هل ترضخ مصر للضغوط الدولية بتعويم كامل للجنيه؟
أكد الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أبوبكر الديب، أن مصر لن ترضخ للضغوط الدولية بتعويم كامل للجنيه مضيفا أن هناك عوامل قوة تجعل الاقتصاد المصري قويا ويعبر لعام 2024 بجنيه مستقر.
وأضاف في حديث صحفى، أن أهم عوامل القوة تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حول امتلاك الدولة للسيولة الدولارية الكافية لمواجهة الأزمات والتلاعب بالأسعار، الأمر الذي بعث برسائل طمأنة للشعب ولمجتمع الأعمال وأعطى قوة للجنيه المصري.
وتابع الديب، إن طرح شهادات دولارية بعوائد مرتفعة يجذب العملات الأجنبية للبنوك، إضافة لبرامج تشجيع الاستثمار عبر التعديلات التشريعية ومنح المستثمرين امتيازات إضافية، وكذلك طرح الشركات بالبورصة وبدء بعض المشروعات التنموية القومية الكبري عملية الإنتاج ما يشير إلى استبعاد خيار تعويم الجنيه بشكل كامل في 2023.
الجنيه ينتظره 3 سيناريوهات خلال عام 202
وأشار الديب، إلى أن الجنيه ينتظره 3 سيناريوهات خلال عام 2024، أولها وهو الأكثر واقعية ارتفاع طفيف لقيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وهو السيناريو الأكثر تفاؤلا مع تجاوز الاقتصاد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية (العملية العسكرية الروسية الخاصة)، ودعم عدد من المشروعات التنموية التي تنفذها الحكومة، واكتشافات النفط والغاز، ونجاح إجراءات الإصلاح الاقتصادي.
وأكد الباحث في الاقتصاد السياسي، إلى أن ما يدعم السيناريو الأول المتمثل في التعافي الطفيف للجنيه أمام الدولار، هو تلقي مصر خلال الفترة القادمة لحزمات مالية مختلفة وهو ما سيؤثر إيجابا على الوضع الاقتصادي العام في البلاد على المدى المتوسط ويساهم برفع الاحتياطي الأجنبي، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات المتوقع أن تقوم بها عدة دول خليجية وهو ما سيرفع الموارد المالية للبلاد.
وأوضح الديب، أن مصر حصلت على ثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة ستاندرد آند بورز، و موديز، وفيتش خلال فترة من أصعب الفترات التي شهدها الاقتصاد العالمي في ظل جائحة كورونا، وما أعقبها من تحديات اقتصادية عالمية، مضيفا أن التجديد المستمر للودائع السعودية والكويتية والإماراتية بالبنك المركزي المصري، سيعمل على دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك، وكذلك ينعش الجنيه مقابل الدولار وسلة العملات الأجنبية.
وأشار الديب، إلى أن الدولة تتمتع بأصول استثمارية قوية وأسعارها رخيصة، فضلا عن أن مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، ومحور قناة السويس، و استصلاح ملايين الأفدنة للزراعة، ومشاريع الكهرباء والمياه والنقل واللوجستيات، قطاعات الصناعة والسياحة والعقارات، ترحب بالاستثمارات الأجنبية، في ظل تنفيذ كثير من الإصلاحات الهيكلية التي أسهمت في تحفيز نمو القطاع الخاص ورفع تنافسيته، واستمرار الجهود في تحقيق معدلات نمو مرتفعة وأكثر استدامة وشمولا في مصر، لافتا إلى أن ثاني هذه السيناريوهات هي السماح بتحرك جزئي بسيط لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والثالث استمرار تثبيت قيمة الجنيه.
تأثير العلاقات المصرية الروسية على الاقتصاد المصري
وحول تأثير العلاقات المصرية الروسية على الاقتصاد المصري يقول الديب، إن اتفاق مصر وروسيا على التعامل بالعملة المحلية، يحمل العديد من الفوائد الاقتصادية، على رأسها تخفيف الضغط على الجنيه المصري مقابل الدولار وتنشيط حركة التجارة بين مصر وروسيا، مشيرا إلى أن مصر بوابة لسوق تجاري ضخم يضم 1.4 مليار شخص في أفريقيا، وحوالي 350 مليون مواطن عربي.
وقال الديب، أن المقصود بتعويم الجنيه هو تحرير سعر صرف الجنيه بحيث يحدد سعره وفقا لآلية العرض والطلب في السوق المحلية والدولية، دون أي تدخل من الحكومة ممثلة في البنك المركزي والذي يقتصر دوره في تلك الحالة على التحكم فقط في توقيت تحرك الأسعار، مشيرا إلى أن انضمام مصر لمجموعة (بريكس) سيقلل من اعتماد البلاد على الدولار.
انضمام مصر إلى تجمع بريكس
وذكر الباحث في الاقتصاد السياسي، أن انضمام مصر إلى تجمع بريكس يساعدها على تقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي والتوجه نحو التبادل التجاري بالعملات المحلية أو المشتركة لأغراض تجارية، إذ تبحث مصر حاليا استخدام العملات المحلية وسداد ما تستورده من الصين والهند وروسيا وهم من أعضاء البريكس.
وشهدت عوائد سندات مصر الدولية ارتفاعا ملحوظا بعد أن تقدمت مصر بطلب للانضمام إلى منظمة "بريكس" وفي هذا الإطار صدر قرارا جمهوري بالموافقة على اتفاقية تأسيس وانضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس ".
ومنذ شهر مارس/آذار 2022، خفضت مصر قيمة عملتها بنحو النصف من متوسط 15.7 أمام الدولار الواحد، ليستقر حاليا عند 30.9 جنيها.
صندوق النقد الدولي
ورغم موافقة صندوق النقد الدولي في ديسمبرالماضي، على قرض بقيمة 3 مليارات دولار مدته 46 شهرا مع مصر، إلا أن المراجعة الأولى للبرنامج قد تأخرت وسط حالة من عدم اليقين بشأن تعهد مصر بالتحول إلى سعر صرف مرن.
وفي يوليو 2017، وصل التضخم لمستوى غير مسبوق في مصر، مسجلا 32.952% بعد 8 أشهر من خفض الجنيه المصري بمقدار النصف في إطار حزمة دعم سابقة بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد.
ورغم الضغوط التي يتعرض لها لرفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، أبقى البنك المركزي المصري على أسعارها دون تغيير عند 18.25% في 22 يونيو الماضي.
وكان المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة منذ مارس 2022 بما مجموعه 1000 نقطة أساس.