جريدة الديار
الأحد 24 نوفمبر 2024 05:17 صـ 23 جمادى أول 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

تعرف على رحلة صعود وهبوط أسعار الفائدة بالبنوك المصرية

البنك المركزي
البنك المركزي

الديار - طه حافظ

ناقشت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أسعار الفائدة في اجتماعها الثامن والأخير، بعد اجتماعات عدة شهدت تثبيت سعري عائد الإيداع والإقراض خلال العام الحالي، وسط توقعات بتثبيت سعر الفائدة مع انخفاض معدلات التضخم في نوفمبر الماضي للشهر الثاني على التوالي.

"الديار" حرصت على استعراض رحلة صعود وهبوط سعر الفائدة وأثرها على نمو الاقتصاد المصري على المدى المتوسط والطويل وما ينتج عنه في حالة اتخاذ قرارات بخفض سعر الفائدة أو تثبيتها.

ويعد استقرار الأسعار هو الهدف الرئيسي للسياسة النقدية الذي يتقدم على غيره من الأهداف، وبناء عليه يلتزم البنك المركزي المصري، في المدى المتوسط، بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تساهم في بناء الثقة، وبالتالي خلق البيئة المناسبة لتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي.

وفي سياق متصل يلجأ المصريون فى أوقات التباطؤ الاقتصادى، وارتفاع معدلات التضخم، إلى توظيف فوائد أموالهم فى ملاذات استثمارية آمنة ومربحة تحقق لهم عائدًا يمتص الآثار التضخمية المتمثل في ارتفاع مستوى أسعار السلع والخدمات وتعمل تلك الأوعية الاستثمارية على تنمية الموارد المالية عبر عدة وسائل.

محطات سعرالفائدة منذ التعويم

بلغت الفائدة قبل قرار تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه) 2016، 12.25%، قبل أن تقفز في 3 نوفمبر 2016 إلى 15.25% لترتفع بنسبه 3%، وذلك لتتلائم مع عملية التحرير آنذاك.

وفي 22 مايو 2017، ارتفعت مجددا بنسبة 2% لتصبح حينها 17.25%، قبل أن تقرر لجنة السياسات بالبنك المركزي أن تصل بنسبة الفائدة لذروتها، حيث وصلت في 9 يوليو 2017 إلى 19.25%، ثم بعد ذلك تبدء رحلة العودة، ففي 18 فبراير 2018 وبعد 7 أشهر تم تخفيض الفائدة 1%، لتصبح 18.25%.

وعقب ذلك بشهرين من عام 2018م، انخفضت الفائدة 1% مجددا، وتحديدا في 1 إبريل 2018، لتصبح 17.25%، وبعد 10 شهور أخرى فقدت أسعار الفائدة 1% مرة أخرى، لتصل إلى 16.25%، قبل أن يتم خفضه مرة أخرى خلال ذات العام وتحديدا في 25 أغسطس عام 2018م، لتصل إلى 14.75%، وأخيرًا وللمرة الثالثة خلال العام 2019م، تم تخفيض سعر الفائدة بنسبة 1% لتصبح حاليا 13.25%.

وأرجع البنك المركزي المصري خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية عام 2019م، قراره بتخفيض أسعار الفائدة على المعاملات المصرفية بواقع 1%، إلى استمرار انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي إلى 7.5 % و 4.9 % في أغسطس 2019م، على الترتيب، باعتباره أدنى معدل لهما منذ أكثر من 6 أعوام.

وأوضح البنك في تقرير له إنذاك، أن الانخفاض جاء مدعوما بـ احتواء الضغوط التضخمية، فضلًا عن التأثير الإيجابي لسنة الأساس حيث سجل التضخم العام معدلًا شهريا بلغ 0.7 % في أغسطس 2019 مقابل 1.8 % في أغسطس عام 2017م، مشيرا الى أن البيانات المبدئية أشارت الي استمرار الارتفاع لمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي ليسجل 5.7 ٪ خلال الربع الثاني من عام 2019 و 5.6 ٪ خلال العام المالي2018 / 2019 .

وذكر أن تلك المؤشرات تعتبر أعلى معدل له منذ أحد عشر عاما، كما استمر انخفاض معدل البطالة ليسجل 7.5 ٪ خلال الربع الثاني من عام 2019، بما يمثل انخفاضا يقارب ست نقاط مئوية مقارنة بذروته التي بلغت 13.4 % خلال الربع الرابع من عام 2013.

ماذا حدث في أسعار الفائدة في 2020؟

وخلال 10 اجتماعات عقدتها لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على مدار العام الماضي، قامت بتثبيت أسعار الفائدة خلال 7 اجتماعات، وشهدت 3 اجتماعات خفض أسعار الفائدة، فخلال الاجتماع الأول الذي عقد منتصف يناير من العام الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري تثبيت معدل الفائدة عند مستوى 12.25 في المئة للإيداع و13.25 في المئة للاقتراض، وفي اجتماع فبراير الماضي، أبقت لجنة السياسة النقدية على هذه الأسعار.

وشهد الاجتماع الطارئ الذي عقده البنك المركزي المصري منتصف مارس 2020م، أكبر خفض بأسعار الفائدة، إذ قررت لجنة السياسة النقدية خفض معدل الفائدة بنسبة 3 في المئة لتسجل 9.25 في المئة للإيداع و10.25 في المئة للاقتراض، وهو ما تزامن مع ذروة انتشار فيروس كورونا.

وخلال الاجتماع الذي عقد في أول شهر أبريل 2020، قررت لجنة السياسة النقدية تثبيت الفائدة عند 9.25 في المئة للإيداع و10.25 في المئة للاقتراض، وهو القرار نفسه الذي اتخذته اللجنة خلال الاجتماع الذي عقد منتصف شهر مايو 2020 حين قررت الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير.

تثبيت أسعار الفائدة

وفي نهاية شهر يونيو عام 2020، قرر البنك المركزي المصري أيضا تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وهو ما حدث أيضا خلال الاجتماع الذي عقد في الأسبوع الثاني من شهر أغسطس لعام 2020 حين قررت لجنة السياسة النقدية تثبيت أسعار الفائدة.

وشهد الاجتماع الذي عقد في 24 سبتمبر عام 2020، ثاني خفض لأسعار الفائدة خلال العام، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري خفض معدل الفائدة بنسبة 0.5 في المئة لتسجل 8.75 في المئة للإيداع و9.75 في المئة للاقتراض.

وخلال الاجتماع الذي عقد في نوفمبر2020، جاء ثالث قرار بخفض أسعار الفائدة، إذ قررت لجنة السياسة النقدية خفض معدل الفائدة بواقع 50 نقطة أساس لتسجل 8.25 في المئة للإيداع و9.25 في المئة للاقتراض، في وقت قرر المركزي المصري خلال الاجتماع الأخير الذي عقده منتصف ديسمبر عام 2020م، الإبقاء على أسعار الفائدة عند 8.25 في المئة للإيداع و9.25 في المئة للاقتراض.

استقرار سعر الفائدة خلال عام 2021

في عام 2021م حددت اللجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعا، يكون في الخميس، كل 6 أسابيع، وبلغ عدد الاجتماعات التي حددها البنك المركزي 8 اجتماعات خلال عام 2021، بالمقارنة بـ 9 اجتماعات كان قد حددها بجانب اجتماع طارئ عقد في منتصف مارس الماضي لمواجهة الآثار السلبية لفيروس كورونا كوفيد 19.

وجاءت مواعيد الاجتماعات، كالتالي؛ 4 فبراير، و18 مارس، و29 أبريل، و17 يونيو، و5 أغسطس، و16 سبتمبر، و28 أكتوبر، و16 ديسمبر). وأبقت اللجنة على أسعار الفائدة دون تغيير خلال آخر 6 اجتماعات لها عند مستوى 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض.

وفي اجتماع 28 أكتوبر، قررت لجنة السياسة النقديـة بالبنك المركزى المصـرى، تثبيت سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى، عند 8.25% و9.25% و8.75% على الترتيب، كما تم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 8.75%.

ارتفاع سعر الفائدة العدو الأول للاستثمار والبورصة

وأوضح خبراء اقتصاديون أن زيادة أسعار الفائدة تمثل عنصرًا سلبيًا على تكلفة الإنتاج بالشركات وحاجتها للاقتراض والتوسع، ويسبب أيضًا زيادة في خدمة أعباء الدين وبالتالي زيادة عجز الموازنة.

كما تحمل زيادة الفائدة ضررًا أيضًا على البورصة مع إمكانية توجه قطاع من المستثمرين إلى الشهادات والودائع البنكية باعتبارها أقل مخاطرة، أما خفض الفائدة فيضطر صغار المودعين الذين يعتمدون على عائد ودائعهم في الإنفاق، خاصة حينما يكون التضخم مرتفعًا ما يؤدي لتآكل تلك الودائع.

ووفقا لخبراء فإن ارتفاع سعر الفائدة يعتبر العدو الأول للاستثمار والبورصة، ليس لأن الشخص من الأفضل له وضع مدخراته فى البنوك، لأن نسبة ذلك السبب لا تتعدى 10% على عكس مايعتقده الجميع، مؤكدين أن معظم الشركات مقترضة وفوائد القروض عند رفع الفوائد تخفض من أرباح الشركات، فتنخفض الشهية للاستثمار، وربحية الشركات القائمة ، وبالتالي أسعار الأسهم المتداولة بالبورصة.

وأفاد الخبراء بأنه لايزال سعر الفائدة الحقيقية في مصر جيدا للمستثمرين ويعمل على جذب الاستثمار الأجنبي لأدوات الدين المحلية، ويتعلق معدل الفائدة الحقيقي بالفارق بين العائد على الأذون والسندات الحكومية ومعدل التضخم.

تثبيت الفائدة يحافظ على تحويلات المصريين بالخارج

وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إنه على الرغم من أن أسعار الفائدة الحقيقة في مصر قد تتيح للسلطة النقدية إجراء خفض جديد، لكنها قد تفضل الاستمرار على المستوى الحالي لأسعار الفائدة، دعما لمدخرات القطاع العائلي بإتاحة عوائد مميزة على مدخراتهم، بما يضمن لهم دخلا ثابتا يساعد على خلق طلب مشتق على السلع والخدمات، فلا إنتاج دون استهلاك.

وأضاف: أن تثبيت الفائدة يحافظ أيضا على تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وتدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين المحلية.

وأوضح نعمان خالد، محلل الاقتصاد الكلي لدى "أرقام كابيتال"، أن دوافع الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع اليوم أقوى من الاجتماعات السابقة، إذ يراقب المركزي عن كثب موجة التضخم العالمية والتي تلقي بظلالها على أرقام التضخم محليا، علاوة على أن المخاوف من متحور أوميكرون وإجراءات مواجهته من قيود السفر والإغلاق وغيرها ستكبح وتيرة التضخم العالمي إلى حد ما، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى استدامة النمو الاقتصادي في بعض الدول.

توقعات بارتفاع أسعار الفائدة بسبب المستجدات العالمية

ويقول خبراء اقتصاديون إنه في حالة إذا اتجه البنك الفيدرالي الأمريكي بزيادة أسعار الفائدة - وهو أمر متوقع - في ظل زيادة مستويات التضخم في الولايات المتحدة، سيؤثر على معدلات الفائدة في مصر والتي قد تتجه لزيادة أسعار الفائدة خلال الربع الأول من العام المقبل.

وفي السياق ذاته، كانت أحدث مستجدات الظروف العالمية ما أعلنه الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أمس في نهاية اجتماعه، أنه سيضاعف وتيرة خفض مشترياته من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري إلى 30 مليار دولار شهرياً، مما يمكنه من إنهاء البرنامج في أوائل 2022، بدلاً من منتصف العام كما كان مخططا من قبل.

وتشير توقعات المسؤولين بالفيدرالي أن تكون هناك ثلاث زيادات في أسعار الفائدة خلال العام المقبل، بواقع ربع نقطة في معدل الأموال الفيدرالية القياسي، ومثلها في عام 2023، ثم زيادتان في عام 2024.

أثر سعر الفائدة على المستهلك

سعر الفائدة له أثار طويلة الآجل على كل من المستهلك والاقتصاد بشكل عام، حيث لا يظهر تأثير التغير في سعر الفائدة على الفور، بل يحتاج إلى نحو عام قد يبدأ تأثيره في الظهور على الاقتصاد والأفراد، وبالتالي عند رفع سعر الفائدة يصبح الاقتراض مكلفا، فتخفض الأعمال استثماراتها ويقلل الأفراد من إنفاقهم الاستهلاكي، فمثلا يصبح قرض السيارة أو البيت أغلى أقساطا فيتردد الفرد في الشراء، ويصبح تمويل المشروعات أعلى كلفة فتقلل الأعمال الأجور والوظائف.

البنك المركزي وخفض معدلات التضخم

أصدر البنك المركزي المصري، حزمة تحفيزات للشركات الصغيرة تتضمن التيسيرات مد الفترة التي يتم على أساسها تصنيف العميل متعثرًا من قبل البنوك، ذلك بالإضافة إلى ضرورة قيام البنوك بإعادة هيكلة التسهيلات الائتمانية للعملاء المتعثرين وفقًا لتدفقاتهم النقدية وقدراتهم على السداد مع طرح البدائل التي من شأنها مساندتهم بما يتضمن زيادة مدد التسهيلات وإعادة هيكلة الأقساط المستحقة وكذا منحهم فترات السماح المناسبة، بالإضافة إلى وضع إطار زمني محدد تقوم البنوك خلاله بإعدام التسهيلات غير المنتظمة.

ويستهدف البنك المركزي المصري، تحديد معدل التضخم المستهدف في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022 عند 7% (±2%) مقارنة بـ 9% (±3%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2020، مع توقعه أن تتأثر المعدلات السنوية للتضخم بالتأثير السلبي لفترة الأساس وذلك خلال عام 2021، إلا أنها ستستمر في تسجيل معدلات قريبة من منتصف نطاق المعدل المستهدف والبالغ 7% خلال عام 2022.

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن في بيان له يوم الخميس الماضي، انخفاض معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية للشهر الثاني في نوفمبر إلى 6.2% مقابل 7.3% في أكتوبر الماضي. وانخفض معدل التضخم العام السنوي في المدن إلى 5.6% خلال نوفمبر مقابل 6.3% في أكتوبر.كما سجل معدل التضخم العام الشهري خلال نوفمبر صفر% لإجمالي الجمهورية مقابل معدل 1.7% خلال أكتوبر، وفقا للإحصاء، وبلغ المعدل في المدن 0.1% مقابل 1.5% في أكتوبر.