الصراعات تهدد اتحاد الكتاب والثقافة المصرية ضحية
السلاموني: أداء رئيس مجلس الإدارة يشبه الغياب
الزراع: النقابة سيف مسلط على رقاب أعضائها
ثابت: عبد الهادي يدير الإتحاد بقانون "ساكسونيا"
العدوي: سيطر عليه الاسلاميون و عبد الهادي يحاول الإصلاح
وسط حالة من الترقب والقلق تتجه أنظار المثقفين والمبدعين المصريين، إلى مقر اتحاد كتاب مصر، كلما اقترب موعد الانتخابات، بعدما جرت انتخابات التجديد النصفي للاتحاد في ديسمبر الماضي، بعد فترة من الاستقرار.
ومنذ تولي الدكتور علاء عبد الهادي رئاسة اتحاد كتاب مصر، ولم تهدأ الصراعات بين الأعضاء، لدرجة دعتهم للجوء إلى المحاكم، مرورا بالاستقالات الجماعية، وإقالة الأعضاء وتكوين جمعية عمومية لعزل عبد الهادي.
على الجانب الآخر ينحاز بعض أعضاء الإتحاد لرئيسه ومجلس إدارته، الأمر الذي دفع "الديار" لاستطلاع آراء اعضاء الاتحاد بالتزامن مع خوض انتخابات جديدة داخل أروقته، تصل لدرجة الغليان منذ سنوات لتقترب أكثر من الواقع الثقافي المصري.
ويعد اتحاد كتاب مصر، من أهم المؤسسات الثقافية المصرية، كونه يمثل قبلة المبدعين وبيت المثقفين المصريين.
أسسه الأديب يوسف السباعي في السبعينيات وضم العديد من النخب الثقافية آنذاك كالأديب الكبير نجيب محفوظ و محمد عبدالحليم عبدالله، إحسان عبدالقدوس، أحمد رامي، رجاء النقاش، ثروت أباظة، فكري أباظة، أحمد علي باكثير، عبدالحميد جودة السحار، أمين يوسف غراب وغيرهم من كبار الكتاب.
وقد ترأس الاتحاد عدد من الأدباء الكبار من بينهم توفيق الحكيم، يوسف السباعي، ثروت أباظة، محمد سلماوي، بينما يرأسه في الوقت الحالي الشاعر علاء عبدالهادي.
من أبرز أعضاء الأتحاد على مدار تاريخه الكتاب والأدباء: أحمد عبدالمعطي حجازي، فاروق شوشة، جمال الغيطاني، محمد عفيفي مطر، محمد جبريل، بهاء طاهر، يوسف القعيد، خيري شلبي، محمد البساطي.
أشباه الكتاب والمبدعين
وحول ما يجري حاليا داخل الاتحاد أكد الشاعر سعدني السلاموني: "أنه لا يمكن أن نقول عليه إتحاد كتاب مصر بل قل اتحاد أشباه الكتاب وأشباه المبدعين وأشباه المثقفين لأننا نعيش فى زمن الأشباه، فالكل يعلم بأمراض الشبيه وعقدته النفسية من الأصل".
وأضاف: "مايؤكد كلامى هذا هو أداء رئيس مجلس إدارة نقابة اتحاد كتاب مصر، ومجلس إدارته الذى بات حضوره يشبه الغياب".
وتابع: "ما حدث من انهيار وتجريف وتخريب لنقابة اتحاد كتاب مصر بأيديهم لم يحدث فى تاريخ مصر ولا الوطن العربي، والراصد يكتشف أن رئيس الاتحاد بعد نجاحه بساعات راح يحارب كل من كانوا على خلاف معه أو مع منتجه الإبداعي، فهو جيش الجيوش لتدمير كل من يختلف مع أدائه الإداري".
وقال: "طبيعى جدا أن يحول رئيس الاتحاد 120 أديبا للتحقيق وكانت واقعة غريبة من نوعها وفصل العشرات عن طريق هاتفه، وأنا شخصيا حين انتقدت أداءه على صفحات التواصل الاجتماعى فيسبوك قام بعد دقائق بفصلى بالهاتف، ولم يكتف بفصلى بل حذف ملف عضويتى من الكمبيوتر ، هذا لم يحدث فى تاريخ النقابات المصرية ولا العربية وهذا تجاوز غير مقبول".
واستطرد قائلا: "بعد أن ساءت اوضاع النقابة جاء حكم المحكمة الشهير بإلغاء كل صلاحياته هو ومجلس إدارته ، فتجاهل الحكم وراح يطارد كبار المبدعين المعترضين عليه وببعض الألاعيب أجرى الانتخابات، وجيشنا الجيوش ووقفنا مع كل من نجحوا وللأسف نجحوا فلم يؤدوا دورهم الموكلين به، وراح كل من كان ينتقده بعد نجاحه يكتب فيه القصائد!، فبعد أن وقفنا مع بعض القامات الإبداعية وبعد نجاحهم لم نسمع لهم صوتا ولم يحركوا ساكنا وكأنهم كانوا يعملون على الوصول إلى الكرسي ولقبه".
ساحة حرب ومنازعات
وفي سياق متصل أكد الشاعر عبده الزراع: "أن اتحاد كتاب مصر، الذي تحول إلى النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر في السنوات الأخيرة، هو كيان ثقافي عريق تناوب على رئاسته كبار كتاب مصر، ولا مجال هنا لذكر هذه الأسماء، فقد التحقت بعضوية مجلس الادارة عام 2010، وقد تعلمت من مجاورة هؤلاء الكبار على منضدة الاجتماعات الكثير، كيف يكون العمل النقابي عملا إيجابيا يصب في الصالح العام؟ وكيف يكون الاختلاف راقيا لا عدوانيا، ومنذ سنوات قليلة تحول الاتحاد، أقصد النقابة، إلى ساحة حرب ومنازعات، وقضايا ترفع على الأعضاء، وقضايا أخرى ترفع من الأعضاء ضد النقابة، حتى أصبحت سيرة النقابة تلوكها الألسن في كل مكان يجتمع فيه الأدباء والمثقفين".
ولفت إلى: "أن هناك إنجازات لا تنكر حققتها المجالس الأخيرة، إلا أن هذه الخلافات التي وصلت ساحات المحاكم، شوهت وجه هذا الكيان، فلا يصح أن تنتقد هذه النقابة، وإن حدث حولت إلى التحقيق والمساءلة وكأنك ارتكبت جرما، ونسي القائمون على الأمور أن الأساس في العمل العام هو الاختلاف لصالح أعضاء النقابة، وأن المثقف الحقيقي الذي يمثل ضمير الأمة لا يصح أن يصمت على شئ ربما رآه غير لائق".
وأردف قائلا: "ما يحدث دفع بعض أعضاء المجالس السابقة والحالية إلى الاستقالة اعتراضا على ممارسات لا ترضيهم، فعضو مجلس الإدارة هو من انتخبته الجمعية العمومية ووثقت به، ليكون ممثلا عنها، فإن لم يجد مناخا صالحا يستطيع من خلاله التعبير بحرية وديمقراطية عن رأيه في قضية تخص أعضاء النقابة، فالأولى به أن يستقيل لإبراء ذمته، والتخفف من عقدة الذنب التي تطارده لأنه لم يستطع أن يقدم شيئا ذا بال لصالح الأعضاء".
وأضاف: "لن ينصلح حال هذه النقابة في ظل الانقسامات التي يشهدها أعضاء المجلس، والتي أثرت على أعضاء الجمعية العمومية، بعدما كثرت الإتهامات، والإشاعات، هذه الأجواء ليست أجواء صحية تدفع بالعمل النقابي إلى الأمام بل جعلت صفوة مثقفي مصر وأدبائها الكبار يأخذون مواقفا سلبيا تجاه هذا الكيان المهم، ومن ثم أرى أن هذا الدور السلبى ليس في صالح الحياة الثقافية ولا في صالح نقابتهم، ولذا أدعوهم جميعا بضرورة المشاركة الإيجابية في الإنتخابات القادمة ليعيدوا للاتحاد وجهه المضئ".
نظام "الشلة" أفسد الاتحاد
من جانبه قال الشاعر محمد ثابت: "إن أسوأ ما في اتحاد كتاب مصر الآن هي (الشلة) التي صعدها الدكتور علاء عبد الهادي لمجلس الإدارة بالمخالفة للقانون ولم تكن مؤهلة، فمنهم من لاينجح بالتخصص ومنهم من كان يدخل الإنتخابات من باب التمثيل المشرف".
وتابع: "الطريقة التي فعلها عبد الهادي لا تنفع إلا مع قانون (ساكسونيا) حيث يستثني من التصعيد الحاصل على أعلى الأصوات إذا كان يخالفه في الفكر والرأي ويصعد الحاصل على الأصوات الأقل مادام يوافقه في الفكر والرأي، وهكذا دخل إتحاد الكتاب في حكم الفرد الواحد، وترتب على هذا، فكرة الترضيات وكأنها ثمن الطاعة لعلاء عبد الهادي ، فكل واحد في مجلس الإدارة له قريب أو صديق لا يجيد القراءة والكتابة دخل إتحاد الكتاب وضج الفيسبوك بأشخاص قمة في الإضمحلال الأدبي والثقافي ودخل من سرق نزار قباني وتمت محاكمته شكليًا، وغيره ممن تقدم بعمل مسروق من "النت" في جوائز الإتحاد وفاز ثم تحول للتحقيق الشكلي أيضا ولم تتم محاسبة أحدٍ من هؤلاء لأن من أدخلهم الإتحاد مقرب من علاء، ولجنة القيد رفضت أصحاب الأقلام المجيدة لتدخل كل من هب ودب لكي يدجن في مزرعة علاء عبد الهادي.
600 عضو دخلو خلسة
وأكمل: "المشكلة الآن في مجلس الإدارة الذي لا يخالف عبد الهادي حتى لو كان ضد القانون والمشكلة الثانية في 600 عضو في الجمعية العمومية أدخلهم عبد الهادي اتحاد الكتاب خلسة ليصوتوا له من اجل الحصول على أغلبية المجلس الذي غير شكل اتحاد الكتاب من إتحاد كتاب مصر إلى إتحاد كتاب علاء عبد الهادي".
عبد الهادي يحاول الإصلاح
وقالت الدكتورة شرين العدوي: إن اتحاد كتاب مصر كيان عظيم بدأه نخبة من المبدعين الكبار الذين أثروا الحياة الثقافية بحق كيوسف السباعي، وإحسان عبد القدوس، وأحمد رامي، ويكفينا فخرا أن الأديب نجيب محفوظ واحدا من أهم الكيانات التي انضمت له".
وتابعت: "الإشكالية التي واجهت الاتحاد بحق هى دخول عدد ممن لا يستحقون شرف الإنتساب إليه، وقد تم هذا في عهد سابق مما أفقده قيمته الحقيقية وقوته الفكرية المنتظرة منه، بعد ثورة يناير دخله تيار إسلامي سيطر على مفاصله وحاول طرد عناصره الفاعله، وحدثت مشاغبات ومهاترات كثيرة لا تليق بمن ينتمون إلى عالم الأدب والفكر، ذلك لأن الأديب لا يليق به إلا تحقيق الجمال على الأرض ، هذا الجمال الذي ينادي به عبر كتاباته وأحلامه".
وأضافت: "حاول الدكتور علاء عبد الهادي بعد توليه رئاسة الاتحاد الإصلاح قدر المستطاع ولكن الموج عال والتيارات متناحرة، والمفروض أن الكتاب الذين ينادون بالديمقراطية هم أول من يطبقونها بتداول السلطة، والعمل الجمعي المحترم، لا أقول يوتوبيا الفكر ولكن على أقل تقدير الإقتراب من العالم المثالي، طبيعي أن يكون هناك خلافات وأفكار متباينة واتجاهات متضاربة، ولكن الجميل كيف نوحد الرؤى من أجل هدف واحد ألا وهو العمل العام الذي يحترم فكر المؤلف وكذلك القارئ، وينشر الثقافة بين الناس، ويراعي شؤون الكتاب صحيا وإبداعيا وماديا، وبالتأكيد تجديد الدماء بالإنتخابات ستجعل الجميع يتبارون من أجل رفعة هذا الكيان".
لا يضم جميع الكتاب
وقالت الكاتبة منى ماهر: "اتحاد كتاب مصر كيان لا يضم جميع الكتاب، رغم أن هناك كتابا متحققين ومتميزين جدا لكنهم ليسوا أعضاءه، وهذا ليس معناه أن عضو اتحاد الكتاب أفضل من غيره، الكلمة الجميلة تفرض نفسها على الجميع وتصل للجميع ، أؤمن بأن نقابة اتحاد كتاب مصر بيت لجميع المثقفين، وندواته موجهة للجميع، بذلك ومن خلال اللجنة الثقافية فى نقابة اتحاد كتاب مصر، قدمت ندوات تخاطب الجميع وليس الأعضاء فقط".
وتابعت: "لسنا جزرا منعزلة عن بعضها البعض، نحن كيان واحد يضم الجميع من أجل النهوض بمصر ثقافيا واجتماعيا، وأتمنى أن تسفر الانتخابات عن مجلس متجانس، حتى يستطيع الاتحاد أن يحقق الخير لوطننا الأكبر مصر، وأتمنى أن يدرك الجميع أن من يرى الحقيقة يختلف تماما عن من يسمع عنها، فالأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات والتوفيق للجميع فى الإنتخابات حيث أن الاتحاد يحتاج لوحدة جميع الكتاب بدون أي استثناءات أو حسابات".
واختتمت "تتمثل أكبر إشكالية تواجه اتحاد الكتاب اليوم، هي عدم وحدة الكتاب ورغبتهم الصادقة فى رفعة شأنه، فأي تعليق سلبى عن اتحاد الكتاب يصيبنى فى مقتل، لأنه كيان عظيم وسيبقى عظيما بالتعاون والعمل الجمعي".
صراع بين وجهتي نظر
قال الشاعر سعيد عبد المقصود الأمين العام السابق لمؤتمر أدباء مصر: إن الإتحاد الآن في صراع بين وجهتي نظر لإدارته صراع بين التركيبة القديمة التي وازنت بين وجودها وبين مصالح الأعضاء ودعمهم وأعانتهم بما تيسر دون إلتفات إلى نقد مهما بلغت حدته.
والوجه الثاني للصراع شكل مختلف للإدارة ربما يبدوا أكثر تنظيما لكنه فقد عنصر الموازنة بين الأعضاء وألتفت في أغلب أفعاله لتشكيل صورة ذهنية تطرح الإنقسام بين أعضائه كمحرك لصناعة أزمات تمكن لوجود فريق بعينه، بحجم احالات للتحقيق هو الأعلى في تاريخ الإتحاد، وقضايا متراكمة رفعت من الإتحاد على أعضائه وعلى نفقة الإتحاد، الصراع في ذاته شكل صورة عن كتاب مصر سلبية في مجملها، فنجدنا نقف أمام حزمة من المشاكل أهمها عدم شعور عدد كبير من أعضاء الإتحاد بالعدالة في التعاملات المستحقة فكيف للمشروع العلاجي أن يحقق عدالة للمشتركين فيه وهو لا يغطي كل محافظات مصر في خدماته.
وتابع : كيف نشعر بالعدالة وكلنا تحت وطأة الإحالة للتحقيق لمجرد إبداء رأى مخالف عبر صفحات التواصل، وكأن الإتحاد تحول وقرارات مجلسه إلى مقدسات لا يمكن المساس بها أو نقدها، مشاكل لجنة القيد نموذجا، ثبت صدقه وأحيل من طرحوه إلى التحقيق.
وإن تكلمنا عن حل المشكلات فلا أظن الأمر يحتاج لفقيه فكل هذه المشكلات تزول ما إن يكون الإتحاد ملكا لكل أعضائه بإستيعاب نقدهم مهما بلغت حدته وأن يلتفت من فيه إلى أن هذا الصراع سيزول مهما طال بتغير وجوه أطرافه وغيابهم الأكيد لأن لا أحد يملك أبدية البقاء، بل ومن الجائز أن تتغير وجهة نظر الشخص نفسه في معالجة الأزمات داخل الإتحاد، وبدلا من أن يدير الإتحاد بالأزمة يعمل على تحقيق شكل عادل في التعامل ليزيل الأزمات.