حلحلة الأزمة السودانية.. اتفاق بين المكونين العسكري والمدني برعاية دولية
بعد أكثر من عام على أزمة سياسية وأمنية واقتصادية غير مسبوقة ضربت السودان، وتزامنها مع عجز الفرقاء السياسيين عن إنهاء التعثر الحالي، لاح في النفق نور، قد يبدد ظلمة الطريق، الذي وجد البلد الإفريقي نفسه عالقًا فيه.
فمنذ أن فرض الجيش في 25 أكتوبر 2021، إجراءات استثنائية تضمنت حل الحكومة، يعيش السودان وضعًا سياسيًا واقتصاديًا مترديًا، فشلت المساعي الأممية في حلحلته.
إلا أن تطورًا كبيرًا على طريق تلك الأزمة، قد يبشر بنهاية قريبة لهذا الوضع المأزوم، ويضعه على مسار نقل السلطة إلى المدنيين خلال فترة انتقالية تقدر بنحو عامين، تنتهي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، لإكمال الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني.
بينما ينتظر السودانيون، قرارات مرتقبة للجيش السوداني، تضمن بحسب تقارير محلية إطلاق المعتقلين السياسيين ووقف العنف ضد المتظاهرين، أملًا في تهيئة المناخ أمام حل الأزمة، كانوا على موعد ليلة الجمعة بتحديد موعد لتوقيع اتفاق إطاري مع المعارضة.
وقالت قوى الحرية والتغيير، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنه تقرر تحديد الاثنين المقبل موعدًا للشروع في توقيع الاتفاق السياسي الإطاري، الذي يؤسس لسلطة مدنية انتقالية، تتولى أعباء تنفيذ مهام ثورة ديسمبر واستكمال الطريق نحو بلوغ غاياتها.
جاء ذلك في اجتماع عُقد مساء الجمعة، ضم القوى الموقعة على الإعلان السياسي، بحضور ممثلين لقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والمؤتمر الشعبي، إضافة إلى الفريق أول عبدالفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة والفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، بقيادة الآلية الثلاثية وسفراء المجموعة الرباعية و"الترويكا" والاتحاد الأوروبي.
وأوضحت قوى الحرية والتغيير، أنه بعد توقيع الاتفاق، ستأتي مرحلة إكمال تفاصيل بعض القضايا بمشاركة أوسع من «قوى الثورة» وأصحاب المصلحة ليتأسس عليها الدستور الانتقالي، وتنشأ مؤسسات السلطة الانتقالية في فترة لا تتجاوز أسابيع.
وجددت قوى الحرية والتغيير، في بيانها، دعوة القوى السياسية لتوحيد وترتيب الصفوف وتكامل جميع أدوات العمل السياسي السلمي، بما يقود لتأسيس انتقال مدني ديمقراطي مستدام، يؤسس لمستقبل أفضل تسوده قيم الحرية والسلام والعدالة.
الأمر نفسه، أشار إليه المجلس السيادي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، مؤكدًا أن توقيع الاتفاق الإطاري سيكون الاثنين المقبل، بحضور واسع محلي ودولي، تمهيداً لمرحلة جديدة تستشرفها البلاد.
وبحسب بيان المجلس السيادي، فإن الاجتماع ناقش تطورات العملية السياسية، وأكد ما تم التوصل إليه من تفاهمات تلخصت في الاتفاق السياسي الإطاري.
وبينما قال المجلس السيادي إن الاتفاق يشكل أساساً لحل الأزمة السياسية الراهنة، أكد أنه يظل مفتوحاً للنقاش والمشاركة من الأطراف الأخرى المتفق عليها لتطويره في المرحلة الثانية لاتفاق نهائي وترتيبات دستورية انتقالية، في غضون أسابيع، تمهيداً لتشكيل سلطة مدنية تقود المرحلة الانتقالية، وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة، يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.
وما إن أصدرت قوى الحرية والتغيير ومجلس السيادة بيانهما، حتى أعلنت بعض القوى السياسية موقفها الذي تراوح بين الرفض والقبول.
فالجبهة الثورية، التي شاركت في الاجتماع بين الحرية والتغيير ومجلس السيادة، رحبت بمخرجاته، مؤكدة أنها عضو فاعل في تحالف القوى المتوافقة على مسودة الإعلان الدستوري، وتبذل جهدًا كبيرًا لإنجاح العملية السياسية التي ستفضي لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر.
وأشارت إلى أن المجتمعين أكدوا توافقهم على ورقة الاتفاق الإطاري، واستعدادهم للتوقيع عليها الاثنين المقبل، بحضور ممثلين للبعثات الإقليمية والدولية .
من جهة أخرى، أعلن الاتحادي الديمقراطي الأصل، بزعامة محمد عثمان الميرغني، رفضه للاتفاق، زاعمًا أن ما يدور في الساحة السياسية السودانية من خلاف واختلاف وصراع على السلطة، لم يراعِ أمن الوطن ولا عيش أهله، ما أغرى بعض الدول بمحاولة فرض وصاية وحلول.
وقال الاتحادي الديمقراطي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: ظللنا على الدوام نحذر من انزلاق البلاد نحو الفوضى، ونادينا بالابتعاد عن روح الإقصاء والتشفي والكراهية والتخوين والقبلية البغيضة، وضرورة الوصول لرؤية سودانية موحدة، تقود البلاد إلى انتخابات حرة نزيهة، يختار فيها السودانيون من يحكمهم، بعيدًا عن فرض أي وصاية دولية.
وطالب الحزب، القوى السياسية بأن تعمل على أن تكون علاقاتها الخارجيه مبنية على احترام السيادة الوطنية والمصالح المشركة، من دون الرضوخ للضغوط، التي تحاول دول ممارستها على بعض الأطراف والقوى السياسية، على حد قوله.
وأكد الاتحادي الأصل، أنه يعمل مع القوى الوطنية السودانية المؤمنة بالديمقراطية قولًا وعملًا، لتكوين جبهة عريضة من مكونات المجتمع السوداني، لتكون سندًا منيعًا، والعمل على التوصل لاتفاق سوداني يحقق التراضي الوطني، بعيدًا عن الوصاية الأجنبية.
وقد أبلغت الحُرية والتغيير (الكُتلة الديمقراطية)، رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، رفضها ما سمته الاتفاق الثنائي المرتقب بين الجيش وائتلاف الحرية والتغيير وحلفائه، محذرة من عواقب وخيمة للخطوة.
نائب رئيس الكتلة جبريل إبراهيم قال إن الكتلة التي يرأسها، أبلغت البرهان، بأنها منفتحة مع الحوار وعلى كل القوى السياسية والمجتمعية من دون فرز.
وأفاد بأن البرهان أكد أنه مع الوفاق الوطني الشامل، من دون أن يحدد موعدًا قاطعًا لتوقيعه على الاتفاق مع مجموعة المجلس المركزي، مشيرًا إلى أنهم نادوا بضرورة الوصول إلى توافق، لإخراج البلاد من المخاطر التي تواجهها.
ودعا جبريل إلى أن تعامل جميع المبادرات المطروحة في الساحة السياسية بشكل واحد، من دون تمييز وتجميعها في مائدة مستديرة وتكوين جسم وطني، يتولى النظر في الرؤى المطروحة، للوصول إلى ورقة واحدة تمثل القوى السياسية.
كانت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي أنييت ويبر، قالت خلال اجتماع مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان الخميس، إن تشكيل حكومة في المستقبل القريب، سيؤدي لتجديد التزام الاتحاد بدعم السودان.
وأكدت ويبر أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى الخطوة المقبلة، المتمثلة في تشكيل حكومة، تشجع الاتحاد الأوروبي على تقديم الدعم لتوفير احتياجات الشعب السوداني، مشيرة إلى أن تشكيل حكومة في المستقبل القريب، يجعلنا نجدد التزام الاتحاد الأوروبي بدعم السودان، ويمكننا من العمل لبناء مستقبله.