مشروع المجتمعات الإنتاجية المرنة: نموذج للتنمية المُستدامة وتمكين المجتمعات المحلية في مصر
شهدت مصر خلال السنوات الأربع الماضية شراكة وطنية مُثمرة بين منظمات المجتمع المدني، بهدف بناء مجتمعات محلية أكثر مرونة وقدرة على مُواجهة التغيرات المناخية، والذي تجسد في نجاح مشروع المجتمعات الإنتاجية المرنة في تحقيق إنجازات ملموسة على أرض الواقع، من خلال تقديم نموذج ناجح للشراكة بين القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني، وذلك بهدف بناء مجتمعات مستدامة، وذلك في إطار تنفيذ رؤية مصر 2030.
على مدار 4 سنوات، قدم مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، نموذجًا للشراكة الوطنية الحقيقية بين منظمات المجتمع المدني، مُمثلةً في الجمعية القبطية للرعاية الإجتماعية، والمكتب العربي للشباب والبيئة، في إطار تنفيذ «رؤية مصر 2030»، من خلال بناء مجتمعات محلية أكثر قدرة على الصمود والتكيف مع أزمة التغيرات المناخية، بالإضافة إلى تمكين المرأة والشباب، وتحسين جودة الحياة في المناطق المُستهدفة.
بدأ تنفيذ المشروع في ثلاث مناطق بمحافظتي القاهرة وبني سويف، تم إختيارها بعناية شديدة، باعتبارها من أكثر المناطق إحتياجًا، وهي منطقة «مؤسسة الزكاة»، التابعة لحي المرج بالقاهرة، وقريتي «الفنت» و«جليلة»، التابعتين لمركز الفشن في بني سويف، ووضع المشروع، الذي تم تنفيذه بتمويل من الإتحاد الأوروبي، نصب عينيه منذ إنطلاقه في عام 2020، أن تكون هذه المناطق نماذج مُستدامة يمكن تكرارها في عدد من المحافظات الأخرى.
إستهدف مشروع المجتمعات الإنتاجية المرنة، تقديم العديد من النماذج لتعزيز فكر توطين مفهوم التنمية المُستدامة، من خلال عقد شراكات مع عدد من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في المجتمعات المحلية، من ضمنها جمعية «الإخلاص القبطية للتنمية» في محافظة بني سويف، وجمعية «مصر الإرادة» في محافظة القاهرة، وفي سبيله لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، وعمل المشروع على تكوين لجان مجتمعية وحكومية في مناطق تنفيذ المشروع، وأسهمت هذه اللجان بدور فعال في إختيار الفئات المُستهدفة، ومتابعة تنفيذ أنشطة المشروع، وضمان إستدامة الخدمات المُقدمة للفئات المُستفيدة.
كما حرص المشروع على تنفيذ مجموعة من البرامج التدريبية وبناء القدرات، ساهمت بشكل كبير في رفع كفاءة أعضاء اللجان المجتمعية، وزيادة الوعي بأهداف ومحاور المشروع، وفي هذا الإطار تم تنفيذ العديد من اللقاءات التوعوية وورش العمل، بالإضافة إلى إقامة مُعسكرات بيئية، إستهدفت أكثر من 2097 شخصًا على مدار فترة تنفيذ المراحل المختلفة للمشروع.
وضع المشروع هدف تحسين الوضع البيئي والإرتقاء بجودة الحياة في المجتمعات المُستهدفة على رأس أولوياته، من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة في عدة محاور، منها تعزيز إستخدامات الطاقة الجديدة والمُتجددة، وترشيد إستهلاك الطاقة، لما لهذه الأنشطة من مردود إقتصادي وبيئي، وتُمثل ذلك في تركيب 17 ألف و100 لمبة ليد مُوفرة للطاقة، مُوزعة على 3420 أسرة في المناطق المُستهدفة، كما تم تركيب عدد 1065 كشاف إنارة ليد للشوارع غير المُخدومة، إستفاد منها ما يقرب من 39 ألف و83 شخصًا.
نجح المشروع في توفير الري لـ 40 فدانًا من الأراضي الزراعية من خلال تركيب 6 ماكينات حديثة تعمل بالطاقة الشمسية، إستفاد منها 41 أسرة بالمجتمعات الريفية المُستهدفة، وذلك بالتنسيق مع الإدارات المعنية بوزارتي الرَيّ والزراعة، بالإضافة إلى تركيب 5 وحدات ثابتة للطاقة الشمسية على أسطح عدد من المساجد والكنائس والوحدة المحلية بقرية «الفنت»، بطاقة إنتاجية تبلغ 30 كيلووات، وكذلك، تم إنشاء 100 وحدة بيوجاز، بالتنسيق مع مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المُستدامة، لخدمة ما يقرب من 617 شخصًا، من خلال الإستخدام الأمثل للمُخلفات الزراعية والحيوانية، وساهم ذلك في الحَدّ من الإنبعاثات الحرارية، بالإضافة إلى العائد الإقتصادي نتيجة توفير ثمن إستخدام مصادر الطاقة التقليدية، فضلاً عن توفير الأسمدة العضوية، التي أسهمت في زيادة الإنتاجية الزراعية.
كما حرص مشروع المجتمعات الإنتاجية المرنة، على تنفيذ عدد من الأنشطة لترشيد إستخدام المياه، من خلال تجهيز مساحة تُقدر بنحو 30 فدانًا، بشبكات الرَيّ بالتنقيط، بالإضافة غلى تنفيذ عدد 126 مشروعًا من المشروعات الخضراء، لخدمة أكثر من 150 شاب وفتاة في المجتمعات المُستهدفة، من خلال تبني فكرة ريادة الأعمال، وتقديم البرامج التدريبية والدعم الفني والمالي للمُستفيدين، وقد تنوعت هذه المشاريع ما بين إدارة المُخلفات الصلبة، والمُخلفات الزراعية، و الصوّب الزراعية، وإعادة تدوير مُخلفات الزيوت في إنتاج الصابون، وغيرها من المشروعات الخضراء الأخرى.
وطوال فترة عمله، أطلق المشروع عدد 3 مُبادرات لتحسين جودة الحياة في المناطق المُستهدفة، بناء على إقتراحات من اللجان المجتمعية، تتضمن تركيب عدد 345 فلتر لتنقية مياه الشرب، يستفيد منها أكثر من 1420 شخصًا من أبناء قرية «الفنت»، بعد رصد إصابة عدد كبير من السكان بأمراض مُرتبطة بتلوث مياه الشرب، كما تم إنشاء مِظلة مُزودة بعدد من المقاعد، على مدخل قرية «جليلة»، لحماية الأهالي، خاصةً الأطفال وكبار السن، من درجات الحرارة المُرتفعة، أثناء إنتظار وسائل المواصلات الداخلية، كما تم إنشاء بوابة على مدخل القرية، وتشجير المدخل بشكل جمالي.
كما أن المُبادرة الثالثة تم إطلاقها في منطقة «مؤسسة الزكاة» بالقاهرة، بالتنسيق مع رئاسة حي المرج، وتشمل أعمال نظافة وتجميل الشارع الرئيسي بالمنطقة، كما تم زراعة عدد 700 شجرة «بونساونا»، من خلال المشاركة المجتمعية، بالإضافة إلى أعمال رفع المُخلفات وعمل دهانات للجزيرة الوسطى بطول 6 كيلومترات من الشارع.