خبير يكشف تفاصيل أقدم حديقة حيوان مدفونة في العالم
قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات د. أحمد عامر إن المصري القديم اهتم بالحيوانات منذ عصر ما قبل التاريخ، وصار يقدسها من أجل إبعاد الشر عن نفسه أو لحبه وتقديسه لها، ولذلك أصبحت عقيده المصري متعلقة بالحيوانات، بل وأصبح يخصص لها مكانه هامه في الحياة الأخرى ولخلودها معه بعد الموت، ويعد اختيار موقع الدفن للحيوانات ذو أهمية.
كما وضع الأمتعة الجنائزية معها، ومن المثير ما تم الكشف عنه في موقع "نخن الكوم الأحمر" وهي المدينة التي تقع بين "إسنا_وإدفو"، حيث عثر بتلك المدينة على مجموعه من الحيوانات الضخمة والمميزة، والأليفة، وهي عبارة عن مجموعات من الكلاب مدفونة بشكل منظم، منها مجموعه لا تقل عن سته وعشرون كلبًا دُفنت في مقبره واحده، ومجموعه أخرى شملت عشر كلاب تم دفنهم مع أصحابهم.
وأشار "عامر" إلى أنه تم دفن أفيال أفريقية مميزه وضخمة في مدافن كبيرة بلغت أبعادها من خمس الى ست أمتار، وقد تميزت تلك الحديقة المدفونة بأنها أقدم حديقة حيوان مدفونة في العالم منذ عهد المصريين القدماء، ونجد أنه تم العثور بالموقع على دفنات لأبقار بنفس آليه دفن الموتى، وذلك عن طريق عمل تبطين لأرضيه المقبرة أسفلهم ووضع الراتنج لحفظ الجسد.
كما تم لف الجسد بالكتان والحصير، وهذا يُبين مدي أهمية البقرة عند المصري القديم، نظراً لما تُدّر له من خير، وتميزت الدفنات أنه تم دفن الكثير منها تجاور أصحابها بعد الموت، كما ثم العثور أيضًا على مجموعه هامه من دفنات الغزلان والظباء وكان بعضها حاملًا، وقد تم دفنها مع الأغنياء والنخبة، كما تم دفن أيضًا العديد من الأغنام.
وتابعت الباحثة الأثرية والمتخصصة في علم المصريات د. هناء فايد أنه صار للحيوانات المفترسة نصيبًا من تلك الحديقة، حيث تم العثور على مجموعه من الفهود.
كما تم دفن مجموعة نادرة شملت أفراس النهر، والحمار الوحشي، وبعض الفيلة الصغيرة، وقرده البابون، كما تم دفن بعض التماسيح والتي لازلت تحتفظ ببقايا القشور الخاصة بها، كما تم دفن أيضًا قطط بريه ونمر، ونجد أنه تم العثور على قرابة ثمانية وخمسون نوعًا من الحيوانات المدفونة، لتصبح تلك المقابر أشبه بمتحف دفن حيوانات متنوعة.
وأكملت "فايد" أن النماذج الحيوانية السابقة كان لها دوراً فعال في عقيدة المصري القديم، حيث تؤرخ المقبره بالألف الرابع قبل الميلاد، فلقد أصبحت تلك النماذج هي إرهاصات مبكرة لعقيده المصري القديم، فنجد البقرة كانت دومًا رمزاً للأمومة والخير، والتي جسدتها المعبودة "حتحور"، وفرس النهر يُعد الصورة الحيه للمعبود "ست" رمز الشر، وكذلك التمساح الذي يجسد المعبود" سوبك"، والفهد الذي يجسد المعبودة "مافدت" وهي التي تقوم بالعقاب الإلهي للبشر الضالين عن الحق، والقرد الذي يجسد المعبود تحوت"، و"سشات" والذين يتجسدون حول الكُتاب، والقطط التي تجسد "باستت"، بينما القط الذكر هو تجسيد للمعبود "رع".