بعد تخفيض قيمة الجنيه وزيادة أسعار الوقود.. ارتفاع متوقع لمعدلات التضخم
تستعد الأسواق المصرية لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار وذلك بعد قرار تحريك أسعار المحروقات الصادر مطلع الشهر الجاري والذي قد ينعكس سلباً على معدلات التضخم بالبلاد.
حيث قالت وزارة البترول المصرية في بيان لها إن لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية رفعت في مراجعة ربع سنوية ، أسعار الوقود المحلي بمقدار 0.75 جنيه للبنزين 80 وجنيه للبنزين 92 و0.75 جنيه للبنزين 95.
وقال البيان "فى ظل تذبذب أسعار خام برنت وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، قررت لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية التوصية بتعديل الأسعار الحالية السائدة فى السوق المحلية، حيث تم تعديل سعر بيع منتجات البنزين لتصبح كالآتى: 8.75 جنيه للتر البنزين 80 و10.25 جنيه للتر البنزين 92 و11.50 جنيه للتر البنزين 95".
وذكرت اللجنة أن سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز سيصبح 6000 جنيه للطن.
كما تقرر تثبيت سعر بيع السولار عند 7.25 جنيه للتر وتثبيت سعر المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية.
وقررت اللجنة زيادة غاز تموين السيارت ليصبح 4.50 جنيه/متر.
وتأتي الزيادات في أسعار الوقود في وقت تسارع فيه التضخم إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات.
وزاد ارتفاع أسعار السلع العالمية، بما في ذلك القمح والنفط، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، من الضغوط على الأوضاع المالية لمصر، مما دفعها إلى السعي للحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
وبموجب خطاب نوايا موجه إلى صندوق النقد أواخر العام الماضي، قالت مصر إنها ستسمح لمعظم أسعار الوقود بالارتفاع حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد لتعويض التباطؤ في مثل هذه الزيادات خلال السنة المالية الماضية.
وفي يوليو 2022، أعلنت الحكومة زيادة نادرة في سعر السولار لكنها قالت إنها لا تزال تدعم الوقود بحوالي 55 مليار جنيه سنويا.
ومنذ عام 2019، يجري تحديد أسعار الوقود في إطار المراجعات الفصلية التي تأخذ في الاعتبار الأسواق العالمية وسعر الصرف بما يتماشى مع الالتزامات السابقة لصندوق النقد الدولي.
وتعتبر مصر من أرخص الدول فيما يتعلق بأسعار الوقود، وهو ما كشفه تقرير صادر عن غلوبال بترول برايسيس، الشهر الماضي، إذ جاءت القاهرة في المرتبة السابعة، وذلك بمتوسط حوالي 0.351 دولار، بينما قدر متوسط السعر العالمي بنحو 1.30 دولار للتر.
وتأثرت مصر -كبقية دول العالم- بتبعات الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها على ملف النفط والطاقة العالمي، والتذبذب الذي شهدته الأسعار.
وكانت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، قد ثبتت أسعار البنزين في آخر اجتماعاتها العام الماضي.
وأعلن وزير البترول المصري طارق الملا، عن تأجيل زيادة أسعار المحروقات بنسبة 10 بالمئة؛ "مراعاة للبعد الاجتماعي" وبما يكلف الدولة دعماً إضافياً.
معدلات التضخم
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات صحفية عقب قرار زيادة أسعار المحروقات، إن رفع أسعار الوقود في مصر يقود إلى تحريك معدلات التضخم الشهري والسنوي في المرحلة المقبلة، وهو الاتجاه الذي تدفع إليه عديد من العوامل الأخرى ذات الصلة، في ضوء عدم توافر أي مؤشرات تقول إن ثمة استقرار أو انخفاض في معدل التضخم.
ويشير إلى أن من بين العوامل أيضاً التي تدعم ذلك هو قرب حلول شهر رمضان، وهو من المواسم التي تشهد زيادة معتادة في معدلات التضخم في ظل زيادة فاتورة الاستيراد والطلب على السلع وارتفاع المعدلات الاستهلاكية.
• تشير أحدث بيانات البنك المركزي المصري، إلى ارتفاع معدل التضخم الأساسي إلى 31.24 بالمئة على أساس سنوي خلال الشهر الأول من العام الجاري، مقارنة بنسبة 24.4 بالمئة في الشهر الأخير من 2022
• طبقاً لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن مؤشر أسعار المستهلكين السنوي في مصر سجل 25.8 بالمئة في يناير، ارتفاعاً من 21.3 بالمئة في ديسمبر
• بيانات الجهاز تشير إلى ارتفاع أسعار المستهلكين "على أساس شهري" 4.7 بالمئة في يناير مقابل 2.1 بالمئة في ديسمبر
زيادة كبيرة نسبياً
ويلفت الإدريسي إلى أن الزيادة الأخيرة بأسعار البنزين هي زيادة "كبيرة نسبياً" تخطت الـ 10 بالمئة، موضحاً أنه الزيادة جاءت بعد إقرار لجنة التسعير التلقائي تثبيت الأسعار في آخر اجتماعاتها بالعام الماضي، ومن ثم جاءت زيادة أعلى "كتعويض عن التثبيت السابق"، وهي السياسة التي يُتوقع اتباعها أيضاً من لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بخصوص سعر الفائدة، والتي قد تتوجه لرفعها بمعدلات أعلى بعد تثبيت السعر في الاجتماع الأخير، وهو ما يعتقد بكونه "يتسبب في صدمة مفاجئة للأسواق".
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، نهاية الشهر الجاري؛ لمناقشة سعر الفائدة، وهو ثاني اجتماع للجنة في العام الجاري.
ويتوقع الخبير الاقتصادي المصري، اتجاه البنك المركزي في هذا الاجتماع المرتقب إلى رفع سعر الفائدة بنسبة 1 بالمئة، مشدداً على أنه "من الوارد زيادة النسبة حال انفلتت معدلات التضخم". كما يتوقع كذلك إصدار شهادات ادخار جديدة بنسب تزيد عن الـ 20 بالمئة لجمع السيولة من السوق، ضمن محاولات كبح جماح التضخم.
حلول جذرية.. دعم الصناعة والزراعة
من جانبها، تشير خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، إلى أنه في ضوء عدد من العوامل وآخرها زيادة أسعار البنزين وقبلها تخفيض سعر العملة، فإن معدلات التضخم ستظل آخذة في الارتفاع خلال المرحلة المقبلة، مردفة: "في تقديري لن تستقر المعدلات لتأخذ منحنى هابطاً بعد ذلك إلا بتدخل قوي وجذري فيما يخص دعم الزراعة والصناعة".
وتشدد على أنه في وقت تقود فيه الارتفاعات بأسعار الطاقة إلى زيادات جديدة في أسعار السلع المختلفة، فإن المعارض التي توفر السلع للمواطنين بأسعار أقل من أسعار السوق مثل "أهلاً رمضان" وغيرها، لا تشكل حلاً حاسماً أو جذرياً للأزمة الداخلية؛ ذلك أن الأمر يتطلب حلاً من الجذور لجهة زيادة الثروة الزراعية والحيوانية والداجنة؛ لسد الاحتياجات الداخلية أولاً ثم التصدير.
وتعتقد الخبيرة الاقتصادية بأن "الحكومة المصرية لم يكن أمامها سوى ذلك الخيار المُر، الذي ربما هو أقل صعوبة من خيارات أخرى تشكل ضغطاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة"، مشددة على أن العمل على تحقيق وفرة في الإنتاج الصناعي والزراعي وتأمين سلة الغذاء هو السبيل الأنسب للحد من تفاقم معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.
وعلى عكس توقعات جميع الخبراء الاقتصاديين استبعد حازم المنوفي رئيس شعبة المواد الغذائية بالإسكندرية، أي زيادات في الوقت الحالي لأسعار السلع في الأسواق، بعدما رفعت الحكومة أسعار البنزين، فيما أبقت على أسعار السولار دون تغيير.
وقال المنوفي في بيان له، أن الأسعار لن تتأثر بارتفاع أسعار البنزين ، وذلك لثبات سعر السولار الذي يعتمد عليه فى عملية نقل المواد الغذائية والخامات ومستلزمات الإنتاج للمصانع والشركات ونقل البضائع كاملة الإنتاج للأسواق.
وأضاف المنوفى، أن غرف عمليات الشُعبة، تتابع توافر وعمل محلات البقالة والعطارة والسوبر ماركت بالأسواق، كما أنها بدأت أعمالها لمتابعة توافر السلع بالأسواق إستعداد لقتراب شهر رمضان الكريم ويتم متابعتها لحظة بلحظة للاطمئنان على توافر السلع الغذائية.
وأكد حازم المنوفي على توافر جميع السلع بكميات كبيرة منها، ولا يوجد نقص في أي سلعة.