جريدة الديار
السبت 21 ديسمبر 2024 06:05 مـ 20 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

انخفاض الأسواق العالمية: تأثيرات على البنوك المركزية الآسيوية وتداعياته على الاقتصاد المصري

في ظل المشهد العالمي المتقلب، حيث تتعرض الأسواق المالية لضغوط شديدة، يبدو أن انخفاض الأسواق العالمية قد يحمل بعض الفوائد للبنوك المركزية الآسيوية.

يترافق هذا الاتجاه مع ضعف الدولار الأميركي، مما يفتح المجال للبنوك المركزية في آسيا لتيسير سياساتها النقدية، وهو ما قد يكون له تأثيرات عميقة على الاقتصاد المصري والاقتصادات الإقليمية.

تحركات الأسواق العالمية

بلغت العملات الآسيوية أعلى مستوياتها خلال خمسة أشهر مقابل الدولار الأميركي في الأسبوع الجاري.

هذا الارتفاع الملحوظ يأتي في سياق تحولات كبيرة في الأسواق العالمية، التي تعكس القلق من تأخر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تيسير السياسة النقدية.

الريـنغت الماليزي قاد موجة الصعود، يليه اليوان الصيني، الذي عانى لفترة طويلة من الضغوط. ومع ذلك، فقد تراجع مؤشر بلومبرغ للعملات الآسيوية قليلاً اليوم، مما يعكس تقلبات الأسواق المستمرة.

تأثير ضعف الدولار على السياسة النقدية

ضعف سعر صرف الدولار الأميركي يوفر للبنوك المركزية الآسيوية فرصة لزيادة قدرتها على تيسير السياسة النقدية.

فقد كانت البنوك المركزية في الصين وكوريا الجنوبية، من بين أخرى، متحفظة في خفض أسعار الفائدة بسبب الضغوط على عملاتها المحلية. ولكن مع تراجع الدولار، يفتح المجال أمام هذه البنوك لتخفيف سياساتها النقدية إذا كانت الظروف الاقتصادية المحلية تسمح بذلك.

تحركات الفيدرالي الأميركي

في الوقت نفسه، تؤدي عوائد سندات الخزانة الأميركية المرتفعة إلى تثبيط الصناديق العالمية عن الاستثمار في آسيا.

لكن التصريحات الأخيرة لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، والتي تشير إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، قد تغير المشهد.

عززت هذه التصريحات من توقعات السوق بحدوث تخفيضات في أسعار الفائدة، مما قد يميل الميزان لصالح المنطقة الآسيوية.

الرهانات على تخفيض أسعار الفائدة

شهدت السوق تحسناً في الرهانات على تخفيض أسعار الفائدة بعد اجتماع الفيدرالي الأميركي الأسبوع الماضي.

وقد أشارت توقعات السوق إلى إمكانية خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، مما ساهم في تصاعد توقعات تخفيض أسعار الفائدة في كوريا الجنوبية وتايلندا وماليزيا. هذا التحول قد يعزز من الاستقلالية النقدية للبنوك المركزية الآسيوية.

انتعاش العملات الآسيوية

ارتفعت الروبية الإندونيسية للجلسة الرابعة على التوالي، مع صعودها إلى جانب العملات الأخرى في المنطقة، بفضل نمو الاقتصاد الإندونيسي الذي فاق التوقعات في الربع الأخير. من المتوقع أن تسهم أرقام التضخم في الفلبين وتايوان وتايلندا الأسبوع الحالي في تشكيل توقعات المستثمرين لمسار السياسة النقدية في تلك الاقتصادات.

استمرار انخفاض الدولار الأميركي قد يتيح لتلك الدول فرصة لتغيير سياساتها النقدية، خاصة لأولئك الذين رفعوا أسعار الفائدة سابقاً للدفاع عن عملاتهم.

تأثيرات التضخم والتحديات المستقبلية

رغم الإيجابيات المحتملة، إلا أن الوضع لم يستقر بعد. فقد شهدت كوريا الجنوبية والهند ارتفاعاً في التضخم خلال الشهور الأخيرة، مما قد يضغط على البنوك المركزية لمراجعة سياساتها النقدية بحذر. كما أن التهديدات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط قد تعيد الدولار إلى دوره التقليدي كملاذ آمن، مما قد يحد من تأثير ضعف الدولار على الأسواق الآسيوية.

التوقعات المستقبلية

إذا استمرت الأسواق في التقلبات واستمرت الضغوط الجيوسياسية، فقد تعود الرهانات المرتبطة بالدولار الأميركي إلى الواجهة، مما يؤثر على استقرار العملات الآسيوية. من المتوقع أن تتخذ البنوك المركزية قرارات بشأن أسعار الفائدة بناءً على تحركات بنك الاحتياطي الفيدرالي وتطورات الاقتصاد العالمي. كما يمكن أن تؤثر السياسات المالية المستقبلية، بما في ذلك احتمالية فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، على أسواق المال وأداء العملات.

تداعيات الوضع الحالي على الاقتصاد المصري

الاستثمارات الأجنبية: ضعف الدولار يمكن أن يكون له تأثير مزدوج على الاستثمارات الأجنبية في مصر.

من جهة، قد يزيد من جاذبية الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، للاستثمار الأجنبي. ومن جهة أخرى، قد يؤدي تراجع الاستثمارات الأجنبية في الأسواق العالمية إلى تقليص التدفقات الرأسمالية إلى مصر، خاصة إذا تأثرت الأسعار العالمية للمواد الأساسية.

الاحتياطي النقدي: ضعف الدولار قد يؤثر على الاحتياطي النقدي لمصر، والذي يشمل نسبة كبيرة من الأصول بالدولار الأميركي. انخفاض قيمة الدولار يمكن أن يقلل من قيمة الاحتياطيات بالدولار، مما يتطلب من البنك المركزي اتخاذ خطوات للتكيف مع هذه التغيرات.

الديون الخارجية: بالنسبة للدول ذات الديون الكبيرة بالدولار، مثل مصر، فإن انخفاض قيمة الدولار قد يكون له تأثير إيجابي على تكلفة خدمة الديون، مما يمكن أن يخفف من الضغوط المالية على الدولة.
التضخم وأسعار السلع: انخفاض الدولار قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع العالمية، بما في ذلك السلع الأساسية التي تستوردها مصر. قد يتسبب ذلك في زيادة الضغط التضخمي داخل البلاد، مما يتطلب من البنك المركزي المصري مراجعة سياساته النقدية بعناية.

الاستقرار الاقتصادي والسياسي: التغيرات في الأسواق العالمية قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مصر.

قد يؤدي انخفاض الأسواق العالمية إلى تقلبات في الأسواق المحلية، مما قد يؤثر على ثقة المستثمرين والمستهلكين.