جريدة الديار
الخميس 21 نوفمبر 2024 03:30 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”أهمية الغاز الطبيعي كأداة جيوسياسية واستراتيجية وحيوية في الساحة الدولية”

عند النظر إلى الغاز الطبيعي كأداة جيوسياسية واستراتيجية وحيوية، يمكن أن نرى أنه يحمل أهمية كبيرة تفوق في بعض الجوانب السلاح النووي وحتى غيره من الأسلحة فعلى مدى السنوات العديدة الماضية، تم استخدام الغاز الطبيعي كأداة سياسية تستخدمها الدول لتعزيز مصالحها وتحقيق أهدافها.

من الناحية الاقتصادية، فإن الغاز الطبيعي لم يعد مجرد مادة خام تستخدم لتوليد الطاقة فحسب، بل أصبح أيضًا مصدرًا للقوة والنفوذ الدول التي تمتلك موارد غاز طبيعي ضخمة تستطيع أن تستغل هذه الموارد لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة، ومن خلال السيطرة على إمدادات الغاز، يمكن للدول التأثير على الدول الأخرى وتحقيق مكاسب استراتيجية في العلاقات الدولية.

تأتي الصفقة الشهيرة بين واشنطن وموسكو والتي عارضتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي كمثال على ذلك كانت هذه الصفقة تهدف إلى توريد الغاز الروسي إلى ألمانيا ودول أوروبية أخرى، ولكنها أثارت مخاوف سياسية وأمنية، حيث أن الاعتماد الزائد على الغاز الروسي يعني أن الدول المستوردة قد تكون معرضة للتأثيرات السياسية والاقتصادية الناتجة عن تلك الصفقة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون مناطق الاحتكاك والصراعات السياسية مصدرًا لتعثر إمدادات الغاز قد يستخدم الدول المنتجة للغاز الطبيعي سلاحًا للضغط على الدول المستوردة عن طريق تقييد التدفقات أو قطع الإمدادات بشكل مؤقت ومثال على ذلك هو الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها، حيث قامت روسيا بتقليص تدفق الغاز عبر خط الأنابيب نورد ستريم وقطع الإمدادات عن عدة دول أوروبية هذا التحكم في إمدادات الغاز يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الاقتصادات وتهديد الأمن الطاقوي للدول المستوردة.

علاوة على ذلك، يمكن استخدام الغاز الطبيعي كأداة لجذب الاستثمار اهتمام متزايد بالغاز الطبيعي كأداة جيوسياسية واستراتيجية وحيوية، ويمكن القول إنه يحمل أهمية لا تقل عن السلاح النووي وغيره من الأسلحة ففي السنوات الأخيرة، شهدنا توترات بين الولايات المتحدة وألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي بسبب صفقة الغاز المثيرة للجدل مع روسيا والآن، بعد الأحداث الحالية مثل الحرب الروسية في أوكرانيا والصراع في غزة، يبقى الغاز الطبيعي مصدرًا هامًا للطاقة لأكثر من 30 عامًا قادمة ومع ذلك، أصبح الغاز أيضًا مادة قابلة للاستخدام والاستغلال السياسي، تمامًا كما هو الحال مع النفط.

من الضروري أن نفصل بين أسواق النفط وأسواق الغاز العالمية عند مناقشة تداعيات الصراع في غزة، في حين لا يوجد إنتاج للنفط في المنطقة، توجد حقول غازية بحرية ضخمة في المناطق المحيطة بالنزاع اكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة في مياه إسرائيل غيرت مشهد الطاقة في المنطقة وجذبت استثمارات أجنبية بقيمة مليارات الدولارات ومع ذلك، قد يؤدي الصراع العنيف بين إسرائيل وغزة إلى تباطؤ الاستثمار في حقول الغاز في المنطقة وعرقلة جهود إسرائيل في جذب المزيد من شركات الطاقة العالمية.

لا يمكن تجاهل أهمية موارد الغاز الطبيعي في المنطقة، حيث استحوذت شركة شيفرون الأمريكية على حصص في حقلين للغاز البحري الإسرائيلي بقيمة تقدر بحوالي أربعة مليارات دولار وتعد إسرائيل ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في شرق المتوسط بعد مصر ومن المعروف أن السيطرة على الموارد الطبيعية تعطي قوة اقتصادية وسياسية للدولة المالكة.

بشكل عام، يمكن القول أن الحرب في غزة تشكل تهديدًا جديًا لإمدادات الغاز العالمية إذا استمرت الحرب وتفاقمت، فمن المحتمل أن يحدث نقص حاد في إمدادات الغاز، مما يؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة وتباطؤ النمو الاقتصادي في العديد من البلدان قد تضطر بعض الدول إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة أو تقليص استهلاكها، مما يسبب توترًا إضافيًا على الأسواق العالمية.