هذا ما يحدث في المكان الأشد حرارة على وجه الأرض.. وسيناريو سيئ في 2100
سجلت منطقة "وادي الموت" بولاية كاليفورنيا الأميركية المعروفة بأشد الأماكن حرارة على وجه الأرض، أعلى متوسط درجة حرارة شهرية على الإطلاق خلال عام 2024، عند 42.5 درجة مئوية (108.5 درجة فهرنهايت) في يوليو الماضي، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن عالم المناخ، برايان بريتشنايدر.
تسجيل كوكب الأرض أعلى متوسط لدرجة الحرارة
ويأتي هذا الشهر الحارق في "وادي الموت" بالتزامن مع تسجيل كوكب الأرض أعلى متوسط لدرجة الحرارة على مدار يومين متتاليين، وأرقاما قياسية في درجات الحرارة على مدار الأشهر الثلاثة عشر الماضية، وفق الصحيفة.
ويقول العلماء إن ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية يرتبط بعقود من الاحتباس الحراري الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة.
وكان شهر يوليو الأكثر سخونة على الإطلاق لعشرات المدن في غرب الولايات المتحدة، بما في ذلك ساكرامنتو ولاس فيغاس وبورتلاند بولاية أوريغون، بحسب "واشنطن بوست".
وتوقع خبراء أرصاد جوية الأحد استمرار موجة الحر التي حطمت بالفعل الأرقام القياسية السابقة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث ستشهد عدة مدن في الغرب درجات حرارة خطيرة تصل إلى 100 درجة فهرنهايت (37.7 درجة مئوية) وستهيمن على الشرق طوال الأسبوع.
وتراوحت درجات الحرارة المرتفعة في "وادي الموت" بين 43.9 و53.9 درجة مئوية، فيما وصلت إلى 51.66 درجة على الأقل لمدة 9 أيام متتالية من 4 إلى 12 يوليو الماضي.
وكان الشهر الأكثر سخونة سابقا في العالم سُجل أيضا في منطقة "وادي الموت" عندما بلغ متوسط درجة الحرارة 42.3 درجة في يوليو من عام 2018.
فيما بلغت درجة الحرارة القصوى في "وادي الموت" خلال الشهر الماضي نحو 53.9 درجة مئوية يوم 7 يوليو، وهي أقل قليلا عن أعلى درجة حرارة سجلت عند 54.44 درجة مئوية في 9 يوليو 2021 و16 أغسطس 2020، وهما أكثر الأيام حرارة تم قياسها بشكل موثوق على كوكب الأرض.
ويُزعم أن "وادي الموت" سجل 56.66 درجة مئوية في 10 يوليو 1913، لكن علماء المناخ شككوا في صحة هذه الرواية، وفق الصحيفة.
درجة الحرارة العالمية خلال خمس سنوات
كشف تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن درجة الحرارة ستتجاوز مستوى ما قبل عصر النهضة الصناعية بمقدار 1.5 درجة خلال السنوات الخمس المقبلة.
ووفقا للتقرير، المنشور على الموقع الإلكتروني للمنظمة: "من المحتمل، بنسبة 80 بالمئة، أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجة الحرارة في العالم بمقدار 1.5 درجة مئوية عما كان عليه ما قبل النهضة الصناعية على الأقل في سنة واحدة من السنوات الخمس المقبلة. وهذا تحذير خطير من أننا نقترب أكثر من الأهداف المحددة في ميثاق الأمم المتحدة وفي وثائق اتفاق باريس الذي يشير إلى ارتفاع درجات الحرارة على مدى عقود، وليس من سنة إلى خمس سنوات".
ووفقا لتوقعات المنظمة، سيكون متوسط درجة حرارة السطح في العالم خلال أعوام 2024 -2028 أعلى بمقدار 1.1 إلى 1.9 درجة مئوية عما كان عليه أعوام 1850-1900، وهناك احتمال بنسبة 86 بالمئة أن تسجل درجة حرارة سنوية قياسية واحدة على الأقل. وكما هو معروف يعتبر عام 2023 حاليا بأنه العام الأكثر دفئا على الإطلاق.
ويذكر أن اتفاق باريس للمناخ اعتمد في 12 ديسمبر 2015 من قبل 175 دولة، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا.
ووفقا لتوقعات المنظمة، قد تصل درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية في السنوات الخمس المقبلة، بسبب النشاط البشري- انبعاثات غازات الدفيئة، والعامل الطبيعي - التغير في مراحل تيارات المحيط من ظاهرة النينيا إلى ظاهرة النينيو لأن هذه الظاهرة تؤثر على متوسط درجة الحرارة على الأرض وكذلك على نمط هطول الأمطار أيضا.
وتكمن خصوصية تغير طور التيارات، الذي بدأ في صيف عام 2023 ، في أنه خلال ظاهرة لانينيو، تنتقل الحرارة من الغلاف الجوي بشكل مكثف إلى المحيط ، أما خلال ظاهرة النينيو فبالعكس تنتقل الحرارة من المحيط إلى الغلاف الجوي.
سيناريو سئ في عام 2100
وفي عام 2016 قال رئيس مركز الأرصاد الجوي في روسيا رومان فيلفاند إن "ارتفاع درجات الحرارة في العالم أمر واقع.. فمثلا ارتفعت درجة الحرارة في موسكو شتاءً خلال السنوات الـ 35-40 الأخيرة بمقدار درجتين... ومنذ ربيع عام 2015 وإلى نهاية صيف عام 2016، أصبحت الفصول أكثر دفئا.
وأضاف : "وهذا يعني استمرار ارتفاع درجات الحرارة ولو بصورة بطيئة، ولكنه أمر واقع. فقد سجل في الصيف الماضي أعلى ارتفاع لدرجات الحرارة منذ عام 1891، وهذا أمر فريد ولكنه صعب التفسير. صحيح أن هذا يجري ببطء مقارنة بالتقلبات الحرارة. كما يتميز ارتفاع درجات الحرارة في العالم بتقلبات مفاجئة. فمثلا كان فصل الخريف في السنة الماضية أكثر دفئا من المعتاد، في حين كان هذه السنة باردا".
وتابع : "أي أن الطقس المعتاد يصبح قليلا، ويزداد تكرار الظواهر الشاذة – أمطار غزيرة وفترات الجفاف، ورياح شديدة ذات قوة مدمرة، وكذلك الأعاصير والمنخفضات الجوية الاستوائية. وإن تقلبات درجات الحرارة وزيادة الكوارث الطبيعية، هي بالذات الميزة الأساسية التي تستعرض واقع ارتفاع درجات الحرارة في العالم".
ويمكن الإشارة هنا إلى أن ارتفاع درجة الحرارة في أوروبا عام 2003 أودى بحياة 200289 شخصا في إيطاليا فقط. والأمثلة عديدة، ففي الولايات الجنوبية للولايات المتحدة حلت موجة جفاف شديدة، كانت الأشد خلال مئة عام في ولايات تينيسي وجورجيا وكارولينا الشمالية. وقد أودت الحرائق بحياة 14 شخصا في تينيسي. كما أن الجفاف الذي تتعرض له بوليفيا منذ عدة أعوام تسبب بجفاف بحيرتين؛ ما أجبر صيادي الأسماك إلى مفارقة عائلاتهم والبحث عن أماكن عمل في مناطق أخرى من البلاد.
وفي المقابل، يستمر هطول الأمطار في تايلاند، التي سببت الفيضانات وأودت بحياة 14 شخصا. كما تضرر من هطول هذه الأمطار 582 ألف شخص في 88 منطقة. كذلك، تعرضت فيتنام والمملكة السعودية وإندونيسيا للغرق ومعها منطقة مالقة الإسبانية أيضا بسبب هطول الأمطار. كذلك، فإن مدينة سان بطرسبورغ كان من الممكن أن تغمرها الفيضانات لولا مساهمة كاسحة الجليد في كسر طبقة الجليد التي غطت نهر نيفا بسبب وصول مياهه إلى درجة ارتفاع حرجة.
وقد تعرضت مدينة سوتشي في منتصف فصل الشتاء لإعصار هائل، حيث بلغ ارتفاع موج مياه البحر أكثر من خمسة أمتار. وبحسب شهود عيان، رافقت هذا الإعصار رياح شديدة تسببت في قطع الأسلاك واقتلاع الأشجار وأعمدة الإضاءة.
أما في الولايات المتحدة حيث الأعاصير ظاهرة اعتيادية، فقد سجلت في شهر نوفمبر الماضي حادثة واحدة، مع أن عددها في هذا الشهر يكون بحدود 60. وبحسب خبير الأنواء الجوية فيكتور غينسيني من كلية دو بيتش- ولاية إيلينوي، يعود سبب انخفاض الأعاصير في أمريكا الشمالية إلى ندرة الجليد في القطب الشمالي.
والعامل الرئيس المسبب لهذه النكبات على الأرض هو النشاط البشري. فوفق معطيات مجموعة خبراء دولية مختصة بشؤون المناخ، يرتبط ارتفاع درجات الحرارة في العالم بالنشاط البشري بنسبة 95 في المئة.
ويشير رومان فيلفاند إلى أن "الزيادة المستمرة في القدرات الإنتاجية في العالم يساعد على ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون، وأن الاشعاعات الشمسية القصيرة تخترق بسهولة هذا الغاز، ولكن بنتيجة فقدانها للطاقة، عند انعكاسها عن سطح الأرض لم يعد بإمكانها اختراق هذا الحاجز ثانية، وتبقى مثل الكرة تقفز في طبقة الهواء، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة".
واستنادا إلى التقرير الذي قدمته مجموعة خبراء المناخ الدوليين، فإن هناك سيناريو كارثيا ينتظر البشر، حيث سيصبح في نهاية القرن الحالي في عام 2100 من الصعب على البشر العيش إذا استمرت التغيرات المناخية على وتائرها الحالية. وإن معدل درجات الحرارة سوف يرتفع إلى مستوى تصبح معه ظروف الحياة على الأرض غير صالحة للبشر.