جريدة الديار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:12 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

شيوخ يسعون للشهرة وركوب ”التريند” رمضان.. تعرف على أغرب الفتاوى

بحلول شهر رمضان المبارك، ينشط بعض مدعي العلم والفتوى، خلال شهر رمضان المبارك لدرجة التشدد و إصدار فتاوى غريبة، لا يقبلها عقل أو منطق، فضلاً عن الفطرة السليمة، والعرف الذي اعترف به الإسلام مصدراً للتشريع.

ومع الموسم الإيماني الرمضاني، ينطلق كل عام موسماً موازياً، يمكن وصفه بـ"موسم الهري"، الذي يتحف فيه، المسلمين بسلسلة طويلة من فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان.

المتابعون لسلوك هؤلاء، يرون أنهم يلجأون لإصدار الفتاوى العجيبة، حتى في رمضان لإثارة حالة من الجدل وركوب "التريند" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، تحقق لهم الشهرة التي تغيب عنهم على مدار العام، مستغلين عدم محاسبتهم على ما يقولونه، عبر الفضاء الإلكتروني.

ويحذر العلماء من الفتاوى الشاذة المضللة التي يصدرها غير أهل العلم، مشيرين إلى أنها توقع الناس في جدل، وخلافات لا طائل من ورائها، وليس لها إلا أن تفجر مشاحنات بين المسلمين هم في غنى عنها، داعين إلى أخذ الفتوى من أهلها الثقات في الأزهر ودار الإفتاء دون غيرهم، حتى يمكن إغلاق باب الخلافات، وتيسير الحياة على الناس.

وفى هذا الصدد عرض مؤشر الفتوى العالمي التابع لدار الإفتاء المصرية أكثر10 فتاوى رمضانية إثارة للجدل، موضحًا أن بعض السلفيين الجهاديين دأبوا على تحريم كل شيء، مثل فتاويهم بتحريم "إمساكية رمضان" التقويمية، والتي جاءت بنسبة (30%) من جملة فتاويهم المثيرة للجدل.

وقالوا إن ما تُسمى بالإمساكية هي "تقويم ليمسك الصائم قبل الفجر ليحتاط الصائم، موضحين أنها مخالفة لسنة تعجيل الفطر وتأخير السحور".

وأفادو بأنها بدعة قديمة أنكرها أهل العلم في زمانهم، كون وقت الإمساك المذكور فيها يسبق وقت أذان الفجر بربع الساعة، مؤكدين أن هذا خطأ وليس بالصواب.

وجاءت ثاني الفتاوى الغريبة بنسبة (20%) لتحرّم أيضًا ما يدعو إلى البهجة والفرحة، حيث قالوا إن الزينة وفوانيس رمضان التي صارت عادةً عند الكثيرين، بدعةٌ لا أصل لها في الإسلام، ولا يجب السير وراءها.

فيما تمثلت ثالث فتاوى السلفية الجهادية في قولهم إن "جوائز الدورات الرمضانية والمسابقات حرام"، والتي جاءت بنسبة (20%) أيضًا.

ويثير بعض هؤلاء قضية أذان الفجر، لا سيما في مصر، وجاءت فتواهم في هذا الشأن في المرتبة الرابعة بنفس نسبة سابقتيها (20%) حيث زعموا أن التوقيت الحالي لأذان الفجر غير صحيح، وطالبوا بتأخير وقت الأذان في النتيجة حتى تصح صلاة المسلمين.

وأخيرًا وبنسبة (10%) جاءت فتوى بعض السلفيين المتشددين بأن "استنشاق البخور في نهار رمضان من المفطرات"، بزعم أنه يدخل جوف الصائم فيفطره في الحال.

ولفت مؤشر الفتوى إلى أن بعض فتاوى رمضان لم تُظهر حكمًا شرعيًّا واضح الدلالة أو المضمون، غير أن سياق الفتوى دلَّ عليه دلالة استنباطية، كما أكد أن بعض الفتاوى هدفت لإظهار نصائح تربوية أو تعزيز قيم عليا في المجتمع والوطن دون تصريح بفحوى أو نص الحكم أيضًا.

وألقى المؤشر العالمي للفتوى الضوء على بعض القضايا الإفتائية المتجددة كل عام والتي تُحدث فتاواها سجالاً بين العامة على مستوى العالم، وكان أهم تلك القضايا ما يلي:

مقدار زكاة الفطر

حالة من الخلاف تنشأ كل عام بين أكثر من فتوى خاصة بزكاة الفطر في رمضان وخروجها حبوبًا من غالب قوت البلد أو مقدارها نقدًا أي مالاً، ويتبنى أنصار التيار السلفي الرأي الأول بوجوب خروجها حبوبًا أو طعامًا، فيما تنادي فتاوى المؤسسات الرسمية، مثل دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، بالتيسير على الناس وإخراج زكاة الفطرة نقودًا.

توقيت أذان الفجر

دائمًا ما يكون توقيت أذان الفجر سببًا في أزمة إفتائية بين بعض السلفيين وغيرهم، فعلى سبيل المثال أفتى عددٌ من شيوخ السلفية في مصر بأن توقيت صلاة الفجر ليس صحيحًا، ولا بد من تأخيره لفترة معينة من الزمن، غير أن هيئة المساحة، بجانب اللجنة الدينية بالبرلمان، خرجت لتؤكد خطأ ما ذهب إليه شيوخ السلفيين.

الإفطار أيام الامتحانات

في المواسم الأخيرة واكب شهر رمضان المبارك موسم امتحانات آخر العام لقطاع كبير من طلاب الجامعات في عدة دول، ومع ارتفاع درجة الحرارة في شهر يونيو تحديدًا، يؤثر الصيام على بعض الطلاب تأثيرًا سلبيًّا على المذاكرة والتركيز، ما قد يؤدي إلى الرسوب أو تراجع درجاتهم بسبب الصيام.

وقد أفتت بعض المؤسسات الرسمية في دول عربية وأجنبية بجواز إفطار المتضررين من الصيام خلال أيام الامتحانات، لكن بشروط هي: التضرر الحقيقي من الصوم، والرسوب أو ضعف المستوى بسبب الصيام، والاضطرار إلى الامتحانات خلال الشهر واستحالة تأجيلها، وعدم التجاوز بخلاف تلك الأيام.

عدد ساعات الصوم

لا زال طول ساعات الصيام في عدة دول أوروبية يثير جدلاً واسعًا بين المسلمين الذين يقيمون في هذه البلاد، لا سيما وأن عدد ساعات الصوم قد تصل لقرابة 19 ساعة يوميًّا في دولة مثل بريطانيا، ويزيد عن 20 ساعة يوميًّا في الدول الإسكندنافية، مثل السويد والنرويج.

وسبق أن صدرت فتوى عن مؤسسة الأزهر في مصر في عام 1982م ترى أنه في الدول التي يطول فيها اليوم بشكل غير طبيعي، كما هو الحال في دول شمال أوروبا، يجوز للمسلمين الاختيار بين أمرين: الصوم حسب مواقيت البلاد المعتدلة التي نزل فيها التشريع الإسلامي، مثل مكة والمدينة، أو حساب وقت الصوم باعتبار زمنه في أقرب البلاد اعتدالاً إليهم.

كما أصدرت دار الإفتاء المصرية نفس الفتوى تقريبًا من حيث المضمون، حيث قالت: المُقترَح للمسلمين في هذه الحالة أن يصوموا مثل عدد الساعات التي يصومها أهل مكة المكرمة؛ لأنها أم القرى؛ ليس في القِبْلَة فقط، بل في تقدير المواقيت إذا اختلَّتْ، فيبدأ المسلمون في تلك البلاد بالصيام مِن وقت فَجرهم المَحَلِّي، ثم يُتِمُّون صومهم على عدد الساعات التي يصومها أهل مكة المكرمة.

الأستاذ الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق يقول أن أصحاب هذه الفتاوى لا يستندون في فتاواهم إلى الأحاديث الصحيحة، ولا يميلون إلى التيسير على الناس، لذا يطلقون فتاوى توضح أنهم غير مختصين بالفتوى.

وضرب مثلا بفتوى تحريم البخور، مشيراً إلى أنه من الروائح الذكية التي لا بأس في إشعالها نهارا، لأنها ليست من المفطرات لأنه ليس به مواد لها سمك، وإنما هو دخان.

ودعا إلى ضرورة مواجهة هذه الفتاوى الغريبة، والرد عليها، مع الانتباه إلى عدم أخذ الفتوى من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الشخصية، غير الموثوقة، مضيفا: "أن السلفيين ليست لهم مرجعية وبالتالي لا يجب الأخذ عنهم".

أما عن فتوى تحريم الإمساكية، يرى مرزوق، أنه لا شيء فيها لأنها مجرد تذكرة بتوقيت الإفطار والسحور وأذان الفجر، وبالتالي فهي لا تفرض على الشخص متى يمسك ومتى يفطر، لأنها مواقيت حددها الشرع الحنيف.

ويرى مرزوق، ردا على جدل هؤلاء المشايخ في هذا الشأن إن ما أعلنه مجمع البحوث الإسلامية، من القيمة المفروضة لزكاة الفطر تكون نقدا يكفي لحسم الجدل حول هذا الشأن بالنظر إلى التيسير لتحقيق الغاية من الزكاة، وهو إفادة الفقراء.

وأشار إلى أن الكثير من الفقهاء يرون أن إخراج الزكاة نقدا يعد الأولى في هذا العصر طبقا لرأي الحنفية، فالفقراء الذين يصر المزكون على منحهم حبوبا كالأرز وغيره، يلجأون لبيعها من أجل تحويلها إلى نقود تسهم في توفير حاجاتهم الضرورية.