جريدة الديار
الخميس 21 نوفمبر 2024 03:49 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

واشنطن بوست: النظام الإيراني يخطط لاغتيال مسؤولين غربيين

احتجاجات إيران
احتجاجات إيران

كشفت صحيفة واشنطن بوست، بالوثائق، تفاصيل خطط للنظام الإيراني لاغتيال مسؤولين غربيين ومعارضين إيرانيين في أوروبا والولايات المتحدة، وعدد من دول الشرق الأوسط.

ونقلت الصحيفة الأمريكية في تقرير ها الذي طالعته الديار عن مسؤولين غربيين وشرق أوسطيين، تأكيدهم أن المؤسسات الأمنية الإيرانية تستخدم على نطاق واسع- العصابات الإجرامية ولصوص المجوهرات وتجار المخدرات والمجرمين، لتهديد وخطف وقتل المعارضين بمناطق مختلفة من العالم، مشيرة إلى أن هذه العملية زادت خلال العامين الأخيرين.

وبينت أنه خلال صيف 2021، ظهر ضباط من المخابرات الأمنية الكندية بمنزل رامين سيد إمامي في فانكوفر، وهو موسيقي وفنان من أصل إيراني يحمل الجنسية الكندية، يستضيف بودكاست شعبيًا باللغة الفارسية.

وأشارت إلى أنه غالبًا ما يستضيف سيد إمامي ضيوفًا من داخل إيران، ويتعمق في الموضوعات المحظورة في الثقافة الإيرانية المحافظة، مثل الجنس والصحة العقلية وفقدان الإيمان الديني.

قائمة اغتيالات

وفي مقابلة مع "واشنطن بوست" كشف إمامي أن أحد الضباط أوضح أن الحكومة الإيرانية أعدت قائمة بالذين يعيشون في الخارج ممن اعتبرتهم يشكلون تهديدًا للنظام، وطُلب منه اتخاذ الاحتياطات الأمنية.

ووفقًا لوثائق حكومية ومقابلات مع 15 مسؤولاً في واشنطن وأوروبا والشرق الأوسط، تحدثوا شرط عدم كشف هوياتهم للصحيفة الأمريكية، صعَّدت الحكومة الإيرانية جهودها لاختطاف وقتل المسؤولين الحكوميين والنشطاء والصحفيين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وبينت الوثائق، أن مخطط طهران استهدف كبار المسؤولين السابقين في الحكومة الأمريكية، والمنشقين الذين فروا من البلاد إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وتركيا وأوروبا.

وبحسب المسؤولين والوثائق الحكومية "يبدو أن الهدف الأكبر المنظمات الإعلامية التي تنتقد النظام، والنشطاء واليهود أو من لهم صلات بإسرائيل".

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين قولهم، إن أجهزة المخابرات والأمن الإيرانية تعتمد على وكلاء خارجيين لتنفيذ خططهم، حيث تقدم مبالغ ضخمة إلى عصابات وتجار المخدرات وغيرهم من المجرمين لتنفيذ مخططات القتل.

وأوضحوا أن نهج عدم التورط، الذي تسلكه إيران، ربما تسبب في فشل بعض العمليات، حيث تعطلت المؤامرات، وفي بعض الحالات يبدو أن المستأجرين خافوا من تنفيذ العمليات أو لم ينفذوا أوامرهم.

لكن المسؤولين يؤكدون أن إصرار إيران يجعل من المرجح أن تقتل –نهاية المطاف- منشقًا رفيع المستوى أو صحفيًا أو شخصية حكومية غربية، وهو ما قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة للغرب مع طهران.

وبينوا أن الأجهزة الأمنية الإيرانية نفذت عمليات اغتيال في الخارج، منذ تولي النظام المتشدد الحالي السلطة، قبل أربعة عقود.

ومؤخرًا -حسب المسؤولين الذين تحدثوا للصحيفة- وتحديدًا بين عامي 2015 و2017 اغتالت إيران ثلاثة معارضين في أوروبا الغربية، بينهم ناشط عربي إيراني قُتل بالرصاص أمام منزله في لاهاي.

وقد اتهمت السلطات الهولندية، إيران بالتورط في مؤامرة اغتيال أخرى، ومحاولات تفجير في أوروبا.

عام 2018، أُلقي القبض على دبلوماسي إيراني، كان يقيم في فيينا، اتُهم بتجنيد زوجين إيرانيين في بلجيكا، لزرع قنبلة في تجمع معارض حاشد بباريس لمجاهدي خلق، وهي جماعة معارضة إيرانية.

ارتفاع إيقاع المؤامرات

ووفقًا للمسؤولين -الذين تحدثوا لـ "واشنطن بوست"- فإن إيقاع المؤامرات زاد بشكل كبير خلال العامين الماضيين، محذرين من أن هذا التوجه من أكثر المؤامرات خطورة في الذاكرة الحديثة.

وأشارت الصحيفة، إلى أن تصرفات إيران هذه أدت إلى طرد دبلوماسيين وتحذيرات لأهداف محتملة من حكومات غربية.

وفي ذلك يقول سيد إمامي: إن الشعور العام الذي حصلت عليه هو أنهم باتوا يتعاملون مع الموضوع بجدية.

وكشف أن المسؤولين الأمنيين الكنديين طلبوا منه وضع هاتفه في حقيبة مصممة لمنع الموجات المغناطيسية الكهربائية، حتى لا يتم التنصت على المكالمات، وأبلغوه بأنه لو تم تهديد أي شخص على أرضهم، سيكون الوضع مختلفًا.

وبالنسبة لسيد إمامي فالخطر حقيقي، فقد مات والده الخبير بالبيئة عام 2018 وهو في السجن الإيراني، ومُنعت والدته من السفر مدة عام، ونُصح بعدم السفر للدول القريبة من إيران وتجنب "مصائد العسل"، حيث يتم إسقاطه من خلال علاقة رومانسية تقود إلى المخابرات الإيرانية.

ومن دون الإشارة إلى حالة سيد إمامي، قالت المتحدث باسم المخابرات الكندية للصحيفة الأمريكية: إن المخابرات على حذر من محاولات دول مُعادية، بما فيها الجمهورية الإيرانية، استفزاز وتخويف المجتمعات الكندية، بما فيها مجتمعات الشتات، مشددًا على أن المخابرات تحقق في التهديدات على الحياة الواردة من طهران، بناءً على تقارير أمنية موثوقة، مشيرًا إلى أن هذه الأنشطة عدوانية وتدخل أجنبي يقوِّض أمن كندا والكنديين، وكذا القيم الديمقراطية والسيادة الوطنية.

وتظهر الوثائق، إلى جانب تصريحات المسؤولين، أن الحملة الإيرانية تكشف عن الأيدي الممتدة عالميًا، ففي العام الماضي، كشفت وكالات الأمن الغربية وأجهزة فرض النظام، محاولة اغتيال لمستشار الأمن القومي السابق جون بولتون في واشنطن، واختطاف وقتل الصحفية والناشطة الأمريكية الإيرانية مسيح علي نجاد في نيويورك.

وكذا محاولات عدة لقتل صحفيين بريطانيين، وأخرى لاستهداف من يعيشون في بريطانيا، وعملية أخرى استهدفت قتل الكاتب الفرنسي برنارد هنري ليفي، من خلال استئجار تاجر مخدرات، وقتل رجال أعمال في قبرص، وعملية أخرى أشرف عليها روسي أذربيجاني شملت فريق رقابة من باكستانيين، وخطة أخرى لاستخدام قتلة تم تجنيدهم بسجن في دبي، لقتل رجال أعمال إسرائيليين في كولومبيا.

وحسب الصحيفة الأمريكية، لم يرد المسؤولون والدبلوماسيون الإيرانيون على عدد من المكالمات للتعليق، كما رفض مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) التعليق.

وترى الصحيفة أن عمليات الاغتيال والاختطاف الإيرانية وراءها دوافع مختلفة، فقد كُلف أشخاص في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، بعملية ليفي نظرًا لموقفه الدولي، ونقده المستمر لقيادة البلاد.

بينما قال مسؤولو الاستخبارات إن فيلق القدس كلف تاجر مخدرات إيرانيًا بمهمة قتل ليفي، وجند معه آخرين، مقابل مئة وخمسين ألف دولار، بينما رفض ليفي التعليق في رسالة نصية.

تقدم خطة اختطاف مسيح علي نجاد من بيتها في بروكلين بنيويورك، أيضًا، مثالا على محاولات إسكات المعارضين وتخويفهم.

العام الماضي وجهت وزارة العدل اتهامات لأربعة مسؤولين أمنيين بأنهم استهدفوا مسيح علي نجاد، بدعوى أنها كانت تقوم بتعبئة الرأي العام في إيران والخارج، للدفع بتغييرات في القوانين الإيرانية.

واعتمدت إيران على محققين خاصين، لمراقبتها والتقاط صور لها ولعائلتها، ورصد تصرفاتها وإمكانات استخدام قوارب سريعة لنقلها سرًا إلى فنزويلا، البلد الصديق لإيران.

واعتقلت قوات الأمن الأمريكية شخصًا في يوليو الماضي، وعثرت بحوزته على مسدس، ولم تذكر اسم مسيح علي نجاد، لكنها كتبت تغريدة قالت إنها كانت الهدف المقصود.

وفي رسالة إلكترونية، قالت إنها لا تزال في حالة ذهول وصدمة، من محاولة إيران قتلها على الأرض الأمريكية، وأنها لم تتحمل التداعيات.

ويرى المسؤولون أن محاولات الاغتيال مرتبطة بالانتقام لقتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بغارة جوية في بغداد عام 2020.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ماثيو ليفيت من معهد واشنطن، قوله: إنه تتبع 124 محاولة اغتيال إيرانية منذ عام 1979 حدث 36 منها بعد قتل سليماني.

وأضاف ليفيت أن أكثر من ربع هذه الهجمات وقع في الولايات المتحدة، مقارنة بأقل من 15 بالمئة قبل وفاة سليماني.

تاريخ من الاغتيالات

ويؤكد ليفيت أن إيران لديها تاريخ طويل من العمليات الفتاكة، والاغتيالات المنظمة، مضيفًا: "إنهم لا يجمعون المعلومات ليضعوها على الرف، وإنما لاستخدامها بالفعل في عمليات اغتيال لاحقة".

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن زيادة المحاولات الإيرانية القاتلة أدت إلى تعزيز الدفاعات الغربية، فقد طلبت بريطانيا من الإنتربول التحقيق في محاولات إيرانية لقتل معارضين إيرانيين على أراضيها عام 2020.

كما تم تحديد هوية الوكيل الإيراني محمد مهدي موزاييني، إلى جانب تآمره للقيام بعمليات قتل، ضد جماعات إيرانية معارضة في ألبانيا عامي 2018 و2019، حسب المذكرة الزرقاء للإنتربول، التي طلبت من منظمات فرض النظام جمع معلومات عن موزاييني وأي نشاطات يخطط لها.

وكشف مدير المخابرات الداخلية (إم آي فايف) هذا الشهر عن إحباط المخابرات 10 محاولات إيرانية، لاختطاف أو قتل معارضين إيرانيين في بريطانيا، بينما استدعت وزارة الخارجية البريطانية دبلوماسيًا إيرانيًا بارزًا.

كما استهدفت إيران مراسلًا لـ" بي بي سي" بالفارسية و"إيران إنترناشونال" ومقرها لندن، حيث اتهمت القناتين بأنهما أداة للدعاية الغربية.

ووضعت الشرطة البريطانية هذا الشهر حراسة حول "إيران إنترناشونال" بسبب تغطيتها للتظاهرات في إيران.

وتلقى موظفان تهديدات مباشرة بالقتل، وقلل العاملون في القناة من اتصالاتهم بعائلاتهم في إيران، خشية الانتقام منها.

وحسب الصحيفة الأمريكية، جاءت التهديدات من عملاء لإيران في بريطانيا.

وتكشف عملية تجنيد العملاء استراتيجية إيرانية متوزعة جغرافيًا حسب الأهداف، وكمثال، عندما كان عميل للحرس الثوري يقضي محكومية بالسجن في دبي، بتهمة محاولة اختطاف ووفاة رجل أعمال إيراني بريطاني، التقى رحمت أسدي، شقيقين من كولومبيا متهمين بالمشاركة في سرقة مجوهرات دولية، ودربهما على قتل أمريكيين وإسرائيليين في كولومبيا، بعد الإفراج عنهما عام 2021.

ووجهت اتهامات لعدد من الوكالات الأمنية الإيرانية، بالتورط في ملاحقة المعارضين، منها الاستخبارات العسكرية وفيلق القدس واستخبارات الحرس الثوري، مع أن الأوامر لقتل المعارضين في الخارج تأتي من المستويات العليا في الحكومة، كما يقول المسؤولون والخبراء.

ويتبع عملاء إيران الأسلوب المعروف بملاحقة المعارضين، مثل جمع المعلومات عنهم، وتسجيل أسلوب حياتهم اليومي، والبحث عن خطط للسفر وما إلى ذلك، ثم ينقلون المعلومات عن الحياة اليومية للوكلاء.

وفي عملية أخرى بقبرص، لملاحقة رجل أعمال إسرائيلي اتُهم المسؤولون الحرس الثوري بتشكيل شبكة من الباكستانيين لمراقبة الهدف، بينهم سائق دراجة يعمل في شركة توصيلات طعام كغطاء.

عام 2021 بعث معلومات إلى إيران والمسؤول عنه بالجزيرة المكلف بمهمة القتل.

ووجَّه المسؤولون في قبرص -العام الماضي- تهمًا لأورخان أسادوف، الروسي الأذربيجاني بمحاولة قتل إسرائيليين.

وحسب "واشنطن بوست" تلجأ إيران أحيانًا لخطط تغري من خلالها المعارضين بالسفر إلى دول قريبة منها، كما حدث عام 2019 مع المعارض روح الله زام، الذي خدع للسفر من باريس إلى العراق، معتقدًا أنه سيجري مقابلة مع علي السيستاني، المرجع الشيعي العراقي لصالح موقعه "أماد"، لكنه اعتُقل ونُقل إلى إيران، حيث شُنق في 12 ديسمبر 2020 وكان عمره 42 عامًا.

وتباهى الحرس الثوري الإيراني بعملية الخداع هذه، وصوَّر القبض على زام بأنه "انتصار لأجهزة الأمن الإيرانية، التي تفوقت على خصومها الغربيين".

واجه النشطاء والمعارضون الذين فروا من إيران، أيضًا مضايقات لا هوادة فيها من طهران، وفق تقرير "واشنطن بوست".

كان مهدي حاجاتي، عضو مجلس مدينة شيراز السابق، الذي تحدث عن الفساد في إيران، ودافع عن حقوق البهائيين، وهم أقلية دينية مضطهدة بشدة، يأمل أن يجد ملاذاً آمنًا في تركيا، لكن بمجرد وصوله تقريبًا في خريف 2021، بدأ يتلقى تهديدات.

وقال حاجاتي، الذي يعيش لاجئًا في تركيا مع عائلته وينتظر إعادة توطينه في بلد ثالث، إنه يتلقى سيلاً شبه مستمر من رسائل التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي قدَّم لقطات لها من شاشة الهاتف.

وتميل التهديدات إلى التصاعد، عندما يتحدث حاجاتي عبر منصة بارزة، أو عندما تكون هناك اضطرابات في إيران، وزادت التهديدات بكثافة خلال الانتفاضة المحلية التي اندلعت الشهرين الماضيين، على خلفية قتل الفتاة مهسا أميني، على يد شرطة الأخلاق، بدعوى عدم ارتدائها الحجاب بالشكل اللائق.

والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لحاجاتي، محاولات السلطات توريطه في الهجوم الدامي الأخير على مرقد شاه جراج المقدس في شيراز، الذي يخشى أن يستخدموه كمبرر محتمل لاختطافه أو قتله نهاية المطاف.

وفي أكتوبر، استدعى عملاء المخابرات التركية حاجاتي واستجوبوه عن أنشطته 5 ساعات، وقالوا له إنه مُهدد بالترحيل إذا لم يوقف أنشطته، وإنهم، مع مستوى التهديدات الموجهة ضده، لا يمكنهم ضمان سلامته.وأجاب حاجاتي بأنه لا يستطيع التخلي عن الناس في الشوارع الذين يتعرضون لإطلاق النار، وحتى لو كان ذلك يُهدد حياتي .

​​​​