جريدة الديار
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 03:21 صـ 29 ربيع أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

اللواء تامر الشهاوي يكشف جذور الخلاف بين روسيا وأوكرانيا

اللواء تامر الشهاوي
اللواء تامر الشهاوي

لاشك أن الأزمة الأوكرانية تلقي بظلالها على العالم أجمع، وتشغل الجميع حول العالم، لذا فقد سلط اللواء تامر الشهاوى ضابط المخابرات الحربية السابق وعضو مجلس النواب السابق، الضوء على "القصة الكاملة للصراع الروسى الأوكراني"، والتي تكون بمثابة جذور الخلاف.

فقد اندلعت الأزمة الروسية والاوكرانية الأخيرة، وأطلت بظلالها على العالم أجمع مع تهديد روسى غير مسبوق باجتياح أوكرانيا .

وعلق اللواء تامر الشهاوي بقوله، تأخرت كثيراً فى التعليق على الأزمة لأسباب تتعلق بمتابعة وتطوراتها المتسارعة والإمساك بتلابيب اللازمة من كل جوانبها التاريخية و الجغرافية والجيوسياسية والعسكرية،وذلك بالإضافة الى التقديرات المستقبلية للأزمة حتى نستوعب خطورة وعمق تلك الاشكالية ليس على طرفى الصراع فحسب ولكن على العالم بأسره.

فقد أوضح ضابط المخابرات الحربية السابق، بقوله أن النزاع بين "روسيا وأوكرانيا" تاريخي فجذور الصراع عميقة، لكن أساسها أن موسكو لا تتقبل استقلالية كييف ولازالت أوكرانيا، تعد أحد أهم مكونات المحيط الحيوى الروسى هذه أبرز محطات الصراع بين البلدين حتى الآن.

كما تابع اللواء تامر الشهاوي بقوله أن التوترات بين روسيا وأوكرانيا يسبقها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى، فكلا البلدين لديهما جذور في الدولة السلافية الشرقية المسماة "كييف روس".

فإن الرئيس الروسي يتحدث اليوم عن "شعب واحد"، إلا أن في الحقيقة، فقد كان مسار هاتين الأمتين عبر التاريخ مختلفاً، ونشأت عنه لغتان وثقافتان مختلفتان رغم قرابتهما.

وبينما تطورت روسيا سياسياً إلى إمبراطورية، لم تنجح أوكرانيا في بناء دولتها،و في القرن السابع عشر، أصبحت أراضٍ شاسعة من أوكرانيا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية.

إلا أنه بعد سقوط تلك الإمبراطورية عام 1917، استقلت أوكرانيا لفترة وجيزة، إلى أن قامت روسيا السوفييتية باحتلالها عسكرياً مجدداً.

وأوضح الشهاوي خلال شرحه لجذور الصراع الروسي الأوكراني ، أنه في ديسمبرعام 1991، كانت أوكرانيا بالإضافة إلى روسيا وبيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الإتحاد السوفيتي.

غير أن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها، عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة (جي يو إس)، كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيص، لكن ذلك لم يحدث.

وبذلك فإن روسيا تمكنت من بناء تحالف وثيق مع بيلاروسيا، كانت عيون أوكرانيا مسلطة دائماً على الغرب، و هو ما أزعج الكرملين، ولكنه لم يصل إلى صراع طوال فترة التسعينيات.

وقد كان هدوء موسكو آنذاك ، يعود إلى أن الغرب لم يكن يسعى لدمج أوكرانيا.

فيما أشار الشهاوي أيضا إلى أن الاقتصاد الروسي كانت يعاني، والبلاد كانت مشغولة بالحرب في الشيشان، في عام 1997 اعترفت موسكو رسمياً من خلال ما يسمى بـ"العقد الكبير" بحدود أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية.

كما أوضح ضابط المخابرات الحربية السابق، أن موسكو وكييف شهدت أول أزمة دبلوماسية كبيرة بينهما في عهد فلاديمير بوتين، وذلك في خريف عام 2003، حيث بدأت روسيا بشكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة "كوسا توسلا" الأوكرانية.

هو ما اعتبرته كييف ذلك محاولة لإعادة ترسيم حدود جديدة بين البلدين، كما زاد حدة الصراع، ولم يتم وضع حد له إلا بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والأوكراني، حيث أنه عقب ذلك أوقف بناء السد، لكن الصداقة المعلنة بين البلدين بدأت تظهر تشققات.

وتحدث اللواء تامر الشهاوي بقوله أنه أثناء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2004، دعمت روسيا بشكل كبير المرشح المقرب منها فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن "الثورة البرتقالية" حالت دون فوزه المبني على التزوير، وفاز بدلاً منه السياسي القريب من الغرب فيكتور يوشتشينكو.

و خلال فترته الرئاسية قطعت روسيا إمدادات الغاز عن البلاد مرتين، في عامي 2006 و2009، كما قُطعت أيضاً إمدادات الغاز إلى أوروبا المارة عبر أوكرانيا.

أما في عام 2008، فقد حاول الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جورج دبليو بوش، إدماج أوكرانيا وجورجيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقبول عضويتهما من خلال برنامج تحضيري.

إلا أن ذلك قوبل باحتجاج بوتين، وموسكو أعلنت بشكل واضح أنها لن تقبل الاستقلال التام لأوكرانيا،وفي ذلك الوقت حالت كل من فرنسا وألمانيا دون تنفيذ خطة بوش.

وقد أشار الشهاوي خلال تناوله جذور الخلاف بين روسيا و أوكرانيا، إلى أن مسألة الانضمام للناتو لم تنجح بسرعة، حاولت أوكرانيا الارتباط بالغرب من خلال اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي.

وبعد ذلك الاتفاقية بأشهر في صيف عام 2013، مارست موسكو ضغوطاً اقتصادية هائلة على كييف وضيّقت على الواردات إلى أوكرانيا.

وعلى إثر ذلك فقد جمّدت حكومة الرئيس يانوكوفيتش، الذي فاز بالانتخابات عام 2010، وانطلقت بسبب ذلك احتجاجات معارضة للقرار، أدت لفراره إلى روسيا في فبراير عام 2014.

وخلال ذلك أستغل الكرملين فراغ السلطة في كييف من أجل ضم القرم في مارس عام 2014، وقد وصف الشهاوي ذلك بأنه علامة فارقة وبداية لحرب غير معلنة.

وقد أوضح الشهاوي أنه بالتزامن مع ذلك بدأت قوات روسية شبه عسكرية في حشد منطقة الدونباس الغنية بالفحم شرقي أوكرانيا من أجل انتفاضة.

كما أعلنت جمهوريتان شعبيتان في دونيتسك ولوغانسك، يترأسهما روس، أما الحكومة في كييف، فقد انتظرت حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في مايو 2014، لتطلق عملية عسكرية كبرى أسمتها "حرباً على الإرهاب".

وفي يونيو 2014 ، كان اللقاء الأول بين الرئيس الأوكراني المنتخب بيترو بوروشينكو وبوتين، وذلك بوساطة ألمانية وفرنسية.

وكان ذلك على هامش الاحتفال بمرور سبعين عاماً على يوم الإنزال على شواطئ نورماندي، خلال ذلك الاجتماع وُلدت ما تسمى بـ"صيغة نورماندي".

وقد أفاد اللواء تامر الشهاوي، أن في ذلك الوقت كان بإمكان الجيش الأوكراني دحر الانفصاليين، إلا أنه في نهاية أغسطس تدخلت روسيا وتعرضت للهزيمة، وهذه كانت لحظة محورية، لكن الحرب على جبهة موسعة انتهت في سبتمبر بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مينسك.

وبعد الاتفاق تحول الصراع إلى حرب بالوكالة تدور رحاها حتى اليوم، حيث أنه في مطلع عام 2015، شن الانفصاليون هجوماً، زعمت كييف أنه كان مدعوماً بقوات روسية لا تحمل شارات تعريف، وهو ما نفته موسكو.

منيت القوات الأوكرانية بهزيمة ثانية جراء الهجوم، وذلك في مدينة ديبالتسيفي الاستراتيجية، والتي اضطر الجيش الأوكراني للتخلي عنها بشكل أشبه بالهروب.

و برعاية غربية تم الاتفاق على "مينسك 2"، وهي اتفاقية تشكل إلى اليوم أساس محاولات إحلال السلام، وما تزال بنودها لم تنفذ بالكامل بعد.

وأشار الشهاوي خلال تناوله جذور الخلاف بين روسيا و أوكرانيا ،إلى أنه في خريف عام 2019 كان هناك بصيص أمل، إذ تم إحراز نجاح في سحب جنود من الجهتين المتحاربين من بعض مناطق المواجهة.

إلا أن منذ قمة النورماندي التي عُقدت في باريس في ديسمبر عام 2019 لم تحصل أي لقاءات، حيث أن بوتين لا يرغب في لقاء شخصي مع الرئيس الأوكراني الحالي فلودومير زيلينسكي.

وذلك بسبب أنه من وجهة نظر موسكو ، فإن الرئيس الأوكراني لا يلتزم باتفاق مينسك.

والجدير بالذكر أن منذ ديسمبر عام 2021، يطلب الرئيس الروسي بشكل علني من الولايات المتحدة ألا تسمح بانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو أو تتلقى مساعدات عسكرية، لكن الحلف لم يرضخ لهذه المطالب.

ومن خلال ذلك فقد استعرض اللواء تامر الشهاوي، جذور الصراع بين روسيا و أوكرانيا، التي تعود إلى عقود طويلة.