لماذا تعارض تركيا انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو؟
تعارض أنقرة انضمام فنلندا والسويد إلى "الناتو"، حيث وتتهم تركيا الدولتين بإيوائهما إرهابيين من حزب العمال الكردستاني.
وأبدت تركيا في السابق اعتراضها على استضافة الدولتين مناصري الداعية فتح الله جولن قال إنّ على الوفدين الفنلندي والسويدي "عدم إزعاج نفسيهما" بالمجيء إلى أنقرة للتفاوض حول الموضوع، مكرّراً اتّهامهما بإيواء "إرهابيين".
والأربعاء، التقى سفراء الناتو بهدف افتتاح مناقشات الانضمام في الوقت نفسه الذي تقدّمت خلاله الدولتان بالطلب، لكنّ معارضة تركيا أوقفت التصويت وفقاً لما نقلته صحيفة "الفايننشال تايمز" عن شخص وصفته بالمطّلع.
من بين المطالب التي ترفعها تركيا في هذا السياق، توقّف هاتين الدولتين عن "إيواء إرهابيين" من "حزب العمال الكردستاني" وتسليم عدد من المعارضين الأتراك ممّن هم على صلة بالداعية فتح الله غولن. لكنّ الزميل البارز في "مجلس العلاقات الخارجية" ستيفن كوك يرى في حديث إلى مجلة "فورين بوليسي" أنّ هنالك ما هو أبعد من قضية المعارضين الأتراك. يبدو أنّ هنالك المزيد من المعارضة في الكونغرس الأميركي لحصول تركيا على مقاتلات "أف-16". كان من المفترض أن تحصل تركيا على هذه المقاتلات كجائزة ترضية بعدما تمّ فصلها عن برنامج تصنيع وحيازة المقاتلات الأحدث من طراز" أف-35" وكمكافأة على تقديم دعم عسكريّ محدود لكن فعّال لأوكرانيا من خلال بيع مقاتلات "بيرقدار تي. بي.2" للجيش الأوكراني.
تمّ طرد تركيا من الكونسورتيوم الدولي لبناء مقاتلات "أف-35" بسبب شراء منظومة "أس-400" الروسية على الرغم من التحذيرات والضغوط الغربية. تخوّف الغرب من قدرات المنظومة الصاروخية على اختراق الأنظمة الإلكترونية للـ"أف-35" والحصول على معلومات جوهرية عنها. كان من المفترض أن تؤمّن تركيا قرابة 900 مكوّن للجيل الأحدث من المقاتلات الأميركية، مع تقديرات بأن تكسب الخزانة التركية نحو عشرة مليارات دولار من المشروع. بذلك، تعرّضت أنقرة لخسارة اقتصادية كبيرة بعد العقوبات، إلى جانب خسارتها عقداً لشراء مئة مقاتلة من هذا النوع.
اليوم، تجد تركيا فرصة للتعويض عبر شراء مقاتلات "أف-16". في أكتوبر الماضي، تقدّمت تركيا بطلب لشراء 40 مقاتلة من هذا الطراز و80 مجموعة لتحديث أسطولها الذي يعود إلى ثمانينات القرن الماضي. تبلغ قيمة العقد نحو 6 مليارات دولار. لم تلقَ تركيا جواباً سريعاً من الأميركيين حينها. في الرابع من مايو الحالي، ذكر موقع "ديفنس نيوز" أنّه "إذا لعبت تركيا أوراقها بشكل صحيح، فسيكون بإمكان الحليف في "الناتو" أن يقنع الكونجرس" بالسماح بإتمام هذا العقد. وأعلن عدد من المشرّعين الأساسيّين الذين لعبوا دوراً بارزاً في طرد تركيا من برنامج "أف-35" أنّهم قد يميلون للموافقة على طلب تركيا بعدما اقترحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ هذا البيع يمكن أن يخدم مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
وتبدو المؤشّرات إلى ميل إيجابيّ في الكونجرس لبيع مقاتلات "أف-16" إلى أنقرة لم يكن نهائياً بحسب "ديفنس نيوز". علاوة على ذلك، قد يكون الخوف الأكبر من إمكانيّة تفاوض أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرؤية ما يمكنه الحصول عليه في حال وافق على إبقاء الدولتين الشماليتين خارج "الناتو". كانت تركيا وروسيا قد اتّفقتا على شراء دفعتين جديدتين من منظومة "أس-400" كجزء من العقد الأساسي، لكنّ المحدثات حول نقل التكنولوجيا أدّت إلى تمديد وقت تسليم الدفعة الثانية، وفقاً لما أعلنه رئيس إدارة الصناعات الدفاعية اسماعيل دمير أواخر أبريل الماضي. يبدو أنّ تركيا تحاول الانخراط في لعبة شدّ حبال مع روسيا والغرب في آن، لترى ما يمكن انتزاعه منهما. لن يرسل ذلك مؤشّرات إيجابية إلى كلّ صنّاع القرار الأميركيين، ومنهم المشرّعون على وجه الخصوص