جريدة الديار
الأحد 22 ديسمبر 2024 01:54 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الهند حليف قوي متردد في لعبة الصراع بين أمريكا والصين

الهند
الهند

رغم أن الولايات المتحدة واليابان وأستراليا ستكون جوهر أي تحالف للدفاع عن تايوان في مواجهة أي غزو صيني، فإن منطقة المحيطين الهندي والهادئ ضخمة بشكل لا يمكن الاستهانة به، وبالتالي فنجاح مثل هذا التحالف للراغبين يمكن أن يتوقف على الدعم الذي يمكن الحصول عليه من محور المتأرجحين، والذي يضم مجموعة من الدول ذات الموقع الاستراتيجي لكنها مترددة في التورط في أي صراع.

ويقول المحلل الاستراتيجي الأمريكي هال براندز في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن الوصول إلى استخدام القواعد العسكرية في الفلبين وربما في كوريا الجنوبية يمكن أن يساعد الولايات المتحدة في حشد قدراتها النارية الكبيرة. كما أن استخدام المنشآت اللوجيستية في سنغافورة سيسهل العمليات في بحر الصين الجنوبي.

في الوقت نفسه فإن السماح للطيران الحربي الأمريكي بعبور أجواء دول جنوب شرق آسيا، سيسمح للولايات المتحدة باستخدام قاذفاتها طويلة المدى المتمركزة في قاعدة ديجو جرسيا في الحرب.ولكي تشارك أستراليا في الحرب، ستحتاج إلى "موافقة على مضض" من جانب إندونيسيا للسماح لكانبرا باستخدام الممرات المالية لأرخبيل إندونيسيا ومجالها الجوي.

ويضيف براندز أن كل هذه الدول تخشى النزعة التوسعية للصين. وكلها في موقف جيد يتيح لها المساعدة في احتواء الخطر الصيني. في الوقت نفسه فكل هذه الدول لديها مخاوفها من التورط في صراع مع الصين. وينطبق هذا الكلام تماما على قوة مهمة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وهي الهند التي مازال موقفها من أي صراع في تايوان محل تساؤل.

ويمكن القول أن مركزية الهند في الصراع الأمريكي الصيني واضحة. فالهند قوة إقليمية رئيسية في جنوب آسيا والمحيط الهندي، وهما المنطقتان اللتان تستهدف الصين التوسع فيهما. كما أن الهند عانت من البلطجة الصينية عبر الحدود المشتركة بين البلدين في جبال الهيمالايا. ومنذ المواجهة المسلحة التي أسفرت عن مقتل 20 جنديا هنديا في يونيو الماضي، قال المحللون والمسؤولون الهنود في مقابلات مع براندز إن أي أوهام بشأن سياسات الرئيس الصيني شين جين بينج انهارت.

في الوقت نفسه، لن تستطيع الهند وهي أكبر دولة ديموقراطية من حيث عدد السكان في العالم، تجنب الصراع الدائم بين الولايات المتحدة والصين، والذي يضعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في صورة صراع أيديولوجي بين الديمقراطية والاستبداد. كما أن الهند باعتبارها رائدة في العالم النامي، والذي أصبح مجددا ساحة صراع جيوسيتراتيجي، تمارس نفوذا دبلوماسيا متزايدا أيضا.

ويرى براندز الباحث المقيم في معهد "المشروع الأمريكي" والحاصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة ييل الأمريكية، أن الرئيس بايدن متفائل بموقف الهند لأسباب وجيهة. فالهند انضمت إلى تحالف رباعي يضم أستراليا واليابان والولايات المتحدة يسعى إلى ضمان "المحيطين الهادئ والهندي منطقة حرة ومفتوحة". كما قالت تقارير إن الولايات المتحدة قدمت للهند دعما استخباراتيا أثناء وبعد الصراع العسكري مع الصين في جبال الهيمالايا عام .2020

كما تستخدم الهند المناورات البحرية ومبيعات الأسلحة لدول مثل إندونيسيا، لتعميق انخراطها في جنوب شرق آسيا بطرق تعقد الخطط الصينية. وقال كورت كامبل منظر السياسة في إدارة بايدن إن العلاقات مع الهند "هي الأهم بالنسبة للولايات المتحدة خلال القرن الحادي والعشرين".

ويحذر براندز من الاندفاع في التفاؤل بشأن الهند لأنها يمكن أن تكون شريكا مترددا وصعب المراس. الهند لا تحب الانضمام إلى تحالف رسمي مع واشنطن. ونقل عن فيجاي جوكالي وزير خارجية الهند السابق قوله إن "الهند كبيرة للغاية ولديها تاريخ عريق وهوية كحضارة عظيمة بما يجعلها لا تقبل أن تكون تابعة لأي طرف آخر".

كما أن حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تفتقد لأي ارتباط عاطفي قوي بأي نظام دولي في الخارج. في حين أن اعتماد الهند على إمدادات السلاح والغاز الطبيعي الروسية، جعلها تتبنى موقفا ملتبسا بشأن الحرب الروسية ضد أوكرانيا وهو ما سبب إحباطا كبيرا للمسؤولين الأمريكيين.

لذلك يصبح السؤال هو كيف ستتصرف الهند إذا هاجمت الصين تايوان. رغم أن الهند لا تستطيع حشد قوة عسكرية كبيرة في شرق مضيق ملقا، فإنها تظل من الناحية النظرية قادرة على عمل الكثير. ويأمل المسؤولون الأمريكيون في سماح الهند للقوات الأمريكية باستخدام جزيرتي أندامان ونيكوبار شرق خليج البنغال، لتسهيل وقف إمدادات النفط الخارجية للصين. كما يمكن للبحرية الهندية المساعدة في منع السفن الصينية من دخول المحيط الهندي، وربما يستطيع الجيش الهندي تشتيت تركيز الجيش الصيني بتسخين الموقف في منطقة الهيمالايا.

وحتى إذا لم تقدم الهند مساعدة عسكرية، فإنه يمكن الاعتماد عليها في حشد الإدانة الدبلوماسية لأي هجوم على تايوان بين الدول النامية. وخلال الأزمة التي تلت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان في آب/أغسطس الماضي، اتهمت الهند الصين علانية بـ "عسكرة" مضيق تايوان.

وللهند مصالح كبرى في بقاء تايوان حرة. كما أن الصين تعاني من صعوبات جغرافيتها الاستراتيجية،ـ حيث تواجه تحديات أمنية برا وبحرا. وإذا استولت على تايوان، فستحصل على أسبقية في بحار آسيا، وبالتالي يمكن أن تصبح بكين محورا لتسوية مشكلاتها مع الهند على الأرض.

وقال مسؤول دفاعي هندي في مقابلة مع هال براندز إن الهند تتوقع اتجاه الصين للتوسع جنوبا بمجرد حل مشكلة تايوان. كما أن عالما تتشجع فيه الصين على التوسع، ولجوء الولايات المتحدة وحلفائها الديمقراطيين إلى السلاح في أي صراع حول تايوان سيكون عالما سيئا بالنسبة للهند.

ورغم ذلك فلا أحد يضمن أن تقدم الهند مساعدة كبيرة عسكريا أو دبلوماسيا لأي تحالف مؤيد لتايوان. فالدعوات لقيم الديمقراطية المشتركة وقواعد عدم العدوان، لن تكون كافية لإقناعها بمساعدة تايوان بأي شكل يزيد عما تفعله في الأزمة الأوكرانية الحالية.