي الإنساني، وكان الهدف الرئيسي من القرار هو توعية المسئولين الحكوميين العرب بقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه.
الجدير بالذكر، أن القانون الدولي الإنساني هو مجموعة من القواعد التي تسعى للحَدّ من آثار النزاع المسلح، ويهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو كفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية ويقيد وسائل الحرب وأساليبها.