الأزهر الشريف.. منارة العلم والإيمان وحصن الوسطية للأمة الإسلامية
يُعد الأزهر الشريف أحد أبرز المعالم الحضارية الإسلامية وأكثرها تأثيرًا في العالم الإسلامي، حيث يمثل منذ تأسيسه في عام 972 ميلادية منارةً شامخة تجمع بين العلم والإيمان، وتنشر قيم التسامح والاعتدال. على مدار أكثر من ألف عام، ظل الأزهر حارسًا أمينًا على رسالة الإسلام الوسطية، مدافعًا عن قضايا الأمة الإسلامية، ومسهمًا في تحقيق التوازن بين الأصالة والتجديد.
دور الأزهر العلمي والتربوي
قال الدكتور محمد أبو موسى أستاذ البلاغة جامعة الأزهر أن الأزهر الشريف منذ نشأته، حرص على أن يكون قبلةً للعلماء والطلاب من مختلف أنحاء العالم، فهو يضم أعظم الكليات والمراكز البحثية المتخصصة في العلوم الشرعية واللغوية والطبيعية. كما يُعتبر الأزهر نموذجًا عالميًا للتعليم، حيث يجمع بين الدراسات الدينية والعلوم الدنيوية، مما يؤهله ليكون منارة للإبداع الفكري والتجديد ويدرس في الأزهر طلاب من أكثر من 100 دولة، يتلقون العلم على أيدي علماء أجلاء يمثلون نموذجًا يُحتذى به في الأخلاق والعلم. وخلال سنوات دراستهم، لا يتعلمون فقط أصول الدين الإسلامي، بل ينهلون أيضًا من قيم التسامح والاعتدال التي ينادي بها الأزهر، مما يجعلهم سفراء للوسطية في بلدانهم.
الأزهر والوسطية الإسلامية
وأضاف أن الأزهر الشريف لم يكن يومًا مجرد مؤسسة تعليمية أو دينية، بل هو رمز للوسطية الإسلامية التي تنبذ التطرف والغلو. فمن خلال مناهجه العلمية وخطاباته الدعوية، نجح الأزهر في تقديم الإسلام بصورته الحقيقية كدين يحث على السلام والتعايش مع الآخرين وفي زمن تزايدت فيه محاولات تشويه صورة الإسلام، قام الأزهر بدور كبير في التصدي للأفكار المتطرفة والإرهابية التي لا تمت للإسلام بصلة. لقد أكد الأزهر أن الإسلام دين الرحمة والعدل، وأنه يدعو إلى احترام التنوع الثقافي والديني، مما جعله مرجعية دينية موثوقة ليس فقط للمسلمين، بل للعالم أجمع.
الدور الإقليمي والدولي للأزهر
وأكد أنه لم يقتصر تأثير الأزهر على مصر وحدها، بل امتد ليشمل كافة الدول الإسلامية والعالم. فمن خلال مؤتمراته الدولية ومشاركاته الفعالة في المحافل العالمية، استطاع الأزهر أن يعزز من دوره كجسر للتواصل بين الحضارات.
كما قاد الأزهر مبادرات عديدة تهدف إلى تحقيق السلام العالمي، وتعزيز الحوار بين الأديان، ومواجهة التحديات المشتركة مثل التطرف الديني والعنف الطائفي. وفي هذا السياق، كانت وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي وقعها شيخ الأزهر الشريف مع بابا الفاتيكان خير دليل على التزام الأزهر بنشر رسالة السلام والتسامح بين البشر.
الأزهر وقضايا الأمة الإسلامية
وأفاد الدكتور حسن عبداللطيف رئيس قسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر دائمًا ما كان الأزهر الشريف داعمًا قويًا لقضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فمواقفه الثابتة تجاه القدس الشريف والمسجد الأقصى تُجسد التزامه بالدفاع عن حقوق المسلمين في مختلف أنحاء العالم وفي أوقات الأزمات، كان الأزهر حاضرًا بقوة ليؤكد على أهمية الوحدة الإسلامية ونبذ الفرقة، حيث دعا إلى التضامن بين الدول الإسلامية لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الأمة.
الأزهر في مواجهة التحديات المعاصر
وأضاف أنه في العصر الحديث، يواجه الأزهر تحديات عديدة، منها انتشار الأفكار المتطرفة وظهور تيارات تدعو إلى هدم ثوابت الدين. لكن الأزهر، بما يمتلكه منج بصيرة، ظل ثابتًا في التصدي لهذه المحاولات، حيث أطلق العديد من المبادرات لمكافحة التطرف ونشر الفكر الوسطي.
كما استفاد الأزهر من التكنولوجيا الحديثة في إيصال رسالته إلى العالم، عبر إنشاء منصات إلكترونية وقنوات تعليمية تُقدم محتوى دينيًا متميزًا يلبي احتياجات العصر.
ا
وأخيرا إن الأزهر الشريف ليس مجرد مؤسسة دينية، بل هو رمز لوحدة الأمة الإسلامية ومرجعية حضارية وعلمية لها. وعلى مر العصور، ظل الأزهر صامدًا في وجه التحديات، يؤدي دوره في نشر العلم والفضيلة، ويُعلي من قيم التسامح والسلام.
الأزهر هو القلب النابض للأمة الإسلامية، وحصنها الحصين الذي يحميها من الانقسامات والتطرف. لذا، فإن دعم الأزهر وتعزيز دوره ليس مجرد واجب ديني أو وطني، بل هو مسؤولية جماعية لضمان مستقبل مشرق للأمة الإسلامية وللعالم أجمع.