إختيار نميرة نجم رئيسًا فخريًا للجمعية الإفريقية للقانون الدولي وسط تحذيرات من تداعيات أزمة الطاقة على إفريقيا
تم إختيار السفيرة د. نميرة نجم خبير القانون الدولي ومدير المرصد الإفريقي للهجرة رئيسًا فخريًا للجمعية الإفريقية للقانون الدولي Société Africaine de Droit International (AfSIL) .
وقد أعلن البروفيسور ماكان مابينج رئيس الجمعية، و رئيس قسم القانون الدولي بجامعة جنيف إختيار مجلس إدارة الجمعية السفيرة نميرة نجم رئيسا فخريا لها أثناء المؤتمر السنوي الثالث عشر للجمعية الإفريقية للقانون، والذي عقد على مدار يومين تحت عنوان "المرحلة الإنتقالية للطاقة في إفريقيا" في لاجوس عاصمة نيجيريا.
وقالت السفيرة نجم في كلمتها بالجلسة الختامية للمؤتمر، إن النزاعات سوف تزداد بسبب زيادة الفقر في الدول المنتجة للوقود الأحفوري، و المُنتجة للمواد الخام التي يعتمد عليها في تصنيع البطاريات الكهربائية في القارة الإفريقية، ومنذ عشرين عامًا تشير الدراسات في النظم والأوضاع السياسية في العالم وتتنبأ كافة التحليلات فيها إلى أن الحروب الجديدة ستكون حروبًا على الطاقة والمياه، وهو ما نراه بالفعل يحدث سواء في الكونجو الديمقراطية، أو في حرب إسرائيل على غزة خاصة شمال القطاع التي تهدف إسرائيل إلى عزله عن باقي الأراضي الفلسطينية المُحتلة للسيطرة على الموارد الطبيعية خاصة بالغاز الطبيعي في المياه الإقليمية الفلسطينية، و التي يُطل عليها هذا الجزء من القطاع، بالإضافة إلى طموح الإسرائيلي لربط خطوط الغاز الخاصة بغزة بأوروبا بعد الإستيلاء عليها .
وأوضحت السفيرة، أنه في ضوء أن القارة إسهامها في التغير المناخي الذي تراكم بسبب الصناعة لا يتعدى 3 ٪، من الإنبعاثات الحرارية في العالم التي تؤثر علي التغيير المناخي، فأنه يجب التعامل مع فكر المرحلة الإنتقالية للطاقة بشكل مختلف حتى نتمكن من إحداث التنمية في القارة بدلا من الإضرار بها .
وعقبت نجمً، قائلة إننا نقف هنا في نيجيريا الآن وهي أحد أكبر مُنتجي البترول في القارة الإفريقية وعلى الرغم من ذلك فإن المناطق الريفية بها لا يتعدى وصول الكهرباء فيها إلى 25 ٪، وهو أمر يقتضي وقفة حقيقية لمُعالجة هذه الإشكالية في القارة وليس في نيجيريا وحدها.
وإستفسرت السفيرة حول تمويل الطاقة، دون التفكير في أسباب قصور هذا التمويل، وإحتياجاتنا إلى عملات غير عملاتنا المحلية في إفريقيا، مما يصعب علينا موضوع التمويل، مُؤكدة في هذا الصدد علي أن القارة ليس فقط تحتاج تفعيل أدوات التمويل القارية ولكن أيضًا إيجاد بدائل لتقييم العملات الإفريقية بشكل مُباشر بدلاً من تقييمها عبر وسيط من العملات الأجنبية تُهدر أموال طائلة في عمولات التحويل المُزدوجة بين العملات المحلية للقارة، و النظر في بدائل خاصة في التبادل التجاري بعملاتنا المحلية بدلاً من العملات الأجنبية وهو أمر يجب دراسته إقتصاديًا بشكل مستفيض لمعرفة ما مدي القدرة والوسائل و الفوائد التي تعود علي القارة من إلغاء العمولات الخارجية الوسيطة .
ونبهت السفيرة إلى إحتمال فقدان العديد من الشباب الإفريقي لوظائفهم من العاملين في إستخراج المواد الاحفورية، من الغاز الطبيعي والبترول وهو ما سيزيد أزمة الهجرة خاصة الهجرة غير النظامية وهو أمر يجب الإنتباه له قبل التوسع في المشاريع الخضراء، فعلينا تدريب وتأهيل و تكيف هؤلاء الشباب ليتمكنوا من العمل في المشاريع الجديدة، مُشيرة إلى أهمية تحقيق العدالة في المرحلة الإنتقالية للطاقة بالنسبة للمرأة والشباب .
وأكدت السفيرة، على أن إفريقيا من أجل أن تنهض في مجال الطاقة والصناعات المُرتبطة بها عليها أن تنفق في الأبحاث التكنولوجية، ولا تنتظر نقل المعرفة من الخارج، خاصة وأن الهجمة على الغاز الطبيعي زادت بشكل كبير، وهو يعتبر مصدر للطاقة أقل ضررًا للبيئة من البترول، والقارة في حاجة لهذه الطاقة من أجل التنمية ولهذا يجب أن تنفق إفريقيًا في أبحاث علمية تُسهم في تقليل الأضرار البيئية لكل من البترول والغاز لتقليل الإنبعاثات منهما، هذا بالإضافة إلى أهمية إجراء دراسات حول التلوث والإنبعاثات التي تنتج عن صناعة البطاريات الكهربائية منذ بدء عملية إستخراج المعادن المطلوبة لإنتاجها من المناجم، ونقلها عبر البحار أو الجو، ثم إنتاجها في مصانع إلى التخلص منها بالكامل خاصة وأن بها مواد ستمثل خطورة ليس فقط على البيئة ولكن كذلك على صحة الإنسان وهو ما سيفيد في التفاوض الدولي حول آثار التغيير المناخي والتنمية.
و أضافت نجم، أن عقود الإستثمار الحالية في مجال الطاقة مُجحفة بشكل كبير للدول الإفريقية والتي عادة ما تخسر الكثير من المنازعات أثناء التحكيمات ضد المُستثمرين الذين يحكم لهم في بعض الأحيان بمبالغ طائلة دون أن ينفقوا شيئًا في المشروعات الذي تعاقدوا بشأنها، وهو أمر يحتاج منا وقفة لمُراجعة هذه الطريقة في التعامل مع المُستثمرين لحماية مصالحنا.
وإقترحت السفيرة أهمية دراسة فكرة إنشاء صندوق لمخاطر للإستثمار في إفريقيا حتى يمكن تشجيع القطاع الخاص الإفريقي، بالإستثمار في إفريقيا وهو ما سيسهم في زيادة الإستثمار الإفريقي بلا شك في ظل البروتوكول الخاص بالإستثمار المُلحق بإتفاقية التجارة الحرة الإفريقية.
وحول الإتفاقيات الإفريقية والآليات التنسيق بين الدول الإفريقية المُنتجة و المصدرة للطاقة أشارت السفيرة إلى أهمية زيادة هذا التنسيق خاصة في ضوء زيادة الإكتشافات في عدد من دول القارة الخاصة بالغاز الطبيعي حتى يمكن إلى الدول الإفريقية دعم بعضها البعض في التفاوض حول إنتاجها للغاز الطبيعي، وكيفية تعظيم الاستفادة من العائد كمصدر استراتيجي للطاقة يسهم في تنمية القارة.
وفي نهاية كلماتها أكدت السفيرة، على أن القارة الإفريقية هي أصغر قارة في العالم وستظل كذلك لفترة غير وجيزة، وبالتالي في غضون العقدين القادمين سوف تكون هي المصدر الأول تقريبًا لكافة أنواع العمالة حول العالم وعلينا أن ننتبه لذلك في ضوء التخطيط.
وأشارت نجم، في هذا الصدد إلى إستحواذ الكثيرين من العالم الأول على العقول الإفريقية، ولذلك علينا تنظيم الهجرة بشكل يتناسب مع سد الإحتياجات القارات الأخرى، مع ضمان الإبقاء المُتوازن على العقول الشابة اللازمة لبناء بلادنا، و التغيير من طريقة ونمط تفكيرنا التي توارثناها بسبب إحتلال القارة لعقود من الزمن، وأنه لا طائل من خلق ضغائن بين أبناء القارة والتي يمكن أن تؤدي تعاونها لنهضة حقيقية تفيد التنمية وتمنح شباب القارة الأمل في مستقبل أفضل.
وقال البروفيسور ماكان مويس مابينج رئيس قسم القانون الدولي بجامعة جنيف والأستاذ الزائر بمعهد العلوم السياسية في باريس، و رئيس جمعية AfSIL أن موضوع مؤتمر هذا العام "إفريقيا والتحول في مجال الطاقة"، وقد تناول في ندوات المائدة المُستديرة ومناقشات جلسات المؤتمر التكنولوجيا والابتكار في قطاع الطاقة الإفريقي، و دور التكنولوجيا في كفاءة الطاقة، والإبتكار في حلول الطاقة المُتجددة، وقضايا الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا، والدول الإفريقية وقدرتها على تلبية إحتياجاتها من الطاقة، والرأي الإستشاري الذي تنظره محكمة العدل الدولية بشأن تغير المناخ، وأحدث التطورات والإتجاهات في منازعات الطاقة، والإطار السياسي والتنظيمي للتحول في مجال الطاقة، و تمويل مشاريع الطاقة المُستدامة في إفريقيا، و أضاف رئيس الجمعية إن إحتياجات الدول الإفريقية من الطاقة تتعارض بالضرورة مع إلتزاماتها الدولية بموجب نظام تغير المناخ، وقد ناقش المؤتمر أيضًا دور إفريقيا في سلسلة توريد المعادن الحَرجة العالمية بالتعاون مع الجمعية الأوروبية للقانون الدولي .
و أوضح د. ماكان مبينج، أن المؤتمر شهد حصول السيدة فونكي أديكويا سان محكم تجاري دولي مستقل من نيجيريا علي جائزة الجمعية الإفريقية للقانون الدولي لعام 2024، وكذلك إطلاق مجلة المُراجعة الإفريقية للقانون الدولي (ARIL) و مجلة القانون الإفريقي الدولي (RADI) ، ورئيس تحريرهما أبولين كواني زوابي، مساعد رئيس محكمة العدل الدولية .
جدير بالذكر، أن الجمعية الإفريقية للقانون الدولي (AfSIL) ، هي شبكة من المُمارسين والعلماء والتكنوقراط والطلاب المُنخرطين في القانون الدولي وتسعى الجمعية بشكل خاص إلي تعظيم صوت الدول الإفريقية والأفارقة في القانون الدولي، وتعزيز الإستفسار وتبادل الأفكار والإبتكار في القانون الدولي وتطويره وتنفيذه في إفريقيا، ودعم دراسة ومُمارسة القانون الدولي في القارة، وتبادل المعلومات حول فرص القانون الدولي مثل المِنح الدراسية، والتدريب الداخلي، والمشاركة في التحدث، والمنشورات، والتوظيف .