فوز ترامب وتأثيره على الاقتصاد العالمي: نظرة شاملة من الخبراء الاقتصاديين
عاد الحديث حول تأثير فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المحتمل في الانتخابات الرئاسية على الاقتصاد العالمي إلى واجهة النقاشات الاقتصادية، خاصة في ظل التحديات التي يمر بها الاقتصاد العالمي بسبب التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتفاقم الأزمات الجيوسياسية، إلى جانب التقلبات المستمرة في الأسواق المالية. مع احتمالية عودته، يتساءل العديد من المراقبين عن مدى تأثير سياساته المحتملة على التوازنات الاقتصادية العالمية، ومدى انعكاس ذلك على التجارة الدولية، وسوق العمل، والاستثمارات الأجنبية. التأثيرات المحتملة على الاقتصاد الأمريكي: قال الخبير الأقتصادى الدكتور جلال أمين أستاذ الأقتصاد جامعة القاهرة أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى اعتماد سياسات اقتصادية تستند إلى إجراءات مثل خفض الضرائب على الشركات والأثرياء، وتعزيز الحماية التجارية لصناعات محلية معينة. في المقابل، قد تساعد هذه السياسات في تدفق رؤوس الأموال داخل الولايات المتحدة، ما يعزز من أداء الشركات الكبرى في المدى القصير. ومع ذلك، فإن هذا التوجه قد يساهم أيضاً في تعميق الفجوة الاقتصادية بين الطبقات، فضلاً عن احتمالية ارتفاع العجز في الميزانية الفيدرالية، مما قد يؤدي إلى ضغوط اقتصادية طويلة الأمد على الحكومة الفيدرالية، وتزايد الديون الوطنية. التأثير على التجارة العالمية: وأشار أنه فى خلال فترة حكمه السابقة، شهدت التجارة العالمية توتراً كبيراً بسبب السياسات الحمائية التي اتبعها، والتي شملت فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات من دول مثل الصين، الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى. في حال عاد ترامب، قد تشهد هذه السياسات استمرارية بل وربما تصعيداً، وهو ما قد يؤثر سلباً على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، وخاصة الصين، التي تعد واحدة من أكبر المنافسين التجاريين. هذا التوتر قد يؤدي إلى ما يشبه "حرب تجارية" قد تُلقي بظلالها على معدلات النمو الاقتصادي العالمي، وتزيد من تقلبات أسواق العملات وتكلفة المنتجات على المستهلكين. تأثيرات محتملة على أسعار النفط والطاقة: وأضاف الدكتور أبراهيم البدراوى خبير إقتصادى وكاتب سياسى أن ترامب يعتبر من داعمي صناعة الوقود الأحفوري بقوة، ومن المرجح أن يؤدي فوزه إلى تعزيز الاستثمار في هذا القطاع داخل الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على السياسات العالمية تجاه التحول للطاقة المتجددة. وعلى الصعيد الدولي، قد يؤدي هذا التوجه إلى صعوبة تحقيق بعض الدول لأهدافها الطموحة في خفض الانبعاثات والتحول إلى الطاقة النظيفة. في المقابل، قد تسهم السياسات النفطية لترامب في زيادة الإنتاج المحلي للنفط، ما قد ينعكس إيجابياً على استقرار أسعار النفط العالمية أو حتى خفضها في بعض الأوقات. التأثيرات على الأسواق المالية والاستثمار الأجنبي: وأفاد الخبير الأقتصادى أنه من المتوقع أن عودة ترامب قد تعزز من ثقة المستثمرين في أسواق المال الأمريكية، خاصةً أن سياساته المعتادة تدعم الشركات الكبرى وتقلل القيود التنظيمية، مما قد يساهم في رفع أسعار الأسهم وزيادة الأرباح. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي سياساته أيضاً إلى حالة من عدم الاستقرار في أسواق المال العالمية، نتيجة للتوترات السياسية والاقتصادية التي قد تنشأ مع الدول المنافسة للولايات المتحدة، أو التي قد تتأثر سلباً من توجهاته التجارية. التأثير على العملات الأجنبية وسوق الصرف: قد تشهد الأسواق العالمية تقلبات كبيرة في أسعار العملات، وعلى وجه الخصوص الدولار الأمريكي. إذا اتخذ ترامب قرارات تعزز الاقتصاد الأمريكي على حساب الاقتصادات الأخرى، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى، مما يزيد من الضغوط على الاقتصادات الناشئة والدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على استيراد السلع الأساسية بالدولار. وفي المقابل، قد يؤدي ارتفاع قيمة الدولار إلى زيادة تكلفة المنتجات الأمريكية في الأسواق العالمية، مما يؤثر على الصادرات الأمريكية. التأثير على سوق العمل والهجرة: من المتوقع أن تتأثر سياسات الهجرة وسوق العمل الأمريكي بشكل كبير في حال عاد ترامب إلى الرئاسة. قد تتجه سياساته نحو تشديد قوانين الهجرة، ما قد يؤدي إلى تقليص العمالة المهاجرة التي يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكي في مجالات عديدة. من جهة أخرى، قد يساهم هذا التوجه في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين الأمريكيين، ولكن على حساب تقلص القوى العاملة المتاحة في بعض القطاعات التي تعتمد على العمالة الأجنبية. في الختام، يرى الخبراء أن تأثير فوز ترامب على الاقتصاد العالمي سيعتمد بشكل أساسي على سياساته المستقبلية تجاه التجارة، وأسعار الطاقة، والعلاقات الدولية، وكذلك البيئة. ورغم أن بعض هذه التأثيرات قد تكون إيجابية، مثل تعزيز النمو الاقتصادي الأمريكي على المدى القصير، إلا أنها قد تسبب تحديات كبيرة للاقتصاد العالمي، وخاصةً في ظل التقلبات الجيوسياسية والبيئية الراهنة.