الشتاء يفاقم مأساة النازحين.. الاحتلال يجرف الحياة في قطاع غزة
دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس يومها الـ 72، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في قطاع غزة، بينما تتكثف الجهود الدولية لاستئناف مفاوضات الهدنة والأسرى بين إسرائيل وحماس.
وشهدت محافظة خان يونس قصفا مدفعيا وجويا غير مسبوق على مختلف مناطق المحافظة ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى.
ونفذت طائرات الاحتلال سلسلة من الغارات الجوية والحزامات النارية استهدفت مناطق معن والزنة في بني سهيلا كما قصف المدفعية مناطق واسعة في محور وسط خان يونس والكتيبة، وسمعت اشتباكات في المكان، كما أصابت شظايا المدفعية مواطنين بجروح متوسطة.
وتمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشال عدد من الشهداء وإنقاذ عدد من المصابين من تحت ركام منزل عائلة أبو عنزة إثر استهداف من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن جانب آخر، سقط 12 شهيدا من عـائلات مسلم وبدوان والنواجحة في قـصـف الاحتلال الذي استهدف دير البلح وسط القطاع.
كما سقط 14 شهيدا و90 إصابة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في منطقة جباليا البلد شمالي قطاع غزة.
وأطلقت طائرات الأباتشي الرصاص بكثافة قرب دوار الصفطاوي شمال مدينة غزة، وسماع دوي انفجارات وحركة للآليات في المكان.
فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصراع في غزة بأنه حرب وجودية يجب خوضها على الرغم من الضغوط والتكاليف، مؤكدا أن القطاع سيكون منطقة منزوعة السلاح وتحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.
فوسط استمرار الهجمات الإسرائيلية لليوم الـ 72 على القطاع شمالا وجنوبا وفي وسطه أيضا، تتصاعد أصوات الفلسطينيين المطالبين بوقف النار.
وتكثف إسرائيل عملياتها في جنوب القطاع منذ أسابيع لاسيما في خان يونس التي تعتبرها معقل قادة حماس، كما تواصل عملياتها في شمال ووسط غزة، لاسيما في منطقتي جباليا والشجاعية وغيرهما.
وتفاقم هطول الأمطار على قطاع غزة معاناة النازحين في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل وخلف دمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة".
وتكافح الأسر الفلسطينية النازحة إلى مدينة رفح هربا من القصف الإسرائيلي وبحثا عن الأمان، وسط ظروف الطقس الباردة في مخزن تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا" وخيام نصبوها في محيطه.
ومع دخول فصل الشتاء، باتت حاجة النازحين للمساعدات الإنسانية أكثر إلحاحا، وسط نداءات ومطالبات دولية تحث على سرعة إدخالها وزيادة كمياتها، والمخاوف المتزايدة من انتشار الأوبئة الفتاكة.
وفي وقت سابق، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بأن عدد النازحين في قطاع غزة ارتفع إلى 1.8 مليون شخص، أي ما يعادل نحو 80% من سكان القطاع.
وجاء في بيان المكتب: تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 1.8 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 80% من السكان، هم نازحون داخليا.
دعوة لوقف الدائم للنار
شدد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك السبت على الحاجة العاجلة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وكتب الوزيران في مقال مشترك نشرته صحيفة "صنداي تايمز" أن: "عددا كبيرا جدا من المدنيين قتلوا في هذه الحرب"، وحضا إسرائيل على إنهاء عمليتها العسكرية ضد حماس بشكل سريع ولكن دائم أيضا.
وأضافا: "علينا أن نفعل كل ما باستطاعتنا لتمهيد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار يؤدي إلى سلام دائم. وكلما أتى ذلك عاجلا، كلما كان أفضل الحاجة عاجلة.
ومع ذلك، لفت الوزيران أيضا إلى أنهما لا يعتقدان أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار، على أمل أن يصبح دائما بطريقة ما، هو السبيل للمضي قدما.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت الثلاثاء بغالبية ساحقة على قرار غير ملزم يدعو لوقف إطلاق النار في غزة، لكن بريطانيا امتنعت عن التصويت.
وتواجه إسرائيل ضغوطا متزايدة من حلفائها بشأن حربها في غزة، حيث انتقدت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لها، ما وصفته بـ "القصف العشوائي" الذي يؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن الأوضاع في قطاع غزة تمضي من السيء إلى الأسواء في ظل هذه التطورات السلبية في القطاع وتوقف منظمات الإغاثة بما فيها الأونروا على أداء دورها.
وأوضح فهمي، أن الحكومة الإسرائيلية تمعن في التعامل مع هذه الجهات بالعنف وإصابة عدد كبير من الصحفيين وأعمال النجدة والإغاثة كما حدث في الساعات الأخيرة في مستشفى كمال عدوان عندما اكتشف جثث تحت هذه المستشفى، بالإضافة إلى استهداف المستشفيات الأخرى الموجودة في الجنوب وفي الشرق بعد ضرب مخيم جباليا والاتجاه إلى خان يونس.
إسرائيل لا تريد القطاع أن يعود إلى خدماته
وتابع: ارتفاع حصيلة الشهداء تؤكد ذلك، فإسرائيل ممعنة في تجريف القطاع وضرب البنية الأساسية وعدم إتاحة للحياة بصورة أو بأخرى في الفترة المقبلة، وهذا الأمر يعمق فكرة أن إسرائيل لا تريد القطاع أن يعود إلى خدماته في ظل تحدي كبير تقوم به المؤسسة العسكرية كما ظهر نتنياهو في مؤتمر صحفي خلال الساعات الأخيرة رافضا فكرة حل الدولتين وتصميم وزير الدفاع الإسرائيلي على هذه الفكرة.
واكد فهمي أن هذا الأمر سيستمر ولن يتوقف في ظل التصميم للتنفيذ على فكرة مخطط النزوح إلى الجنوب بصورة كبيرة مع استهداف مناطق الشمال والوسط بصورة غير مسبوقة، فنحن أمام سيناريو تقوم به إسرائيل على أعلى مستوى لتنفيذ مخططها الشيطاني دون أن تعبأ بوجود الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية والإنسانية التي تعمل فيها في ظل غياب أوروبي.