الفقاعة العقارية في مصر: بين الخوف والواقع
ظلت مصر، عبر تاريخها الطويل، مركزًا للجدل والنقاشات حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية. اليوم، تبدو قضيّة الفقاعة العقارية كالأخطبوط، تلتف حول حركة السوق وتؤثر في حياة ملايين المواطنين.
في السنوات الأخيرة، تزايدت الأصوات التي تُحذر من وجود فقاعة عقارية تهدد استقرار السوق واستدامة القطاع.
ولكن، هل هذه المخاوف مؤسَّسة على وقائع فعلية أم أنها ليست سوى صرخات في صحراء العملة الصعبة؟
الفقاعة العقارية
تقوم الفقاعة العقارية، بشكل أساسي، على فكرة اجتياز أسعار الوحدات السكنية لقيمتها الحقيقية بفعل عوامل مصطنعة، كما يشير هاني توفيق، خبير الاقتصاد.
فهو يُظهر أن ثمة انزلاقًا كبيرًا يحدث حين تكون الأسعار مستندة إلى رغبات وأحلام وأحيانا ممارسات غير واقعية للمشترين، بدلاً من وجود قاعدة صلبة من العرض والطلب.
توفيق يُحذر من شراء الشاليهات والفلل بأسعار خيالية، بخاصة في ظل ارتفاع الفائدة على القروض التي باتت، وكأنها تعكس روحًا تكاد تخنق الرغبة السكنية لدى المواطن المصري.
ولعل ما يثير القلق في هذا السياق هو تلك التوقعات بانخفاض سعر الفائدة، الأمر الذي قد يقود، إن تحقق، إلى انخفاض مفاجئ في أسعار العقارات.
هذا الاحتمال يحمل في طياته مخاطر وخيمة تتعلق بالفئات الأكثر فقراً والتي تعتمد على التمويّل الحكومي.
الديون العقارية
ولكن، هل الوضع قاتم بهذه الصورة؟ يستدعي فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إلى الأذهان مشهدًا مغايرًا؛ إذ يبرز عدم وجود ديون عقارية مضغوطة كما هو الحال في بعض الدول الأخرى.
فمصر لم تشهد ارتفاعات هائلة في الديون العقارية، وهذا ربما سيكون العكاز الذي يجنّب السوق هزة عنيفة، على الرغم من أن العروض المتاحة في السوق، والتي تُعرف بـ"أوف بلان"، تشير إلى واقع مُلفت من عدم التأكد.
السوق العقارى
وتُشير الدكتورة عالية المهدي بدورها، إلى أن الفقاعة موجودة منذ عام 2017، وتظهر آثارها السلبية في جوانب مختلفة من حياة المواطن، حيث يعاني الكثيرون من صعوبة بيع وحداتهم السكنية، ما يعكس ضعف الطلب الفعلي على العقارات في السوق.
في نهاية المطاف، تكمن الإجابة عن سؤال الفقاعة العقارية في مصر في مدى قدرة السوق على استيعاب التغيرات الاقتصادية، ومرونته في مواجهة الأزمات المحتملة.
والأهم من ذلك، كيف يمكن للمواطن أن يعثر على أرض ثابتة وسط أمواج من الشائعات والتحليلات.
قد يكون هذا الجدل بمثابة بوصلة توجهنا نحو المستقبل، ولكن يبقى الأمل في أن يقود الحوار الفعال والشفاف إلى حلول واقعية.