أخطر 24 ساعة بحكم بوتين.. تفاصيل تمرد فاجنر في روسيا
على مدار الـ24 ساعة الماضية تدفقت الأنباء عن الخلاف الروسي الداخلي بين قوات فاجنر شبه العسكرية، مع الجيش النظامي الروسي، وبعد أن كان الخلاف تبادل اتهامات بالتقصير في دعم قادة الجيش لقوات فاجنر، والبحث عن المجد الشخصي لانتصارات روسيا داخل أوكرانيا، أصبح الأمر أشبه بحرب أهلية، ورفع الطرفان سلاحهما تجاه الآخر.
ووصل الخلاف بين يفجيني بريجوجين قائد فاجنر إلى بوتين نفسه بعد أن أعلن ما حدث بالخيانة، وهنا نرصد تفاصيل تلك الساعات الأصعب على روسيا منذ عقود زمنية، وأصبح مصير الدولة في ظل ترصد عالمي ضدها متوقفا على نهاية هذا الخلاف الداخلي، وهنا نرصد تفاصيل تلك الساعات مع معرفة الواقع العسكري، وتأثير ذلك على الجبهات العسكرية داخل أوكرانيا.
كانت بداية الأحداث الساخنة خلال الـ24 ساعة الماضية، عندما قال بريجوجين، في بيان له إنه "سيكمل الطريق حتى النهاية" وإنه اجتاز الحدود الروسية، وذلك بعد اتهامه للقوات الروسية بمحاولة قصف قواته الأمر الذي نفته موسكو واعتبرته تمرد من جانبه، وأضاف بريجوجين في بيانه: "قواتي عبرت الحدود من أوكرانيا لروسيا وهم موجودون الآن بمدينة روستوف جنوب البلاد، وقواتي ستدمر كل من يعترض طريقها ومستعدون للمواصلة حتى النهاية".
ونفى رئيس مجموعة فاجنر أن يكون ذلك "انقلابًا عسكريًا" لكن اعتبره "مسيرة العدالة"، موضحًا أن "هناك 25 ألف منا وسوف نحدد سبب انتشار الفوضى في البلاد، احتياطينا الإستراتيجي هو الجيش بأسره والبلد بأسرها"، مبديًا ترحيبه "بكل من يريد الانضمام إلينا" من أجل "إنهاء الفوضى".
وفي تعليق رسمي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الصراع الدائر الداخلي، قال في كلمة ألقاها صباح اليوم السبت، إن من نظموا العصيان المسلح وصوبوا سلاحهم على رفاقهم في القتال خانوا روسيا، ولن يفلتوا من العقاب في إشارة إلى مؤسس شركة "فاجنر" العسكرية الخاصة يفجيني بريجوزين، وأضاف أن ما قامت به "فاجنر" هو تمرد على الشعب وعلى رفاق القتال وطعنة في الظهر، مؤكدًا أن "البلاد تواجه اليوم خونة للشعب".
ولفت إلى أن "هذه معركة يتقرر مصير شعبنا فيها، فهي تتطلب وحدة جميع القوى، والوحدة، والتوحيد والمسؤولية، حيث يجب التخلص من كل ما يضعفنا، وأي صراع يمكن أن يستخدمه أعداؤنا الخارجيون من أجل إضعافنا من الداخل"، وكان قد قال بوتين في تصريحات إعلامية سابقة، أن الشيء الوحيد الذي لا يغفره هو الخيانة، وغير ذلك يمكن أن أتسامح في كل شيء.
وفي إطار خطة مواجهة الأحداث الداخلية، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم السبت، على قانون يسمح بالاحتجاز لمدة 30 يومًا لمن يخالف نظام الأحكام العرفية في البلاد، وفقًا لوكالة “ريا نوفوستي”، فيما قامت وكالة الاستخبارات المحلية الروسية، وهي جهاز الأمن الفيدرالي (FSB) بفتح قضية جنائية ضد يفجيني بريجوزينو، ويأتي ذلك على خلفية التمرد الذي قام به قائد مجموعة فاجنر يفجيني بريجوزين، والذي اعتبره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خيانة داخلية.
وعن تأثير هذا الخلاف الداخلي بين أمراء الحرب الروس، على الجبهات العسكرية داخليا وخارجيا لروسيأ فإن الأنباء الواردة من الداخلي تفيد بأن الأوضاع تحت السيطرة خارجيا وداخليا عدا مدينة روستوف، وقد أكد القادة الذين نصبتهم موسكو في أربع مناطق أوكرانية، اليوم السبت دعمهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك في الوقت الذي يواجه فيه معارضة من زعيم مجموعة فاجنر العسكرية يفجيني بريجوزين، وقال دينيس بوشلين ، رئيس ما يسمى بجمهورية دونيتسك الشعبية: "إن الحل الحقيقي الوحيد لتحقيق انتصارنا هو التماسك حول القائد الأعلى للقوات المسلحة ، رئيس الاتحاد الروسي ، فلاديمير بوتين".
فيما أعرب رؤساء ما يسمى بجمهورية لوجانسك الشعبية ، وكذلك منطقتي زابوريجيا وخيرسون ، عن دعم مماثل لبوتين، وقال بوشلين إن هذه "المرحلة الصعبة بالنسبة لروسيا، مؤلمة بشكل خاص بالنسبة له ، بالنظر إلى دور فاجنر في الاستيلاء على "أرتيميفسك" ، وهو اسم باخموت الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية في شرق أوكرانيا، وذكر بوشلين: "أحيانًا ما كان رجال فاجنر يفعلون المستحيل"، ولكن في ذات الوقت طمأن القادة المدعومون من روسيا في مناطق لوجانسك وخيرسون وزابوريجيا أتباعهم على أن الوضع في مناطقهم لا يزال "مستقرًا".
في سياق متصل قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب متلفز اليوم السبت إن "الوضع في روستوف أون دون لا يزال صعبا خلال الانتفاضة المسلحة"، وذكر بوتين: "في روستوف ، تعطل عمل الإدارة المدنية والعسكرية بشكل أساسي".
تمثل مدينة روستوف أهمية استراتيجية لروسيا بالنظر لاستمرار الحرب في أوكرانيا وفق تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، وهو ما يتوافق مع إسراع بوتين للإعلان عن اتخاذ "إجراءات حاسمة" لتحقيق الاستقرار فيها.
روستوف أكبر مدينة في جنوب روسيا، وعاصمة منطقة روستوف التي تجاور أجزاء من شرق أوكرانيا حيث تستعر الحرب.
يقطنها مليون شخص.
تقع روستوف على نهر الدون، على بعد 60 ميلا من الحدود الأوكرانية، كما أنها موطن لقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية، التي يقاتل جيش الأسلحة المشترك رقم 58 ضد هجوم كييف المضاد في جنوب أوكرانيا، وفقا لمعهد دراسات الحرب.
تعتبر المدينة قريبة من الطريق السريع "M03"، القريب من مدينة سلوفنسك، حيث يربط كييف بخاركيف ويستمر حتى الحدود الروسية بالقرب من روستوف.
تضم المدينة مركز قيادة مجموعة القوات الروسية المشتركة في أوكرانيا ككل، ومطار يستخدم في العمليات العسكرية، وبالتالي فهي مركز لوجستي حاسم للجيش الروسي.
يرى معهد دراسات الحرب، أن أي تهديد لوجود الجيش الروسي هناك من المرجح أن يكون له تداعيات على بعض الجوانب الحاسمة من المجهود العسكري، كونها تمثل أحد خطوط الإمداد للقوات الروسية المشاركة في حرب أوكرانيا.
ويرى كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، والمقيم في موسكو، أوليغ إغناتوف، في تصريحات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية، أن روستوف هي نقطة القيادة واللوجستيات الرئيسية للجيش الروسي في الحرب مع أوكرانيا.
وبشأن إمكانية سيطرة روسيا سريعًا على الأوضاع في المدينة، أوضح إغناتوف أن ذلك يعتمد على الكثير من الأمور على رأسها عدد القوات الجاهزة للقتال التي يمتلكها الجيش الروسي خارج أوكرانيا ومدى ولائهم لموسكو حالياً.
وأضاف: "نحن الآن في وسط التمرد، والوضع مفتوح، ولكن يبدو أن بريغوجين كان يأمل أن يدعمه بوتين ضد وزير الدفاع شويغو أو رئيس هيئة الأركان غيراسيموف، أو أن يتحدث معه".
وأشار كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن الجيش الروسي أصيب بالشلل لأن الجميع اعتقدوا أن بوتين كان وراء دعم مجموعة فاغنر، لكنها الآن ترغب في السيطرة على مقاليد الأمور في روسيا بأكملها "لننتظر ما سيحدث خلال الساعات المقبلة".
ويبدوا أن كرة الثلج قد انطلقت، وأصبح من الصعب التراجع، حيث بدأ الجيش الروسي، اليوم السبت، بتنفيذ عملية عسكرية في منطقة فورونيج للتصدي لقوات فاجنر، بعد سيطرة الأخيرة عليها في وقت سابق اليوم، وذلك بعد أن أعلن قائد مجموعة فاجنر يفجيني بريجوجين، إسقاط طائرة مروحية روسية حاولت مهاجمة قواته في منطقة فورونيج، وقال قائد فاجنر :إن لا أحد من قواتي سيسلم نفسه بناء على طلب بوتين"، مشيرا إلى أنه "من الخطأ أن يتهمنا بوتين بالخيانة"، وأضاف "لا نريد أن تعيش روسيا لفترة أطول في ظل الفساد والأكاذيب".
وسيطرت قوات فاجنر، في وقت سابق اليوم السبت، على كل المواقع العسكرية في فورونيج" على بعد 500 كيلومتر من موسكو، وفقا لمصادر روسية، وفي وقت سابق، قال بريجوجين إنه وعناصره البالغ عددهم 25 ألفا "مستعدون للموت" من أجل "تحرير الشعب الروسي"، فيما قال بوتين أنه سيفعل كل شيء لحماية روسيا، وأنه سيتم اتخاذ "إجراء حاسم" لتحقيق الاستقرار في روستوف أون دون.
ويبدو أن العلاقة بين بريجوجين وبوتين، أصبحت علاقة صفرية بعد أن كانت صداقة وتحالف استراتيجي، فقائد فاجنر الذي ولد في عام 1961، كان قد أودع السجن، في عام 1981، بتهمة السرقة وجرائم أخرى، وبعد أن قضى عقوبته البالغة تسع سنوات، افتتح كشكا لبيع النقانق، ووصل في النهاية إلى إدارة مطاعم ومتاجر، ولكن في عام 2014، اجتمعت مجموعة من كبار المسؤولين الروس في مقر وزارة الدفاع، مع بريغوجين، وقد طلب أرضا من وزارة الدفاع يمكن أن يستخدمها لتدريب "المتطوعين" الذين لا تربطهم صلات رسمية بالجيش الروسي، وذلك للاستعانة بهم في خوض حروب روسيا.
ولم يمض وقت طويل حتى امتلك بريغوجين حصة في سلسلة من المتاجر الكبرى، وفي عام 1995، قرر أن الوقت قد حان لفتح مطعم مع شركائه في العمل. ثم بدأ في الفوز بعقود لتلبية فعاليات حكومية كبرى من خلال شركة "كونكورد" التي أنشأها في التسعينيات، وكانت الخطوة التالية هي عقود التوريد الحكومية العملاقة. في عام 2012، فاز بأكثر من 10.5 مليار روبل (أكثر من 200 مليون دولار) من العقود لتوفير الطعام لمدارس موسكو، حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية، نقلا عن سجلات حكومية.
وقام رجل الأعمال الروسي بتأسيس مجموعة فاجنر شبه العسكرية، عام 2014، للقتال في أوكرانيا واعترف بانتشار عناصر منها في أفريقيا وأميركا اللاتينية، ومنذ قرار بوتين العام الماضي بغزو أوكرانيا، تضخمت صفوف فاغنر إلى حوالي 50 ألف مقاتل، وفقا لتقديرات أجهزة مخابرات غربية، بما في ذلك عشرات الآلاف من السجناء السابقين الذين تم تجنيدهم من السجون في جميع أنحاء روسيا، غالبا بواسطة بريجوجين شخصيا.