”سبايكد”.. الهوية الجنسية في إيرلندا تطمس حقوق النساء والأطفال
سلَّطت مجلة سبايكد السياسية البريطانية، الضوء على ما سمتها تجربة إيرلندا الخطيرة في تحديد الهوية الجنسية "الذاتية"، مشيرة إلى أن القانون الجديد الذي أقره البرلمان الاسكتلندي، يطمس حقوق النساء والأطفال تحت مسمى حقوق المتحولين جنسيًا.
وأشارت إلى أن البرلمان الاسكتلندي وافق على مشروع قانون إصلاح الاعتراف بالنوع الاجتماعي، بأغلبية 86 صوتًا مقابل 39.
يسمح القانون الجديد لأي شخص في اسكتلندا بتغيير جنسه القانوني، عن طريق التعريف الذاتي وحده، وهي سياسة تُعرف على نطاق واسع بـ الهوية الذاتية.
وبحسب المجلة قوبل مشروع القانون بمعارضة قوية من الناشطات النسويات، ولجنة المساواة وحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، وحكومة المملكة المتحدة نفسها، بينما كانت هناك احتجاجات شديدة من الجماعات النسائية في اسكتلندا وأماكن أخرى في المملكة المتحدة.
كان هناك قدر كبير من الاحتجاج الحي داخل البرلمان، الذي يطلق عليه هوليرود، حيث قالت الجماعات النسائية إن التشريع سيسهل على الرجال عديمي الضمير الوصول إلى الأماكن المخصصة للنساء فقط، بما في ذلك الأماكن العامة وغرف تغيير الملابس والسجون.
وأثناء مناقشة مشروع القانون أخرج المحتجون من القاعة من قِبل الشرطة، وحاصر حراس الأمن امرأة تصرخ كذب وعار وأصرت على أن مشروع القانون يشكل تهديدًا للمرأة.
وبموجب القانون الجديد، يتمكن أي شخص يعيش في اسكتلندا من التقدم للحصول على شهادة إصلاح جنساني، بعد أن عاش في جنسه المختار ذاتيًا 3 أشهر، أو 6 أشهر إذا كان يبلغ من العمر 16 أو 17 عامًا، بينما كان عليهم الانتظار عامين.
وبينت "سبايكد" أن مؤيدي الهوية الجنسية، دائمًا ما يرفضون أي مخاوف بشأن الجدل حولها، بدعوى أنها تثير الذعر ضد هؤلاء المتحولين، ليس هذا فحسب وإنما يستشهدون بتجربة جمهورية إيرلندا، التي كان لديها نظام لتحديد الهوية الجنسية، منذ إصدار قانون الاعتراف بالنوع الاجتماعي الخاص بها عام 2015.
وأشارت إلى أنه غالبًا ما تقدم هذه التجربة من قِبل الأيديولوجيين الجندريين مؤيدي التحول الجنسي على أنها قصة نجاح، ومع ذلك، عند التعمق في الوضع الإيرلندي، تتضح مخاطر الهوية الذاتية.
فكما هو الحال في اسكتلندا، دفع قانون الاعتراف بالنوع الاجتماعي الإيرلندي ضد رغبات الجمهور، إذ لم يكن للشعب الإيرلندي رأي في الهوية الذاتية، وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن أغلبية المواطنين لا يؤيدون هذا الأمر.في عام 2021، أظهر استطلاع للرأي أن 17 في المئة فقط يوافقون على قانون الاعتراف بالنوع الاجتماعي في إيرلندا كما هو.
ومثل اسكتلندا، يسمح التشريع الإيرلندي لأي شخص يزيد عمره على 18 عامًا بالحصول على شهادة الاعتراف بالجنس، من دون موافقة الممارسين الطبيين، ويوضح التشريع أنه بمجرد حصول الرجل على شهادة الاعتراف بالجنس، يصبح جنسه من الناحية القانونية هو جنس المرأة.
وترى المجلة، أن هذا الخلط بين الجنسين له تداعيات خطيرة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الحقوق القائمة على الجنس والمساحات المخصصة للنساء.
واستشهدت المجلة، بحالة الإيرلندي جبرائيل غنتيلي، الذي تحول في ما بعد لامرأة باسم "باربي كارداشيان"، مشيرة إلى أنه عام 2020، هدد غنتيلي، بالتعذيب والاغتصاب وقتل والدته وهي جرائم أدين بارتكابها عام 2021ومع ذلك، في أغسطس 2020، صدرت شهادة اعتراف بتحوله جنسيًا من قِبل إدارة الحماية الاجتماعية في إيرلندا.
من الناحية القانونية بحسب المجلة أصبح غنتيلي امرأة تدعى باربي كارداشيان لافتة إلى أن هذا الرجل البيولوجي محتجز في جناح النساء بسجن ليمريك، مضيفة: بعبارة أخرى، يوضع رجل أدين بتهمة التهديد باغتصاب وقتل النساء في سجن للنساء بفضل الهوية الجنسية".
وتعليقًا على ذلك، شددت المجلة على أنه "لا يمكن أن يكون هناك مثال صارخ أكثر على التهديد الذي تشكله الهوية الذاتية للجنس على النساء من حالة غنتيلي هذه".
وبحسب "سبايكد"، فقد أظهر تقرير وزارة الحماية الاجتماعية، العام الماضي، أنه في السنوات السبع التي انقضت منذ إدخال الهوية الذاتية في إيرلندا، رُفض طلب واحد فقط من بين 909 طلبات للحصول على شهادة الاعتراف بالجنس، أو 0.1 في المئة من الطلبات، وهو ما يشير إلى أن التعريف الذاتي يمكن أن يكون بابًا مفتوحًا لاستغلاله من قِبل المعتدين.
وترى المجلة، أن هذه الإصلاحات تشكل أيضًا تهديدًا للأطفال، إذ إنه من الممكن للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا تغيير جنسهم في إيرلندا، وهو أمر يمكن أن يضعهم على طريق التحول الطبي الذي لا رجعة فيه .
وأشارت إلى أنه رغم بعض الضمانات في القانون مثل شرط موافقة الوالدين بعد أن تبنت أيديولوجية النوع الاجتماعي، فإن إيرلندا على منحدر زلق نحو المزيد من التغييرات.
وبينت المجلة، أنه بعد قانون 2015، أنشأت الحكومة الإيرلندية مجموعة لمراجعة التشريع واقتراح التعديلات، لافتة إلى أن توصيات المجموعة كانت مقلقة للغاية.
وأوصت بتوسيع نطاق الهوية الذاتية لتشمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا، كما أوصت بتوسيع الأحكام المذكورة أعلاه، لتشمل أولئك الذين يسعون إلى تعريفهم على أنهم غير ثنائي، وهو أمر من شأنه أن يزيد من إضعاف الحقوق القائمة على الجنس.
وحسب المجلة، يجرى العمل بالفعل في البرلمان الإيرلندي، لصياغة هذه التغييرات القانونية المقترحة رسميًا.
أما الأكثر إثارة للقلق بحسب المجلة فهو اقتراح مجموعة المراجعة بأنه يجب تقديم نظام للاعتراف بالجنس للأطفال في أي سن، وهو ما يعني أن الأطفال الصغار يمكنهم الانتقال في المستقبل القريب إلى جنس آخر.
وأوصت مجموعة المراجعة أيضًا بإدخال إجراء قانوني لمعالجة الحالات التي لا توجد فيها موافقة من الوالدين، أو عندما يكون الحصول على موافقة أبوية غير ممكن أو بعبارة أخرى، يعد الآباء الذين لا يريدون أن يغير أطفالهم جنسهم بشكل قانوني مشكلة بالنسبة للدولة الإيرلندية يجب التصدي لها ومعالجتها.
وأوضحت المجلة، أن دور قانون الاعتراف بالنوع في إيرلندا لم يقتصر على تقويض مساحات النساء وحقوقهن، أو يشكل خطرًا كبيرًا على الأطفال فقط، لكنه منح أيضًا الضوء الأخضر لمنظري الأيديولوجيات المتحولين، للمطالبة بمزيد من الإجراءات التي تخدم متطلباتهم.
وأضافت: كلما أثيرت انتقادات للهوية الذاتية، يؤكد المؤيدون أنه لا يوجد ما يدعو للقلق على الإطلاق، بينما توضح التجربة الإيرلندية خطورة هذا الادعاء وعدم صدقه، ومن ثمّ يجب على المملكة المتحدة أن تكبح جماح الهوية الذاتية للجنس قبل فوات الأوان.