جريدة الديار
الأحد 24 نوفمبر 2024 07:09 مـ 23 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

ماذا يحدث لصناعة الدواجن في مصر؟ ( تقرير )

صناعة الدواجن
صناعة الدواجن

تستورد مصر الأعلاف بنسبة تزيد على 80% من أمريكا والبرازيل وأوكرانيا. ويعاني المستوردون خلال الفترة الماضية من أزمة نقص مستلزمات الإنتاج والسلع المستوردة جراء آثار الحرب الروسية الأوكرانية. كما أن البنك المركزي أصدر قرارًا، في فبراير الماضي، بوقف التعامل بمستندات التحصيل في جميع العمليات الاستيرادية والعمل بالاعتمادات المستندية بدلاً منها، باستثناء بعض السلع.

مستندات التحصيل الملغاة، كانت تسمح للمستوردين بتحويل قيمة بضائعهم للموردين بعد تقديم مستندات تحدد مبالغ معينة وموعد تحصيلها ويمكن تقسيطها على دفعات. أما في حالة الاعتمادات المستندية، فيكون البنك وسيطا بين المستورد والمورد، فيضمن للأول الحصول على سلع مطابقة للمواصفات، ويساعد المورد في الحصول على كامل حقوقه، حيث يدفع المستورد قيمة الصفقة التجارية بالكامل للبنك قبل إتمام العملية.

بعد نحو شهرين من ذلك الاجتماع، زادت المسألة سوءًا في رأي ثروت الزيني رغم الإفراج عن جزء من الأعلاف المحتجزة، حسبما صرح وزير الزراعة. لكن "الزيني" يقول إنها "كمية غير كافية إطلاقًا لاحتياجات السوق".

بمرور الوقت؛ سمحت الأزمة بتكدس نحو 3 ملايين طن في الموانئ، وصنعت سوقا سوداء يبيع المستوردين الطن بأضعاف ثمنه، وفقا لحديث "الزيني"؛ إذ وصل طن الصويا إلى 30 ألف جنيه بدلا من 16 ألفًا، وبلغ طن الذرة 13.5 ألف جنيه بدلا من 9 آلاف.

أما شركة هيثم الرفاعي، التي تملك مزارع دواجن ومصنعا للعلف، فاضطربت أجواؤها وعملها بالكامل. كثفوا اتصالاتهم بالشركات الموردة للأعلاف، ليأتيهم الرد "بأن البضاعة في الميناء!". وعلى أحسن الأحوال، فآخرون يمكنهم توفيره لكن بزيادة مبالغ فيها.

كان عام 2006 عامًا أسود في حياة هذه الصناعة، فأصاب الشلل سوق الدواجن إثر انتشار الإنفلونزا. كما أوقفت منظمة الصحة العالمية لصحة الحيوان استيراد الدواجن ومنتجاتها من مصر. الصادرات التي كانت تذهب لأكثر من 11 دولة إفريقية وآسيوية وتٌقدر بحوالي 6.8 مليون دولار أمريكي في السنة.

لكن سرعان ما استقر الوضع بالسوق المحلي على الأقل، بحسب "هيثم"، ثم حدثت انفراجة عام 2020، فأعلنت الحكومة أنه أصبح بإمكانها تصدير الدواجن مرة أخرى بعد توقف أربعة عشر عامًا، حيث استطاعت 14 منشأة مصرية الحصول على اعتماد من المنظمة العالمية لصحة الحيوان يثبت خلوها من إنفلونزا الطيور.

وما كادت الصناعة تلتقط أنفاسها وتعود بقوة، إلا واصطدمت بوحش اسمه "فيروس كورونا"، فأثرت إجراءاته الاستثنائية عليها وشهد السوق تراجعًا في الطلب نتيجة غلق المطاعم والفنادق، والتي تشكل نحو 25% من إجمالي إنتاج مزارع الدواجن – بحسب محمد الشافعي (نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن آنذاك).

وعندما عادت الأمور مستقرة. أنهكت قفزات متتالية في الأسعار السوق مجددًاـ فغيرت تحية يوسف نمط حياتها ومشترواتها بالكامل. لذا فأسرتها واحدة من 74% من إجمالي الأسر المصرية التي خفضت استهلاكها للسلع الغذائية، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

بدا ذلك التغيير واضحًا لعزت صادق (صاحب أحد متاجر بيع الدواجن). صار زبائنه مرتبكين عند اتخاذ قرار الشراء، إما بتقليل الكمية أو الانصراف عن الدجاج، خاصة حين زاد سعر الدجاج الأبيض 6 جنيهات في أيام متتالية مؤخرًا. "هذا يحدث لأول مرة في تاريخ الدواجن"، هكذا يقول "عزت"، الذي ورث المهنة عن أبيه وجده، ويملك وإخوته متاجر بالقاهرة والإسكندرية ومحافظات الصعيد، يشترون لأجلها 3 لـ4 أطنان من الطيور أسبوعيًا.

رغم ذلك، فالأسعار التي زادت في السوق لا تتواكب مع زيادة سعر العلف البالغة نحو 110% منذ يناير الماضي، حسب ثروت الزيني (نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن)، الذي يوضح "أنه لو كان سعر كرتونة البيض 72 جنيها، فتكلفته تفوق الـ80 جنيها".

الفارق بين التكلفة وسعر البيع الذي تحدده بورصة الدواجن، تسبب في خسارة الشركة التي يعمل بها "هيثم" ما يقارب 2 مليون جنيه في شهر واحد.

والخسارة لم تأت منفردة، فمصنعهم بعد أن كان يجلب حوالي 300 طن من الأعلاف، لم يعد يضخ إنتاجًا سوى لأقل من 40 طنًا. كما اضطرت الشركة لوقف عمل قطاع التسمين وتسريح حوالي 60 شخصا من العِمالة (مديرًا ومهندسين وعمالًا) وأغلقت مزرعة بها 40 ألف دجاج (أمهات) وباعتها.