الصين وروسيا عقبتان.. الهند بوابة واشنطن للاحتفاظ بعرش القطب الأوحد
لا شك أن ساكن البيت الأبيض له أهداف محددة من جولته في آسيا، فـواشنطن لا ترغب في التنازل عن عرش القطب الأوحد المسيطر على العالم، لذا فهي تسير بكل قواها للتصدي لهيمنة التنين الصيني، واستمالة الهند لتضييق الخناق على الدب الروسي.
وخصوصاً مع نجاح الصين في أن تكون قوة اقتصادية تتحدى أمريكا، وظهر ذلك بوضوح في محاولة واشنطن عزل موسكو من النظام الاقتصادي العالمي بعد الحرب في أوكرانيا، وهو ما افشلتها بكين مما عاد بالدعم على العملة الروسية، وهذا بجانب سعيها لتوفير نظام بديل لـ "سويفت".
وبحسب مجلة "ميتشغان ديلي" الأمريكية، فإن الصين تستغل الفرصة، من أجل تجاوز أمريكا باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم.
لذا فإن الإدارة الأمريكية تسعى لتعويض انسحابها العسكري، بالعلاقات التجارية لتعزيز قوتها مقابل بكين التي تتمتع بنفوذ اقتصادي لسه فقط في آسيا، بل يمتد إلى أفريقيا باستثمارات تنموية ضخمة، وهذا ليس خفياً فسبق وأطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق.
وطموح التنين الصيني لم يقف عند هذا الحد، فهي تعمل على كسر الهيمنة الأمريكية على المنظمات العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وذلك من خلال إنشاء منظمات مثل بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية، وأيضاً منظمة "شنغهاي للتعاون"، التي تضم مجموعة من ثمانية أعضاء بينهم روسيا وباكستان.
وهذا ما يفسر الاهتمام البالغ من أمريكا بالشراكة مع حلفائها في منطقة المحيطين الهادي والهندي واستمالت حلفاء جدد، وقد أتضح ذلك في تحالفات مثل "كواد" الذي يضم بجانب أمريكا كل من اليابان والهند وأستراليا، وأيضاً تحالف "أوكوس" الأمني الذي يضم كلاً من وبريطانيا وأستراليا مع أمريكا.
كما يوضح أيضا تمسك وصف الرئيس جو بايدن للصين بـ "النظام الاستبدادي"، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل التلويح بالتهديد المباشر، من خلال التأكيد على الاستعداد لمواجهة أي غزو صيني لـ تايوان.
وهو ما لم يصمت عنه التنين الصيني الذي رد بشكل غاضب وناري، وذلك من خلال تحذير لأمريكا أنها ستدفع "ثمنا لا يطاق" إذا واصلت السير في "الطريق الخطأ" بشأن قضية تايوان، كما اتهمت بكين واشنطن بأنها حرضت سراً وعلناً ودعمت الأنشطة الانفصالية التي تهدف إلى "استقلال تايوان".
ولم ينتهي الإنذار الصيني عند هذا الحد، بل وصل لوصف أمريكا بـ حيوان ابن آوي، وذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الصينية، من خلال قوله "أنصح الولايات المتحدة بالاستماع إلى أغنية صينية قديمة مشهورة تقول إنه عندما يأتي صديق، يتم الترحيب به بنبيذ جيد، وعندما يأتي ابن آوى، يرحب به ببندقية الصيد".
ومن جانب آخر فـ تسعى واشنطن على قدماً وساق، لاستمالة القوة الآسيوية الأخرى الممثلة في الهند إلى صفها، وخصوصاً فيما يخص موقف أمريكا من روسيا وحربها في أوكرانيا، وذلك مع التزام نيودلهي الحياد من الحرب الروسية الأوكرانية.
وتعمل أمريكا على ذلك من خلال بحث سبل تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع الهند، وتستغل في ذلك التوتر في العلاقات بين نيودلهي وبكين.
إلا أن هذه الخطوة ليست سهلة على الإدارة الأمريكية، حيث أن الهند ترتبط بعلاقات وثيقة مع روسيا، فهي تنظر إلى موسكو باعتبارها النموذج والداعم الأول لها بعد التحرر من الاحتلال.
ومهما بلغت تعزيز العلاقات التجارية والتكنولوجية والدفاعية بين نيودلهي وواشنطن، فهي بالطبع لم تدفع الهند للتخلي أو الانقلاب على تعاونها العسكري والاقتصادي والتجاري مع موسكو، وترسانة الأسلحة الروسية هي عماد الجيش الهندي.
وبهذا فإن رؤية الإدارة الأمريكية لما يمكن أن يبدو عليه العالم إذا تكاتفت الديمقراطيات والمجتمعات الحرة في العالم، بحسب ما أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان حول زيارة بايدن لآسيا، ليست هدف سهلاً لواشنطن ولا الطريق إليها ممهد، بل العقبات أمام أمريكا قد تكبدها الكثير.